رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشعب و نُخب التوهان


الناس فى البيوت والشوارع والأزقة بات يغيظهم ويفرسهم الخطاب النخبوى الفوقى الرذيل عديم الإحساس بهم وبأحوالهم عبر كل وسائط الميديا.. أتذكر فى زمن حكم جماعة إخوان النكد، وفى تلك الفترة العصيبة التى كان يتم فيها الاعتداء على كل مؤسسات الدولة ومنها الكنائس، وعائلات يتم تهجيرها من مساكنها وسلب أملاكها، وبينما شباب ماسبيرو يحييون ويذكرون الدنيا ومعهم كل الشعب المصرى بذكرى أم المذابح «مذبحة ماسبيرو» ولا ينسون شاشة تليفزيونهم والست المذيعة تحرض الناس والجيش هى وقطاع أخبارها برعاية وزيرها آنذاك ضد أقباط مصر، بل وتهين الجيش العظيم الذى يبدو من وجهة نظرها ضعيفاً أمام فيالق الأقباط المدججة بالسلاح فتستغيث بأهل بولاق لنجدته، وعلى جانب آخر يتابع المشاهد والقارئ خبر الرجل الذى طعن زوجته داخل كنيسة بالمحلة الكبرى بمحافظة الغربية لمشاكل زوجية فشلت الكنيسة فى حلها والجدير بالذكر أن «المحلة» تابعة لأسقف الغربية وهو المسئول عن ملف الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس فى الكون «بدون مبالغة»، بل وكمان ممثل الكنيسة الأرثوذكسية فى اللجنة المكلفة بوضع الدستور أنذاك، ونزيد القارئ من الشعر شطرة للنكد فهو الضيف الدائم لبرنامج «بيت على الصخر» الذى يعالج مشاكل البيت المسيحى!!!..

وكمان نتابع بمزيد من الأسف ماينشر حول فيلم يسىء لسيرة رسول الإسلام الكريم وردود أفعال هائلة، وعليه فإن شيخاً سلفياً يقوم بحرق الإنجيل فى وضح النهار مفتخراً مباهياً، ثم يبادر مقدم برامج دينية إسلامية يعرض الفيلم المسىء لرسول الإسلام ليشاهده الملايين ولا يوجه له اللوم بينما يتم الحكم فى أيام قليلة على شاب بتهمة عرض الفيلم على صفحته على الفسبوك ويتم سجنه ويتم تشريد أمه!!.. ونقرأ أن رئيس الجهاز المركزى للإحصاء يفرقع الخبر العجيب أن أقباط مصر بلغ تعدادهم خمسة ملايين وبضعة آلاف فى توقيت يعانى فيه الشارع المصرى حالة من الجنوح الطائفى.. ما ذكرت لا يمثل إلا البعض القليل من الأخبار السيئة التى يتابعها الناس بعد ثورة باعتها النخبة بمقابل، قد يكون بكراسى السلطان وكاميرات التلفاز الورنيشية والكتابة فى مربعات الرأى..

بينما الأرض المصرية تعانى بمن عليها بتبعات كل تلك المشاكل، يدير المواطن مؤشر قنوات تليفزيونه، ليتابع ما يقال فى برنامج شهير وفى رحاب سهرة رومانسية، حيث الإضاءة خافتة ولا إضاءة إلا على وجوه نخبة الحديث وأشاوس الكلمة تابعت حلقة من حلقات برنامج «بهدووووء» الذى يقدمه عماد الدين أديب، ود. معتز بالله عبدالفتاح كمحلل سياسى، وضيف البرنامج د. سمير مرقص.. فى حوار هادئ مع أول مواطن مصرى مسيحى يصل إلى منصب مساعد الرئيس فى التاريخ المصرى «وفق تعريف مقدم البرنامج».. كان تبادل الحوار النخبوى البعيد عن أحوال الناس وهمومهم اليومية وأحزانهم، وتبعات ما يعانون من كوارث على الأرض فى زمن غاية فى الصعوبة..

استعرض ضيف الحلقة تاريخ الطبقة المتوسطة المصرية، وما لها وما عليها وماذا قدمت للوطن، وكيف تم إنصافها فى عهود ونفيها فى عهود أخرى، وقدم تعريفات ورؤى علمية معملية فذه عبر محاضرة استعراضية.. ثم سمعنا تلك العبارات.. «الإسلام بخبرة مصرية تجسد فى وثيقة الأزهر».. «يقال هناك أخونة أنا ماعرفش !!!»... تشكيل الفريق الرئاسى لم يكن من بين الإمعاتالهتيفة المبرراتية لما يقوم به الرئيس !.. «فى الغرب وصل الحال لأنهم بيجيبوا ناس تقول لا».. «الدستور لابد أن يكتب على مائدة الوطنية المصرية»... «أهل الصنعة فى السياسة بيقولوا متخذ القرار غير صناع القرار».. «أنا أتعامل كمساعد مع الرئيس وليس مع الإخوان».. «وثورة 1919 والإخوان وحركة مدارس الأحد والحركة الشيوعية كلهم طبقة وسطى».. وللحديث بقية.