رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جمعيات حماية الدستور


فى أحد برامج التليفزيون والقنوات الفضائية رأينا من يفتخر بإنشاء جمعية لحماية الدستور، وقال المتحدث إن من أهداف الجمعية منع تعديل الدستور، أو اشتراط مدة معينة لاستمرار الدستور، ثم تعديله بعدها. كان المتحدث أحد الناشطين الثوريين...

... الذين ظهروا بعد ثورة يناير 2011. وكان عضوا بمجلس النواب، وفضلاً عن هذا كان شديد الحماس للدستور. وعندما فكرت قليلاً، وجدت نفسى أطرح سؤالاً دون أن انتظر إجابته. هل الدستور يحتاج إلى جمعيات لحمايته؟

ووجدت نفسى أتذكر أن لدينا محكمة دستورية، مهمتها الوحيدة هى التأكد من مطابقة جميع القوانين والتشريعات للدستور وفى مصر. قامت تلك المحكمة بمهتها القضائية على أكمل وجه، وقضت ببطلان قوانين كانت تميل إليها القيادات السياسية فى عهد مبارك. وفى عهد المجلس العسكرى والرئيس مرسى والرئيس المؤقت، ثم الرئيس السيسى. عندما حكمت ببطلان قوانين الانتخابات التى تجرى على أساسها الانتخابات التشريعية. ومازلت تلك القوانين مهددة بعدم الدستورية كما قضت ببطلان قوانين، وبعض مواد قوانين، كلفت ميزانية الدولة مبالغ طائلة لصالح الموظفين والعمال التابعين للجهاز الإدارى للدولة، عندما قضت بحق العامل أو الموظف فى التعويض نقدياً عن حرمانه من إجازاته التى لم يقم بها. وعلى ذلك فإن المحكمة الدستورية مازالت هى الحصن الحصين لحماية الدستور. أما أن تقوم الجمعية بمنع تعديل الدستور، فهذاا ليس من اختصاصها، ولا يحق لها ذلك، وفضلاً عن ذلك لا تتوافر لها صفحة المصلحة عند الالتجاء للقضاء. كل دستور بداخله كيفيه تعديله أو حتى إلغائه، وكل هذا يتم بالإرادة الشعبية، فالإرادة الشعبية وحدها هى التى تسقط الدستور، ووحدها التى تنشئه. وفضلاً عن هذا لا يحق لأى جيل أن يحكم الجيل الذىيليه، أو يكبله بأحكام جامدة، تنفى التطور فى الحياة، فمن حق كل جيل أن يعدل دستوره بما يراه متفقا مع حياته الحاضرة، التى يعيش فيها، ولا يحق للجيل الماضى أن يحتكر التشريع لجيل قادم فلسفة الدساتير قامت أساساً على قابليتها للتطور لتواكب الإيقاع السريع لرتم الحياة فى ظل ثورة علمية واجتماعية هائلة، لا يجب أن نلغيها أو لا نتصور وجودها وبالتالى فكرة حماية الدستور من التعديل فكرة لا تليق بالرقى والتطور الذى يحدث للشعوب.

وكان يجب أن تكون لجمعيات حماية الدستور أهداف أخرى خلاف حماية من التعديل، ومن تلك الأهداف حماية الدستور من العبث بنصوصه أو مخالفتها. والبحث عن القوانين التى صدرت وطبقت وفيها تخالف الدستور، ورفع دعوات بعدم دستوريتها، أو مساندة المضرور من المواد التى تخالف الدستور، ومعاونته قضائياً لرفع دعاوى أمام المحكمة الدستورية للحكم بعدم دستوريتها.

كما أن تلك الجمعيات أمامها مجال كبير لإلقاء الضوء إعلامياً على مواد الدستور، وشرح بعض ما استعصى منها للناس. غير أن أهم هدف كان يجب أن تتوخاه تلك الجمعيات هو بحث تطوير مواده، وبيان المواد التى من شأنها تعرقل أداء الدولة، والمواد التى لم تفعل منه، خصوصاً تلك المواد التى تثير الكثير من الجدل وهى المواد التى تتعلق بحرية التعبير.