رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قاوم.. ولا تستسلم


ذات يوم وقع حصان أحد المزارعين فى بئر، وكانت البئر جافة من المياه، وبدأ الحصان بالصهيل واستمر ذلك لساعات طويلة...

... كان المزارع خلالها يفكر فى طريقة لإنقاذ الحصان، ولكن لم يستغرقه التفكير وقتاً طويلاً حتى استطاع أن يقنع نفسه بأن الحصان قد أصبح عجوزاً ولم تعد منه فائدة تٌرجى، وأن تكلفة استخراجه قد لا توازى تكلفة شراء حصان جديد، وهنا خطرت للمزارع فكرة بسيطة لا تكلفه أموالاً، ففكر فى أن ينادى جيرانه ويطلب منهم مساعدته فى ردم البئر، وهو بذلك يضرب عصفورين بحجر: دفن الحصان وهو حى، وردم البئر مجاناً دون تكلفة بمساعدة جيرانه، وبالفعل نادى على جيرانه فأتوا وبدأ الجميع العمل بهمة ونشاط باستخدام المجارف والمعاول لجمع التراب تمهيداً لإلقائه داخل البئر، ودفن الحصان، وبدأ العمل وتسارع الكل على إلقاء التراب على الحصان العجوز، ولكن الحصان أدرك ما قد صار الوضع إليه، وأن صاحبه تخلى عنه، وأن الجميعيتسارعون على دفنه وردم البئر، ففكر الحصان بهدوء كيف يخرج من هذا المأزق المؤلم، وفجأة سكت صوت صهيل الحصان، واستغرب القائمون على ردم البئر من عدم وجود صوت للحصان، ظنوه مات وفارق الحياة، فاقتربوا من حافة البئر لاستطلاع السبب فى سكوت الحصان، فوجدوا أن الحصان لا يزال حياً ولكنه كف عن الصهيل وبدأ العمل الجاد فى صمت، فكلما نزل عليهالتراب، هز ظهره ليسقط التراب عنه ثم يضعه تحت قدميه ويعتليه ويقف عليه، وهكذا كلما رموا عليه تراب، نفضه عن ظهره وداسه بأقدامه واعتلاه وصعد عليه، فكثفوا العمل لعلهم يميتوه، واستمروا فى عملهم يهيلون التراب على الحصان بغية دفنه حياً، ولكن الحصان كان يرتفع ويزداد صعوداً لأعلى، وكلما ازداد التراب المُلقى على الحصان كلما ازداد الحصان صعوداً لأعلى، وأخيراً قفز الحصان إلى خارج البئر!!

قارئى العزيز .. الحياة التى نحياها مليئة بالصعاب والآلام، وما أكثر البشر القُساة الذين لا هم لهم سوى نقد الآخرين ومحاولة هدمهم وتشويه صورتهم وتدميرهم بل ودفنهم أحياء إن استطاعوا، ولكن هل نفشل؟!! كلا، لا تستسلم ولا تخنع ولا تركع بل قاوم، وكل مشكلة تواجهك، يجب أن تنفضها عن ظهرك حتى تتغلب عليها، انفضها جانباً وقف عليها، استمر وجاهد وناضل وقاوم لتجد نفسك يوماً فى القمة بدلاً من القاع، لا تتوقف و لا تستسلم أبداً، مهما شعرت أن الآخرين يريدون دفنك حياً، كف عن الصراخ، ربما لا تجد من يستمع لشكواك، وإن وجدت فمن يستمع إليك ربما يتعاطف معك إلى حين من باب المجاملة والواجب، ولكنه قد لا يستطيع أن يمد لك يد المساعدة، لذا التزم الصمت، وكف عن الشكوى وابدأ فى العمل، وثق أن العالم ينتحى جانباً ليسمح بالمرور لشخص يعرف إلى أين يريده أن يذهب!!.