رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من أوراق برلمانى مسيحى


إن قناعة البعض، والتى يرون من خلالها المواطن المسيحى وقد اصطف فى جماعة إنسانية منفصلة أمر خطير ..وأرى أنه لابد من تغيير تلك القناعة التى لا تفرق بين تلك الجماعة، والجماعات الممثلة لمهن كالنقابات أو الجماعات الفئوية على أى تصنيف أو مسمى تعريفى فى الشارع المصرى.. وعليه كان المشهد كالتالى عقب كل انتخابات برلمانية، من انتظار من جانب المواطن المسيحى لبيان أعداد الأقباط فى القوائم التى تُقدمها وتُرشحها الأحزاب لعضوية البرلمان، يتبعها حالة إحباط فى الشارع القبطى بعد إعلان النتائج، لنرى بعض ما يجول فى خاطره فى مواجهة ملامح المشهد والتى تطرح علامات استفهام يراها باتت أزلية :

هل وُلِد المواطن المسيحى، وله بالضرورة قرين شبيه له يحمل ذات الجنسية واللون ومحل الميلاد والانتماء لذات التاريخ والجغرافيا والمناخ الفكرى والتراث الإنسانى، ولكن ذلك القرين «الآخر» يختلف معه فى الديانة فقط، وعلى الشبيه أن يقوم بتمثيله فى مجلس الشعب، وفى بعض المواقع ذات المكانة الأعلى ؟!

ولماذا يسأل المواطن المسيحى عن عدد النواب الأقباط .. لماذا النظربشكل طائفى لموضوع التمثيل البرلمانى، رغم أن المجلس فى دوراته فى حقب سابقة، شهد تقدم نواب من إخوتهم شركاء الوطن من المسلمين بتقارير ومشاريع قوانين تاريخية رضى عنها الأقباط مثل تقرير الدكتور جمال العطيفى، ومشروع القانون الذى قدمه المستشار الجويلى عضو المجلس منذ سنوات حول شروط موحدة لبناء دور العبادة، وعلى الجانب الآخر تقدمت نائبة مسيحية بمشروع قانون حول الزواج العرفى؟!

ويسأل قبطى هل ثبت ـ وبالدليل القاطع ــ أن التركيبة الجينية للمواطن المسيحى لا تؤهله بأى حال من الأحوال لممارسة العمل الحزبى والبرلمانى والسياسى عبر آلية ديمقراطية منضبطة باحتراف؟.. أم قد يكون السبب مثلاً أن المواطن القبطى ينمو ويترعرع فى ظل نظام ورعاية كهنوتية يعتمد منهج «على ابن الطاعة تحل البركة »، والطاعة ليست بنت الديمقراطية ولا تشبهها، حتى لو كانت البركة من بين ثمار الديمقراطية ؟.. ربما، وإن كنت أرفض ذلك التفهم بالطبع!، أم لأن النظام الكهنوتى نظام راسخ ومستقر لا يسمح بوجود أى آلية لتبادل السلطة الكنسية، فالكرسى يُفقد فقط عند نياحة صاحب الكرسى، وعليه فلا مجال للعمل الحزبى أو البرلمانى، تصديقاً للفكر الأخضر فى زمن الجماهيرية الليبية «إن الديمقراطية متعددة الأحزاب، هى عار تروج له الحكومات التى تعامل شعوبها «مثل الحمير»، وتنكر عليهم السلطة الحقيقية».. ؟!

ولكن لماذا تمرد على هذا النظام الكهنوتى رموز قبطية مارست العمل الحزبى والسياسى والوطنى باقتدار، وحفل بهم تاريخ الحياة السياسية والبرلمانية منذ عام 1866 وحتى الآن، مثل النواب: جرجس برسوم، والمعلم فرج عمدة دير مواس، وويصا واصف «رئيس مجلس النواب 1934» والذى أًُعيد انتخابه أكثر من مرة، وسنيوت حنا عضو اللجنة التشريعية للحزب الوطنى القديم عام 1913 وصاحب المقولة الشهيرة «الوطنية ديننا والاستقلال حياتنا»، والبابا كيرلس الخامس عضو مجلس الشورى، والذى أعلن أن الإنجليز يمثلون مكمن الخطر على أقباط مصر، وفخرى عبد النور المجاهد الوطنى الذى واتته المنية وهو يقدم 3 استجوابات هامة وخطيرة تحت قبة البرلمان.. ووصولاً إلى منير فخرى عبد النور سكرتير عام حزب الوفد السابق والوزير فى أكثر من حكومة وعصر، والقمص بولس باسيلى أول وآخر كاهن يدخل البرلمان بالانتخاب الحر المباشر.. وعليه فحكاية التركيبة الجينية القبطية والامتثال الكهنوتى مجرد افتكاسات ولا أخيب، أليس كذلك عزيزى قارئ جريدتنا الغراء؟!

هناك دراسة صادرة عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عن الوعى السياسى للمرشحين، خرجت بنتائج تؤكد على أن بعض المرشحين لا يدركون المعنى الأهم للمشاركة السياسية، ولا يدرون آليات العمل البرلمانى، ولا برنامج الحزب المرشحين على قوائمه، فإذا أضفنا أن هناك اختيارات على أساس الهوية الدينية، فالأمر يحتاج إلى مراجعة ووقفة إزاء كل ممارساتنا ذات العلاقة بتفعيل الديمقراطية.