رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد الباز يكتب: مصر صباح 12 فبراير 2011


لا حرج علىّ إذا قلت لكم إننى بعد سماع كلمة السيد عمر سليمان التى أعلن بها تخلى مبارك عن منصبه وجدتنى محبطًا ومكتئبًا، ليس لأن الثورة نجحت بتحقيق أول مطالبها وهو رحيل مبارك، ولكن لأننى كنت أرى ما سوف يحدث.

عندما كانت الثورة قائمة والهتافات فى ميدان التحرير لا تنقطع، كتبت تقريرًا مطولًا، خلصت فيه بالوقائع إلى أن جماعة الإخوان ستكون المستفيد الأول والأخير من رحيل نظام مبارك، ولأننى أعرف هذه الجماعة كما أعرف خطوط كف يدى، خفت على القادم، لأنه فى نظرى وقتها لم يكن أمنًا واستقرارًا بقدر ما كان عنفًا واضطرابًا.

أعرف عن شعبنا الطيب أنه يتفق تماما فيما لا يريده، اتفقوا على رفض مبارك، لكنه يختلف ويتباين ويتناقض فيما يريده، فلم يتفقوا على شكل الدولة بعد مبارك، وهو ما جعلنا ندفع كثيرا من وقتنا وجهدنا وأعصابنا وأبرياءنا، ما كنا نحتاجه فى معركة بناء وطن تم استنزافه لأكثر من ثلاثين عامًا.

مساء ١١ فبراير أخذت الطريق سيرًا على الأقدام من المهندسين إلى ميدان التحرير، رأيت رقصًا وصخبًا وهتافات تحتفل بالنصر الكبير، نظرت إلى الوجوه المتطلعة لِغَدٍ أفضل، وأشفقت على الجميع، فالغد الذى كنت أتوقعه لم يكن أفضل على الإطلاق، فقد انتهت مرحلة التكاتف، وبدأت مرحلة الصراع التى ستطحن الجميع تحت أقدامها، وكان هذا ما حدث تحديدًا.

صباح ١٢ فبراير ٢٠١١ انتهت الثورة الطاهرة التى روى الأبرياء أرضها بدمائهم، وبدأت المؤامرة التى اشترك فيها الجميع، حيث بدأ التخطيط لاقتسام كعكة السلطة والثروة والنفوذ، وهو تخطيط قرر كل طرف ألا يرحم فيه الطرف الآخر.

لقد كان هذا اليوم هو فاتحة الجحيم الذى أطل برأسه علينا، بدأت بعده سنوات من الاستنزاف، ولم يكن أحد رحيما بهذه الأرض الطيبة، كلنا مدانون لا أستثنى أحدًا، ففى غمرة الصراع الذى لم ينته قرر كل واحد منا أن يحمى رأسه، ولتذهب كل الرءوس إلى الجحيم، سيطرت الريبة وساد الشك، وأصبحنا نعيش فى غابة يأكل فيها القوى الضعيف، ولم نستعد أنفسنا إلا عندما قررنا إزاحة من زرعوا الأشواك فى حديقة بيتنا الطاهرة.

لا تستهينوا بما جرى، كان مهمًا أن يحدث حتى نفيق، ونعرف أن هناك من يخطط لاختطاف وطننا، تعبنا نعم، وقفنا على حافة الجنون نعم، لكننا استعدنا الأرض، التى يجب أن نحافظ عليها، لأن هناك من يصر على أنها من نصيبه وحده، وهو وهم كبير يعيشه أصحابه، فاقطعوا عليهم الطريق، حتى لا نجد الأعداء ينامون فى فراشنا من جديد.