رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفن.. والمجتمع


أهمّ ما تركه الإنسان على وجه الأرض، هو فنونه التى أبدعها، من خلال حضارته التى عاشها، وعبر عنها،مما ساعد على تطوير البشرية للأفضل. وعلى ذلك فإن الفن هو تعبير إنسانى يدلّ عن مرحلة من مراحل الوعى. وهو أداة تثقيف وتواصل، لأنّه يعتبر من مكملات الخطاب الشفهى، ويمثل وسيطاً بين أفراد المجتمع الواحد ويبين المجتمعات ككلّ. الابتكارات والاختراعات التكنولوجيّة الحديثة، كانت خيالا فى عقول الفنانين، وعبروا عنها فى رسوماتهم وكتاباتهم وخيالهم الإبداعى . مما سهل الحياة على الإنسان.

من خلال الفنون يمكن قياس تقدم الشعوب وحضارتها، فمن المعروف أنّه فى الحضارات القديمة، كان من أهم ما تركته للبشرية هى الفنون، التى تمثلت فى النحت والتصوير والرسوم على الحوائط والمصاطب والمسلات وحوائط المعابد وغيرها. للفن دوره المهم والفعال والواضح، فى حياة الفرد، مهما حاول البعض أن ينكر، سواء من المتدينين أو السلفيين، فتأثر الشخص بالموسيقى، والرسم، والأنواع المختلفة من الآداب المكتوبة، أو الآداب المسموعة كالشعر والمسرح والغناء،واضح، والعديد من الأشخاص، يلجأون إلى الاستماع للموسيقى، أو الغناء كوسيلة للترويح عن النفس.

فالفنّ حسب ما رآه العالم النفسى الشهير فرويد، يمثل نتاجاً ثقافياً، لأنّ أساس الثقافة الكتب، إن هذا الأخير يؤسس الثقافة والفنان، حيث يقوم بتحويل دوافعه إلى اللاشعور، تجاه التعبير عنها بالفنّ. فلا نستغرب إذن أن يكون الفنان من بين الأقليّة التى تسهم فى صنع الحضارة، لأنه  على علاقة وثيقة بالمحيط الاجتماعى،  فمن الواقع ينطلق بحثه، وإلى الواقع تتجه أفكاره، فهو من هذاالمنطلق يلعب دور المختصّ فى علم النفس، الذى يكشف عن الحالات المرضية من خلال  المعاينة والتشخيص، ويقدم لهم  الشفاء انطلاقاً من إبداعه فى نتاجه الفنى. وفى الحقيقة فإن الرموز والإشارات التى يستعملها الفنان فى أعماله الفنية، هى بمثابة لغة التواصل والتبليغ، وهى أدوات ووسائل، يستطيع الفنان بواسطتها، نقل أفكاره وتوضيح دوافعه وميوله، التى تتضمن فى الوقت ذاته القيم الاجتماعية والدينية والأخلاقية والإيديولوجية، التى يتميز بها عن غيره، ومن الجدير بالذكر أنّ المخزون الرمزى الكبير لدى الفنان ينعكس فى أعماله الفنية بشكل متماسك ويعبر بقوة عن الأفكار والمعانى والتصورات التى تربط الإنسان بمحيطه الطبيعى والاجتماعى. يعمل الفن كوسيلة مهمة فى تكوين وعى الإنسان بالقضايا المهة الكبرى، المتعقلة بالإنسانية أو الوطن، أوالصفات الحميدة، التى يجب أن يتحلى بها، أو حتى تلك الجوانب والصفات السيئة والسلبية، التى يريد المجتمع أن يتخلص منها، فأغانى وقصص الأطفال على سبيل المثال، والرسومات، هى الوسيلة التعليمية الأولى، التى تتكون منها أفكاره عن الصدق، والوفاء، والرأفة بالحيوان، والحبّ. توجد أنواع مختلفة من الفنون والآداب، تؤثّر فى الأشخاص الذين يمتنعون عن الاستماع للموسيقى أو مشاهدة المسرح، أو السينما؛ لوجود وازع دينىّ، تتمثل تلك الفنون فى الأناشيد الدينيّة، والزخارف والخطوط والرسوم، التى تحمل الطابع الدينىّ، والعمارات الدينية المختلفة، التى تعدّ أحد أنواع الفنون. أهمّيّة الفن للمجتمع، أودور الفن فى المجتمع، يظهر جلياً من خلال إدخاله إلى النظام التعليميّ، كمادّة أساسية للتلاميذ، يستخدم فيها الفن التشكيلى كمدخل أساسى من مدخلات المعرفة، حيث يتعلم التلاميذ، أسس الرسم و الزخرفة، عملياً ونظرياً، مما يطور من مهاراته الفنية، ويكسبه ذائقة للاستمتاع بالحياة.