رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الثقافة الجماهيرية ..والعدالة الثقافية


السبت الماضى كان موعدنا مع مؤتمر أدباء القاهرة تحت عنوان «نحو استراتيجية ثقافية جديدة». وتم إهداء هذه الدورة إلى روح الشاعر عبدالرحمن الأبنودى. تم عقد المؤتمر بقاعة سعد الدين وهبة بالهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة الفنان التشكيلى المبدع عز الدين نجيب، وكان أمين عام المؤتمر الشاعر المبدع محمد بغدادى. وليوم كامل كانت المناقشات والحوارات للأوراق التى تم تقديمها للمؤتمر مطبوعة فى صورة كتاب دار النقاش بين من يحملون هموم هذا الوطن من مفكرين ومثقفين ومبدعين يحلمون بإعادة دور مصر الريادى والثقافى والحضارى والتراثى المؤثر فى محيطه المحلى والعربى والدولى، يحلمون بعودة المنظومة التنويرية والتثقيفية والتعليمية والأخلاقية والإبداعية ووصولها إلى كل المصريين وفقاً لتوزيع جغرافى عادل يصل إلى كل بيوت وحوارى وشوارع وقرى ومدن مصر. توزيع عادل يصل إلى أقصى بقعة لأبعد محافظة حدودية وأقصى كفور وعزب ونجوع مصر. توزيع عادل يراعى عادات وتقاليد وموروثات ومأثورات وإبداعات المصريين والمصريات.

لقد شد انتباهى فى بداية المؤتمر حرص الضيوف والمبدعين على الخروج برؤية بعيدة المدى، ورؤى قصيرة يمكن تفعيلها، وحرصهم على إيصال توصيات هذا المؤتمر إلى السيد الكاتب وزير الثقافة الدكتور حلمى النمنم لمناقشة وتفعيل هذه التوصيات وتحويلها إلى واقع فى كل شبر ومكان لمواجهة الأفكار الظلامية المتشددة. فالثقافة سلاح من أسلحة مواجهة الإرهاب مثله مثل أسلحة الجيش والشرطة. وإذا كنا فى حرب حقيقية على الإرهاب فالمواجهة الأمنية لا تكفى وحدها، ولكن التنمية الإنتاجية والتنمية الثقافية والتعليمية أساس للقضاء على الإرهاب. لقد تناولت كلمة الدكتور سيد خطاب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة نقطتين مهمتين من وجهة نظرى. النقطة الأولى الإصرار على تحويل الاسم الحالى «هيئة قصور الثقافة» إلى اسمها الأول «الثقافة الجماهيرية»، والمقصود به الثقافة الشعبية الممتدة عبر أراضى مصر، والغنية بالتنوع الثقافى إبداعياً وحرفياً. والنقطة الثانية كانت حول الحديث عن أن هناك أكثر من 17 ألف موظف من إداريين وفنيين ومبدعين داخل الهيئة التى تضم أكثر من 600 منشأة ثقافية. وكيف يمكن الاستفادة من كل هؤلاء لتحويل بيوت وقصور الثقافة فى مصر إلى خلايا نحل تنويرية فى كل مجالات الإبداع للمرأة والطفل والشباب، وكيفية إعادة تدريب وتأهيل وتوزيع كل هؤلاء العاملين على كل الأماكن حتى تتحقق العدالة الثقافية خاصة فى الأماكن الحدودية والمهمشة، وحتى لا يكون بين جدران هيئة قصور الثقافة من يجلس ولا يعمل. فالمجالات كثيرة ومتنوعة. هناك داخل كل بيت وقصر المكتبة العامة، مكتبة الطفل، قسم المرأة، قسم الحرف والمشغولات اليدوية، المسرح، السينما، الموسيقى، نادى الأدب، نادى العلوم والتكنولوجيا، الفن التشكيلى وغيرها من الأنشطة الثقافية.

نعم نريد خلايا نحل إبداعية تنتشر عبر حدائق مصر لترعى زهور وزهرات مصر من الموهوبين فى سن الطفولة، وترعى الحفاظ على موروثات مصر الحرفية. خلايا نحل تعمل على إضاءة الليالى الثقافية 365 يوماً فى السنة. وإننى أؤمن أن الشعب المصرى يقدر عندما تتوافر الإرادة والأدوات التى تمكِّنه من تحقيق حلمه. ولتحقيق ذلك لابد من أن نطالب جميعا، ويطالب كل المهتمين بالشأن الثقافى فى مصر فى زيادة ميزانية الثقافة فى الموازنة العامة للدولة، والتى لم تكن تتعدى 0.1% من الميزانية، إلى 1% على الأقل من الناتج القومى الإجمالى. وإذا نظرنا فى الدستور الذى أجمع عليه الشعب المصرى نجد أن الثقافة حق لكل مواطن منذ ولادته، ففى الفصل الثالث، والذى يحمل عنوان «المقومات الثقافية» المادة 47 «تلتزم الدولة بالحفاظ على الهوية الثقافية المصرية بروافدها الحضارية المتنوعة». والمادة 48 «الثقافة حق لكل مواطن تكفله الدولة وتلتزم بدعمه وبإتاحة المواد الثقافية بجميع أنواعها لمختلف فئات الشعب دون تمييز بسبب القدرة المالية أو الموقع الجغرافى أو غير ذلك، وتولى الدولة اهتماماً خاصاً بالمناطق النائية الأكثر احتياجاً وتشجع الدولة حركة الترجمة من العربية وإليها». وتتناول المادة 49 التزام الدولة بحماية الآثار، وأن الاعتداء عليها أو الاتجار فيها جريمة لا تسقط بالتقادم. كما تتناول المادة 50 التزام الدولة بحماية وصيانة تراث مصر الحضارى والثقافى المادى والمعنوى بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى. كما تتناول اهتمام الدولة اهتماماً خاصاً بالحفاظ على مكونات التعددية الثقافية فى مصر.

وللحديث بقية