رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد الباز يكتب: أحمد شفيق يُهددنا.. حصل لنا الرعب يا سيادة الفريق


طبقًا لتصريحات صحفية منسوبة للفريق المراوغ أحمد شفيق، فإنه ينفى أى اتصالات جرت بينه وبين عدد من رموز الحركات السياسية المصرية، بشأن رغبته فى التنسيق من أجل الترشح فى انتخابات الرئاسة ٢٠١٨.

من المفروض مهنيًا وطبقًا للقواعد المرعية أن نصدقه، فهو مصدر القصة الإخبارية الأول، وما دام تحدث بهذا الحسم، فعلينا أن نصمت له ونخضع، خاصة أنه لم يكتف بالنفى، بل هدد وتوعد بأن يقف بنا أمام النيابات والمحاكم، اعتقادًا منه أنه يمكن أن يجعلنا نسكت عنه، معتقدًا أن لديه ما يخيفنا.



وضعية أحمد شفيق فى الحياة السياسية المصرية الآن لا تحتاج إلى تحليل سياسى، بقدر ما تحتاج إلى تحليل نفسى، فهو يشعر بالظلم، اعتقد أنه كان يجب أن يطالب به الشعب رئيسًا بعد ثورة ٣٠ يونيو، التى يروج أنه لعب دورًا كبيرًا فيها من منفاه فى أبوظبى، ولما وجد أن الزمن تجاوزه، وتخطى دوره، هبط بطموحه إلى أنه كان يجب أن يكون أحد ضيوف حفل تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسى، تكريمًا له واعترافًا بدوره، ولما وجد نفسه على الهامش، هبط بطموحه أكثر، فبدأ يتحدث عن مجرد حلمه بالعودة إلى مصر.

هناك من يعتقد كاذبًا أن للفريق شفيق أرضية سياسية فى مصر، ويستطيع استنادًا إليها أن يكون له دور فى قادم الأيام، هو نفسه يعتقد فى هذا، رغم أنه ليس إلا وهمًا كبيرًا، أغلب الظن أنه يسلى نفسه فى تغريبته التى طالت، ليس ترفًا بل خوفًا، فقد هرب من مصر حتى لا يحاصره الإخوان ويدخلوه السجن، خاصمًا من نفسه رصيدًا هائلاً، بأن يخوض المعركة من هنا، كما فعل الجميع.

حالة الاضطراب النفسى الهائلة هى التى تدفع شفيق إلى تحركات سرية ومريبة، يتواصل خلالها مع من يعتبرهم رموزًا للحياة السياسية، متوهمًا أنهم يمكن أن يكونوا له عونًا فى معركة سياسية مستحيلة، وعندما نكشف جانبًا مما جرى، يسارع بالتكذيب والنفى والتهديد والوعيد، معتقدًا أننا يمكن أن نخشى وجهه الغاضب، وهو وجه لم يخف أحدًا فى أى يوم من الأيام، حتى يخيفنا الآن.

لم ننشر قصة اتصالات أحمد شفيق السرية مع عدد من الرموز السياسية إلا بعد أن جمعنا خيوطها من مصادر كانت قريبة جدًا مما حدث، لم نكن فى حاجة إلى فبركتها أو اختراعها من عند أنفسنا، ولو كنا فعلنا ذلك لحجبنا أسماء أبطالها، الذين يستطيعون هدمها بكلمة واحدة منهم، لكنهم صمتوا تمامًا أمام ما نشرناه، وهو ما يعنى أن الاتصالات جرت، واللقاءات تمت، والاتفاقات تم التشاور بشأنها.

وإذا أردتم الصدق أكثر، فإننا حجبنا اسم مصدر القصة الرئيسى، لا لشىء إلا لأنه تحفظ بشدة على ما يفعله أحمد شفيق، فهو لا يراه مناسبًا من أى جانب، وهو ما قاله لمن طرحوا الفكرة، بعد اتصالات أحمد شفيق بجورج إسحاق، وهى الاتصالات التى جرت فى أكتوبر الماضى على وجه التحديد، وقال فيها شفيق لمن تواصل معهم إنه «من إيدهم دى لإيدهم دى»، مسلمًا بكل شروط الحركات السياسية من أجل دعمه ومساندته فى معركة سياسية لا يزال معتقدًا أنه قادر على حسمها.

من بين من جاءت أسماؤهم فى اتصالات شفيق ومشاورات من تحدث معهم كاتب صحفى كبير، لا يزال هو الآخر يعتقد أنه قادر على تحريك الحياة السياسية فى مصر وصياغتها كما يريد، وأعتقد أنه متحمس بشدة للبحث عن دور وتأثير وصيد بعض الأضواء التى بدأت فى الانحسار عنه.

نفى أحمد شفيق ما فعله يدلنا على أنه فقد كثيرًا من شجاعته، لم يعد كما كان، وهو معذور فى ذلك كثيرًا، فهو يجبن الآن تمامًا عن المواجهة، لا يصرح بما يريده، يكتفى بأن يطلب دعمًا ممن يعتقد أنهم قادرون على مساندته، رغم أن هؤلاء تحديدًا من باعوه إلى الإخوان قبل ذلك وقالوا إن بينه وبينهم «دم»، فهم لا يزالون على اتهامهم له بأنه كان مسئولاً عما جرى فى موقعة الجمل، فهو كان رئيسًا للوزراء عندما جرت وقائعها على أرض ميدان التحرير، وهى التهمة التى أنكرها أيضًا، وحاول أن يلقى بمسئوليتها على الآخرين.

كنت سأحترم الفريق أحمد شفيق أكثر، لو أنه واجهنا بشجاعة، واعترف بما يريده، وأقر بما فعله، لكنه، كالعادة، يتحرك فى الخفاء، وعندما نكشف ما فعله، يسارع إلى النفى والتراجع والتهديد، وهى أمور كلها بلا قيمة، لأنه هو شخصيًّا أصبح بلا قيمة.