رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«السيسى» وثقافة التنوع «3-3»


ذكرنا فى المقالين السابقين أنه للمرة الثانية على التوالى فى أثناء الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارة الكاتدرائية المرقسية بالعباسية أثناء القداس لتهنئة المسيحيين بعيد ميلاد السيد المسيح، وفى كلمات رقيقة معبرة لمست شغاف القلب قال الرئيس للمصلين من ضمن ما قال: «من سنن ربنا سبحانه وتعالى، التنوع والاختلاف، ربنا خلقنا أشكالاً وألواناً وديانات ولغات وعادات وتقاليد مختلفة، ولا أحد يستطيع جعل الناس كلهم شىء واحد».

وزيارة الرئيس للكاتدرائية تؤكد أن عقلية هذا الرجل عقلية تسامحية منفتحة تقبل التعددية والتنوع وترفض التعصب والأحادية، وزيارة السيسى للكاتدرائية وتهنئة المسيحيين بالعيد أثناء القداس لها عدة دلالات، الدلالة الأولى أن المسيحيين مواطنون مصريون يتساون مع كل المصريين دون تفرقة أو تمييز وأعيادهم هى موضع تقدير واحترام، والدلالة الثانية أراد الرئيس بزيارته للكاتدرائية أن يوجه رسالة إلى المتطرفين أعداء الحب الذين ينشرون ثقافة الكراهية ويدعون لعدم تهنئة المسيحيين بأعيادهم، أراد الرئيس أن يقول لهم إنه رئيس لجميع المصريين وإن تهنئة الآخر بعيدة لا تعنى بالضرورة أن من يقوم بالتهنئة يؤمن بمعتقدات من يهنئه، ولكنها اللفتة الإنسانية الجميلة المفعمة بالحب والتى تتمنى الخير الدائم للآخر الدينى المغاير، والدلالة الثالثة لتلك الزيارة التاريخية هى الاعتراف بالدور التاريخى والوطنى لمسيحيى مصر، فالمسيحيون المصريون كانوا بجانب إخوانهم المسلمين فى جميع ميادين التحرير وخرجوا للشوارع فى 25 يناير 2011 وفى 30 يونيه 2013 ولا يمكن لأحد أن يقلل من قيمة الدور الوطنى الذى قاموا به طوال تاريخهم.

وفى مقال اليوم نستكمل بقية دلالات هذه الزيارة، الدلالة الرابعة لزيارة رئيس مصر للكاتدرائية هى إعادة الاعتبار للمسيحيين ولكنيستهم بعد أن اعتدى المتطرفون على الكاتدرائية أثناء حكم جماعة الإخوان المسلمين، وبعد أن احترق أكبر عدد من الكنائس خلال الفترة الماضية، فلقد اعتبر المسيحيون أن هذه الخسائر هى فداء لمصر، وفى لفتة رقيقة تعبر عن تحمل المسئولية اعتذر الرئيس السيسى، عن حرق الكنائس، خلال الفترة الماضية فى بعض محافظات مصر، وقال للمسيحيين «أنا آسف ياريت تقبلوا اعتذارى»، مؤكداً أنه خلال العام الحالى سيتم ترميم جميع الكنائس التى حرقت فى مصر الفترات الماضية.

والدلالة الخامسة لهذه الزيارة التاريخية أن مصر مقبلة على مرحلة جديدة من تاريخها، مرحلة لن يمارس فيها التمييز ضد أى أحد بسبب جنسه أو دينه أو معتقده، مرحلة يتعامل فيها رئيس الدولة بمساواة كاملة مع جميع المواطنين، مرحلة سيحاكم فيها كل من يمارس التمييز ضد الآخر وكل من يحرض على الكراهية، تحية من القلب لسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى على هذه الزيارة ونتمنى أن تتكرر هذه الزيارات فى الأعياد المقبلة، كما نرجو تفعيلاً حقيقياً للمواطنة، وإرساءً فعلياً لقواعد العدالة والمساواة بين جموع المصريين دون تفرقة.