رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ملايين الثورة.. مازالت تطالب


فى الخامس من يونيه 2013 كانت جموع المبدعين من كتاب وكاتبات وفنانين وفنانات وعازفين وعازفات تتجه إلى مبنى وزارة الثقافة الكائن بالزمالك لتعلن الاعتصام ضد أخونة الوزارة، ضد التطرف والتشدد والأفكار الظلامية. تعلن الاعتصام لصد الهجوم على الهوية المصرية والثقافة القومية المصرية وتقف جموع المصريين معهم فى الشارع لترتفع الأصوات إلى السماء بالغناء وتلف الموسيقى الشوارع والمبانى. الشعب يختار مصر الحضارة والفنون. الشعب يريد إسقاط الإخوان.

وفى يوم الجمعة 21 يونيه 2013 تتشح سيدات مصر من أهالى شهداء ثورة 25 يناير 2011 بالسواد أمام بيت الحاكم بأمر المرشد وقتها محمد مرسى فى شارع التسعين بالتجمع الخامس بالقاهرة ومعهم أعداد من المصريين والمصريات للمطالبة بحق الشهداء والقصاص العادل. أصوات الأمهات الحزينة تشق عنان السماء آملين فى استجابة الرب للنداء: «الشعب يريد القصاص العادل»، «الشعب يريد إسقاط النظام».

وتهتز البيوت من قوة أصوات السيدات: «لا إخوان ولا مسلمين، قتلوا أولادنا باسم الدين» فى إشارة إلى سلسلة المذابح التى ارتكبتها ميليشيات الإخوان أمام مقرهم الرئيسى فى المقطم، وأمام قصر الاتحادية، وإشارة إلى الاعتداءات على جنودنا على الحدود ووقوع الشهداء منهم لتروى دماءهم أرض سيناء الحبيبة.

وفى الجمعة 28 يونيه 2013 تتصدر سيدات وبنات مصر مشهد خروج الملايين إلى الميادين الرئيسية استعداداً ليوم الزحف العظيم، يوم 30 يونيه. ولا ننسى مشهد السيدات المصريات وهن يتقدمن الصفوف حاملات الكفن الأبيض على أكفهن هاتفين بأعلى صوت: «مصر يا أم، ولادك، بناتك، رجالك، نسائك، شبابك أهُم، دول علشانك شالوا الهم، دول يفدوكى بالروح والدم». تحركت تلك المسيرة من أمام جامع رابعة العدوية إلى قصر الاتحادية، وكانت تلك المسيرة الإعلان عن بداية ثورة شعب الثلاثين من يونيه.

وتسطر جموع الشعب ملحمة الثورة استكمالاً لثورة 25 يناير 2011، ملحمة شعب خرج لاستعادة بلده وكرامته، واستعادة استقلال إرادته. ملحمة شعب خرج ضد التبعية، ضد مشروع تقسيم وتفتيت البلاد العربية وفى القلب منها الدولة المصرية، ضد المشروع الصهيو-أمريكى الإخوانى ومساعدة بعض الدول الأوروبية، ومساندة وتمويل قطر وتركيا، مشروع الشرق الأوسط الجديد.

ملحمة شعب خرج ضد التنظيمات المتأسلمة المتطرفة المتشددة التى أشعلت الفتن عبر البلاد و قسمت شعب مصر. ملحمة شعب ضد رئيس لسان حاله يقول للشعب «إما أحكمكم أو أقتلكم». ملحمة شعب خرج للمطالبة بتحقيق أهداف ثورة يناير المتمثلة فى العدالة الاجتماعية بالتنمية والإنتاج وتوفير فرص العمل وتوفير أجور عادلة لحياة كريمة. خرج للمطالبة –وما زال يطالب- بحقه فى الحياة، أى حقه فى الصحة والتعليم والسكن والغذاء والكساء والمياه النظيفة والكهرباء والصرف الصحى وطرق ووسائل انتقال آمنة وأسعارها فى متناول الجميع. خرج للمطالبة –وما زال يطالب – بدولة المواطنة يعيش فيها الكل بلا تمييز كما يقول دستورنا «المواطنون أمام القانون سواء».

دولة صون الحريات. حرية التعبير السلمى بجميع أشكاله، وحرية الفكر والعقيدة والإبداع، وحرية الصحافة والكتابة والنشر. ملايين الشعب ما زالت تطالب بالعدالة الانتقالية الناجزة ومحاكمة الفاسدين والخونة والقتلة، والقصاص العادل للشهداء.

مازالوا يطالبون بالإفراج عن الشباب الذى تظاهر سلمياً للتعبير عن رأيه. ومازال العمال يطالبون باسترداد كل المصانع والشركات التى تمت إعادتها بأمر المحكمة، وتشغيل هذه المصانع وعودة العمال، مازالت تطالب بتحقيق العدالة الضريبية بفرض الضرائب التصاعدية وترشيد إنفاق الحكومة على دواوينها وكبار موظفيها ومستشاريها وترشيد الاستيراد لتوفير الأموال للتنمية بدلاً من الاقتراض وزيادة الديون.

الملايين التى خرجت ترفض المصالحة مع الخونة والقتلة الذين مازالوا يحرقون الكنائس والبيوت ويعتدون على الأرواح والممتلكات، ترفض المصالحة مع الإرهابيين القتلة، الملايين مازالت تردد فى جنازات الشهداء: «لا إله إلا الله، الإخوان أعداء الله».