رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مجلة الإذاعة والحوار المجتمعى!!


الأغرب، حديث رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات وقوله تعقيباً على كلامى «على فكرة الرقابة التابعة هى مسئولية مكاتب وزارة المالية وليس لنا علاقة بما يعملون»

سعدت بدعوة مركز معلومات مجلس الوزراء للمشاركة فى جلسة حوار مجتمعى أو وطنى تشاركى تفاعلى تمازجى توافقى ديمقراطى، وكما تشاء عزيزى القارئ قُل عن أحلام مواطن يُدعى لجلسة حوار حول الفساد «وما أدراك ما الفساد».. قل ما تشاء فالملف مُتخم، ولو سألت أول سائق تاكسى تركبه عن الفساد ها يقولك كما قاله لى الكثير منهم «بس لا مؤاخذة يا بيه فعلاً مصر دى محروسة وحكايتها حكاية.. فعلاً مبروكة... طوال أيام الريس السادات وحكايات القطط السمان وفضايح حيتان الأمن الغذائى، وكان يقولك اللى مش هيسرق وينتهز زمن السادات يبقى عليه العوض وفعلاً النهب كان شغال، أما زمن مبارك يا بيه أيامه كانت شبه بعضها.. كآبة، وعمره ما بين كرامة لشعبه مع إن الكبار كانوا بيغرفوا، وفعلاً بعد اللى سموها ثورة يناير اتقطع عيشنا والدنيا راحت من بين أيدينا وجه العسكر ومن بعدهم الإخوان وكلمونا عن مليارات الفاسدين المفسدين بتوع مبارك ونظامه اللى راجعه وقعدنا نحلم ونحلم وطلع حلمنا زى مشروع النهضة اللى الإخوان صدعونا بيه سراب.. لكن يا بيه رغم كل النهب ده لسه النيل بيجرى ولسه لا مؤاخذة الخير فى الأرض وفى كل حتة فى مصر، وأنا مش مع سعاد حسنى لما غنت الهند أم العجايب، أمال نسمى بلدنا دى إيه بعد كل المليارات اللى شفطوها اللى ما يتسموا ولسه عايشين.. صحيح إحنا عايشين ومش عايشين لكن يا بيه حجم الخراب كان فوق الوصف ويظهر إنه مالوش قفلة.. لا مؤاخذة دوشتك يا بيه لكن شكل حضرتك بكمية الجرايد اللى شايلها دى مهتم بالسياسة والحاجات دى».

أعود لجلسة الحوار، بعد كلام الأكابر قررت أن أُنحى جانباً ما تصورت أهمية أن يُطرح ووجدت رؤية السائق الجميل هى الأرجح رغم تشاؤمها، حيث اكتشفت فعلاً أن الوصول لقفلة لمنظومة الفساد حكاية شبه مستحيلة، لقد حدثونا فى الحوار عن تشريعات يتولى وضعها وزارة العدل وحدها، ولا وجود ولا اعتبار لوزارات التنمية الإدارية «وهى التى قدمت ونفذت العديد من الحلول فى عهد الدكتور أحمد درويش وزير الزمن المباركى عبر نظم إلكترونية رائعة تفصل طالب الخدمة عن مؤديها على سبيل المثال وبنجاح فى خطوات أولى لم يُتح له استكمالها، على سبيل المثال»، وأيضاً بغير تمثيل للمحليات التى أجمع كل الخبراء على أنها بيت الداء، ولا حس ولا خبر لدور الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة «والذى ساهم بشكل هائل فى العصر المباركى فى تمكين نظم الفساد الإدارى وهى البوابة الملكية للفساد المالى عبر آليات تعيين وترقيات ونظم تدريبية فاشلة، وغياب لدعم نظم لإدارة الأزمات، بل والأخطر الفشل فى نظم إدارة الصيانة فى المؤسسات الحكومية، فخسرنا المليارات من الأموال بعد تلف وسائل الإنتاج والأدوات والأجهزة فى عمر هو الأقصر عالمياً والتسبب فى كوارث القطارات على سبيل المثال التى تتسبب فى إهدار الأرواح أيضاً، أما المخزون الحكومى فحدث ولا تصمت ألماً عزيزى القارئ، وأضرب لك مثالاً حكيته للحضور بجلسة الحوار عن جامعة عريقة بها 22 كلية قامت واحدة من إداراتها بشراء عدد هائل من أجهزة الكمبيوتر فى بداية مشاريع الميكنة الإلكترونية، ولظروف وجود مدير فاشل لتلك الإدارة لم يبادر بتدريب موظفيه وخشى من تلف الأجهزة، وعليه ظلت فى عليها حتى لم تعد صالحة للاستخدام، لأن العصر تجاوز نظمها ولم يعد لها قطع غيار وليس لها صلاحية انتقال ما يُعد عليها من كتابات ومعلومات للتداول، ويحدث ذلك بينما هناك العديد من الكليات كان لديها الكوادر المدربة والتى تم صرف ميزانيات هائلة لتدريبها ولم يعد لديها إمكانات مالية لشراء أجهزة وبجلسة تم عقدها كان تكهين عدد هائل من الأجهزة عبر لجنة تقاضت أجرها والله أعلم إذا كان هناك ما تم إنفاقه أو تفويته تحت مناضد المفاوضات، وذلك لسبب بسيط أنه لا توجد أنظمة للتعريف بكم المخزون فى كل هيئة ونوعيات ووصف ذلك المخزون.. إنها بعض جرائم ذلك الجهاز الذى احتفظ رئيسه بمنصبه لفترة طويلة فى العصر المباركى وكل فترة حكم العسكر وفترة لا بأس بها فى زمن الإخوان ويا للغرابة فقد شعر الرجل بظلم هائل عند تنحيته ولله فى خلقه شئون!!

هكذا غاب كل ممثلى تلك الهيئات، فإذا أضفنا غياب ممثل لوزارة الإعلام التى ينبغى أن تعى رسالتها المهمة فى تلك المرحلة الحرجة فى فضح الفاسدين وكشفهم وملاحقة مؤسساتهم وألا يتم الاحتفاء برموزهم عبر الوسائط الإعلامية أو مساندتهم فى ترويج منتجهم الخدمى أو الإنتاجى، وغاب أيضاً عن الحوار من يمثل المؤسسات الدينية من أصحاب القدرة على تعميم تعاليم الرسالات السماوية فى مناهضة الفساد.. بل والأغرب أن الجهة المنظمة لجلسة الحوار، وهى مركز معلومات مجلس الوزراء، لم تكن جاهزة بإعداد بيانات وافية لدعم الحضور بأوراق تشير بشكل علمى إلى حجم الفساد ووضع مصر بين دول العالم من حيث التعامل الشفاف مع تلك النوعية من القضايا، ولا وجود مثلاً لاستقصاء رأى للتعرف على رأى الخبراء ورد فعل الشارع وسبل التعامل السابقة لمنع الفساد، بل والكارثة أنه اجتماع بلا جدول أعمال رغم أن الجلسة افتتحها رئيس الوزراء ووزير العدل ورئيس الجهاز المركزى للمحاسبات!!

الأغرب، حديث رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات وقوله تعقيباً على كلامى «على فكرة الرقابة التابعة هى مسئولية مكاتب وزارة المالية وليس لنا علاقة بما يعملون».. وعندما سألته: أليس من المهم أن تعلم تلك المكاتب بالمخالفات التى تجدونها حتى تركز البوصلة الرقابية فى اتجاه السائد منها من نوعيات الفساد، كما أعرب رئيس الجهاز عن عدم اقتناعه بجدوى عمل تلك المكاتب، لأن وجودها داخل الجهة المعنية برقابتها تجعلها مستأنسة عبر مصالح متبادلة قد تبنى، وواصل حديثه عن الحالة التى جاء والبلاد والعباد عليها من تفش للفساد، وضرب مثالاً «كنت فى زيارة لمبنى الإذاعة والتليفزيون واكتشفت أن هناك مجلة الإذاعة والتليفزيون وعلمت أن النسخة الواحدة تتكلف 22 جنيهاً، بينما ثمن النسخة المعروضة للبيع 4 جنيهات تدفعها الحكومة.. ليه وإيه قيمة المجلة دى لجهاز مديون «والحقيقة كان الرجل غاضباً رغم أن اتحاد الإذاعة والتليفزيون يتحرك فى ميزانيات طائلة لا تمثل خسائر المجلة ما ينبغى التوقف عنده حتى كمثال بالقياس لجوانب الصرف الأخرى.

■ كاتب

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.