رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

النقابات والدفاع عن حقوق العمال


للنقابات العمالية مسيرة كبيرة عبر التاريخ للدفاع عن حقوق العمال. لقد تشكلت معظم تلك النقابات فى أعقاب إضرابات أو احتجاجات كبرى من أجل الدفاع عن المطالب العمالية الشائعة، مثل تحسين شروط العمل وتحديد ساعات العمل وتحقيق ضمانات للعمال. وفى مصر كان تأسيس أول نقابة، نقابة عمال لفافى التبغ بعد إضرابهم الشهير عام 1899.



ومع اشتداد قسوة ظروف العمل فى السنوات الأخيرة، وبعد سياسات الانفتاح الاقتصادى والاندماج فى الاقتصاد الحر والسوق العالمية، وكذلك انتهاج سياسة القروض من مؤسسات التمويل الدولية مثل البنك والصندوق الدوليين، والخضوع لشروطهما فى خصخصة وبيع ممتلكات الدولة ورفع الدعم عن السلع الأساسية تم تشريد العمال وارتفاع جميع أسعار السلع وتهديد المستثمرين الأجانب بفصل العمال وتشريد عدد كبير من النقابيين الذين يدافعون عن حقوق العمال ضد ظلم واستغلال أصحاب رأس المال.

ومن العجب العجاب فى دولة مصر أن تنحاز الحكومة والسلطة مع بقية أجهزة الدولة وعلى رأسها جهاز الأمن، ينحازون جميعًا إلى المستثمرين أصحاب الأعمال على حساب العمالة المصرية. كما تم تحويل عدد كبير من العمال والنقابيين إلى المحاكمات والتنكيل بهم وبأسرهم، بل وإجبارهم على الاستقالة، وذلك وفق بلاغات معظمها كاذبة من أصحاب العمل. هذا غير تجريم العمال إذا مارسوا حقهم فى الإضراب، والذى هو حق دستورى بموجب المادة 15 فى الدستور، وحق يعترف به العالم وفقا للمواثيق والاتفاقات الدولية المنظمة لعلاقة العمال بأصحاب العمل.

ونجد مثالا على ذلك ما انتهجه الأمن مؤخرا مع عمال شركة «إفكو مصر لتصنيع الزيوت النباتية بالسويس»، والمملوكة لأحد المستثمرين الهنود، وذلك باقتحام قوات الأمن المصنع فجر 2 يناير 2017 لفض اعتصام عدد من عمال الشركة، فى انحياز واضح من الدولة للمستثمر فى مواجهة العمال. وتم ذلك الاقتحام بأكثر من خمسين عربة أمن مركزى مصحوبة بالكلاب البوليسية، هذا غير مداهمة أجهزة الأمن منازل أعضاء النقابة ومنازل أقاربهم وكأنهم جماعة إرهابية، لمطاردتهم والقبض عليهم.

كانت مطالب عمال الشركة التوزيع العادل للمبلغ المخصص للعلاوة الاجتماعية باعتبارها علاوة خاصة تعينهم على أعباء المعيشة التى زادت بالارتفاع الجنونى للأسعار بعد قرارات الحكومة الأخيرة بتعويم الجنيه ورفع أسعار الطاقة من كهرباء وسولار وبنزين وغاز.

تم تقديم قيادات العمال للمحاكمة، وبالرغم من حصولهم على حكم البراءة فى 29 يناير 2017، فصلت الشركة عددًا من العمال والنقابيين ولم تعد الشركة حتى الآن خمسة عشر عاملاً.

واقعة ما تم مع عمال شركة إفكو لم تكن الأولى فى الفترة الأخيرة، ولكن يتم انتهاج ذلك بانتظام مثلما تم مع عمال شركة الترسانة البحرية بالإسكندرية، ورغم أنهم عمال مدنيون فقد تمت محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية. أيضا عمال شركة النقل العام الذين قبض عليهم بتهمة التحريض على الإضراب، رغم أن الإضراب لم يتم وكانت هناك مفاوضة جماعية بين العمال وأصحاب العمل لحل المشكلات.

نضيف إلى ذلك ما جرى مؤخرًا مع عاملات شركة المحلة للغزل والنسيج من تهديد بالفصل عند استئناف إضرابهن نتيجة لمطالبهن العادلة والخاصة بعلاوة 10% لمواجهة زيادة الأسعار، مع مطلب زيادة بدل الوجبة الغذائية لتتواكب مع زيادة تكاليف المعيشة، والمطلب الثالث إضافة 220 جنيهًا علاوة سابقة مجمدة إلى أساسى الأجر حتى يستفاد بها عند حساب الإضافى والحافز، كما جاء فى حكم المحكمة العمالية بدائرة المحلة.

إننا نتضامن مع كفاح العمال المصريين ضد استغلال أصحاب العمل من المستثمرين، ونطالب بعودة العمال النقابيين المفصولين أو من تم إجبارهم على الاستقالة، حتى يستقر المجتمع على أسس العدالة.

ونتناول فى المقال المقبل أهمية المنظمات النقابية من أجل الدفاع عن حقوق العمال ومن أجل تحقيق توازن مجتمعى بين العمال وأصحاب الأعمال، وحماية حقوق العنصر الأضعف فى علاقات العمل. كما سنتناول مشروع القانون المقدم من الحكومة عن حق التنظيم النقابى نظرًا للعوار الذى شاب الكثير من مواده مخالفا للدستور والمعايير الدولية.