رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«جريمة المطرية».. وثقافة القبح


لم أستغرب كثيرًا من الجريمة البشعة التى شهدتها منطقة المطرية بالقاهرة – الخميس الماضى- وطريقة استخراج تمثالى «رمسيس الثانى» و«سيتى الأول»، والتى تكشف وتعبر عن «ثقافة القبح» التى أصبحت تحكم أغلب تصرفاتنا رغم أنها غريبة على مجتمعنا، فشوارعنا تعانى بشكل صارخ من غياب «ثقافة الجمال» وأصبح «التلوث البصرى» يزاحمنا فى كل مكان.



وتواجه مناطقنا ومبانينا الأثرية تحديات كبيرة تهدد هذا التراث العالمى الفريد فى غياب «وزارة الآثار» المنوط بها حماية آثارنا.. وبصفة يومية يتم التعدى على حرم مناطقنا الأثرية وتتعرض القصور الأثرية فى مدننا وقرانا لعمليات هدم منظمة من جانب «مافيا الأراضى» التى تستغل الفساد المستشرى فى المحليات لإزالة هذه القصور التى شهدت جانباً مهماً من تاريخ مصر لإقامة «أبراج سكنية» عليها.

والخطورة الحقيقية تكمن فى استغلال بعض القوى والمنظمات فى الخارج ما حدث فى المطرية لشن حملة تشويه ضد مصر، وإظهار «الحكومة المصرية» أمام العالم بأنها تتعامل مع الآثار بصورة تتنافى مع ما استقرت عليه المواثيق الدولية.

وجميعنا يتذكر ما حدث عندما أقدمت «حركة طالبان» على تحطيم تمثال «بوذا» فى أفغانستان، وردود الأفعال الدولية التى واكبت هذا الحادث.. وبالطبع ما حدث الخميس الماضى فى المطرية لا يرقى إلى «كارثة طالبان» ولكن يمكن أن نسميه «ممارسات خاطئة» من قبل بعض الأثريين، ولكن كالعادة سيستغل «كارهو مصر» هذه الممارسات وسيعملون على تضخيمها وتصديرها على أنها «سلوك دولة» معاد للحضارة العالمية.

وأدعو المهندس «شريف إسماعيل» رئيس الوزراء بضرورة التحرك العاجل من خلال تشكيل لجنة محايدة لبحث «واقعة المطرية» على أن تقدم اللجنة تقريرًا عن ملابسات الحادث خلال 48 ساعة من تشكيلها، واتخاذ إجراءات فورية ضد مرتكبى الواقعة لضمان عدم تكرارها، ومخاطبة «اليونسكو» للتأكيد على أن مصر تحترم تراثها وأن ما وقع فى المطرية هو «ممارسة خاطئة».

وأتمنى أن تكون «واقعة المطرية» بداية للتعامل بحرص مع ملف «الآثار المصرية» فليس مقبولًا أن يهتم العالم بآثارنا أكثر منا.. فعلم «المصريات» يدرس فى مختلف جامعات العالم، فى حين أن آثارنا تتعرض لتهديدات غير مبررة من جانب بعض الفئات التى تبغى الثراء السريع دون مراعاة الصالح العام.. وعلى الحكومة أن تسعى لتقديم مشروعات قوانين لتشديد عقوبة التعدى على الآثار.