رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحلم الذى تبدد فى كنيستنا «33»


حرص البابا شنودة الثالث- طوال فترة بطريركيته- على الاهتمام بقراءة إنجيل القداس وبالأخص فى عيدى الميلاد والقيامة باللغة القبطية حتى يستمع الحاضرون من مسئولين وأجانب إلى تلك اللغة الجميلة التى يتحدث بها الأقباط والتى تمثل المرحلة الرابعة من اللغة المصرية القديمة.

ليس هذا فحسب، بل إنه حرص- فى لقائه مع الكثيرين من الأجانب- على إيضاح أن كثيرا من الكلمات الإنجليزية والفرنسية المستخدمة يعود أصلها إلى كلمات قبطية.

وقد حضرت بعض هذه الجلسات فى لقائه مع رئيس جامعة لورانس التكنولوجية بمدينة ديترويت الأمريكية ومعه بعض من أعضاء هيئة التدريس. وفى أمثال تلك اللقاءات كان يهتم بوجود بعض من أعضاء هيئة تدريس الجامعات المصرية فى مقابلاته مع أساتذة الجامعات الأجنبية، وحرص على وجود من يجيدون اليونانية من أبناء الكنيسة القبطية فى مقابلاته مع المتحدثين باليونانية من اليونان وقبرص، ومن يجيدون الألمانية من أبناء الكنيسة القبطية فى مقابلاته مع المتحدثين بالألمانية، وهكذا.

ومن ثم كان تمثيل الكنيسة القبطية مع الجاليات الأجنبية تمثيلًا مُشرفًا. وأذكر أنه بعد لقاءاته المتعددة مع الجاليات الأجنبية كان يجلس مع أولاده- بأبوة معهودة- ويناقش معهم الحوارات التى تمت فى اللقاء وما يمكن استثماره فيما بعد لصالح الأقباط المقيمين بدول المهجر. لذلك- كأب- كان يضع فى ذهنه مصالح أولاده الأقباط بالخارج.

فى عام 1977 وبالتحديد فى شهر أبريل قام بأول زيارة يقوم بها بطريرك قبطى لأمريكا الشمالية (الولايات المتحدة الأمريكية وكندا) لرعاية ومتابعة أحوال الأقباط هناك بعد أن تم تأسيس الكنيسة القبطية فى المهجر عام 1964- فى عهد البابا كيرلس السادس - وذلك بإيفاد القس مرقس الياس عبدالمسيح مرقس لرعاية أقباط تورنتو (كأول كاهن قبطى يسافر لرعاية أقباط المهجر) فكان يجول فى المدن الكندية والأمريكية، ثم فى عام 1965 تم إيفاد القس غبريال أمين عبدالسيد لرعاية أقباط نيوجرسى، ثم فى عام 1967 تم إيفاد القس روفائيل يونان نخلة لرعاية أقباط مونتريال بكندا.

وفى عام 1968 تم إيفاد القمص بيشوى كامل (كاهن كنيسة مار جرجس بإسبورتنج بالإسكندرية) لرعاية أقباط لوس أنجلوس الأمريكية. وبعد ذلك- فى عهد البابا شنودة الثالث- انتشرت الكنائس القبطية بالمهجر، ومن هنا اهتم بزيارتهم والتعرف على أحوالهم على أرض الواقع. كنت وقتها طالب دكتوراه بإحدى الجامعات الكندية، وكانت الصحف الكندية والأمريكية تنشر باهتمام وبالصور أخبار تلك الزيارة وبعض الأحاديث الشيقة التى أدلى بها البابا شنودة.

وفى أثناء زيارته للولايات المتحدة الأمريكية كان هناك لقاء مع الرئيس الأمريكى «جيمى كارتر» بالبيت الأبيض. وفى هذا اللقاء وجه الرئيس الأمريكى سؤالًا إلى البابا شنودة: «ما رأيكم فى عبارة شعب الله المختار؟»، وهنا انبرى المُعلم الماهر بإجابة أكثر من رائعة فقال بتلقائية معتادة: (يا سيادة الرئيس.. لو أن إسرائيل هم شعب الله المختار، فمعنى هذا أن سيادتكم وأنا لسنا من شعب الله!!). سُر جدًا الرئيس كارتر بتلك الإجابة. كان يحضر هذا اللقاء السفير المصرى القدير الأستاذ أشرف غربال، الذى أبلغ الرئيس السادات بتفاصيل هذا اللقاء مما أثلج صدر الرئيس، وبعد عودة البابا شنودة إلى أرض الوطن فى يوم الأحد 22 مايو 1977، استقبله الرئيس السادات وشكره على كلماته الطيبة، واعتبره سفيرًا مصريًا حقيقيًا بالخارج.. اهتم طوال فترة حبريته بترك بابه مفتوحًا لاستقبال فقراء شعبه والاهتمام بهم. ولم تثنه أمراضه العديدة وشيخوخته عن الاجتماع بالفقراء. وقبل رحيله فى 17 مارس 2012 جاءتنى مكالمة تليفونية هامة من ألمانيا!!.. نستكمل فى الحلقة القادمة.