رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المتحولون


التمسك بالعقيدة الدينية والثبات على المبدأ أو الانتماء الحقيقى للوطن، كل هذه القيم وغيرها لاشك تكون من ضمن العوامل التى تضفى قيمة على أصحابها، ولكن القيمة الأعلى والأهم هى مدى مصداقية هذه القيم ومدى التمسك بها والقدرة على صلابتها والاقتناع الكامل والفاهم والموضوعى بهذه القيم العظيمة والإيمان والتمسك بها عن قناعة بعيداً عن المتاجرة والاسترزاق وتحقيق مصالح ذاتية من خلال الظهور والادعاء بالتمسك بهذه القيم...

... والفارق بين من يؤمن إيماناً حقيقياً بهذه القيم ومن يتاجر بها بهدف تحقيق مصالح وأهداف خاصة هو أن المؤمن الحقيقى هو الذى يعطى ولا يأخذ هو الذي يبذل نفسه في سبيل الدفاع التمسك والحفاظ علي هذه القيم وذلك بالطبع غير المتاجرين بها فهم أول المتنازلين وأسبق المتحولين الذين يسعون فوراً إلى البديل الذى يحقق مصالحهم ويثبت ذاتهم المريضة بالأنا.

وعلى مستوى العقيدة الدينية وهى الأهم خاصة للمصريين بشكل خاص وللشرقيين بشكل عام نجد أن الجميع يظهر التمسك والإيمان والتضحية فى سبيل عقيدته الدينية بكل غال ورخيص سواء كان هذا الشعور أو ذاك المظهر صحيحاً أو غير صحيح.

حتى إننا ننزعج كل الانزعاج عندما يحدث تحول لشخص من دين إلى دين آخر، فهنا تقوم القيامة ويحس أصحاب الدين المتحول منه بالعار الاجتماعى قبل المهانة الدينية فى الوقت الذى يتفاخر فيه أصحاب الدين المتحول إليه بهذا التحول وكأنه انتصار لدينهم على الدين الآخر ويتمادون فى هذا كحالة من ممارسة التدين الشكلى التى لاعلاقة لها بالإيمان الحقيقى مع العلم أن حرية العقيدة الدينية هذه تبيحها الأديان ويقرها الدستور وتجيزها القوانين الدولية قبل المحلية، ولكن هل هذا التحول قد حدث من منطلق الإيمان بالدين الآخر الجديد وذلك بعد التعرف والإيمان والممارسة الدينية للدين الذى ولد وتربى عليه الشخص ثم قام بالتعرف والدراسة والمقارنة بين دينه الأول وبين الدين الجديد الذى تحول إليه؟

وبالطبع هنا فقد حدثت مقارنة علمية ووجدانية حسية وعقلية بين الدينيين واختار هذا الشخص الدين الجديد هنا يمكن أن نقول إن هذا التحول مشروع بل حق لكل إنسان أن يختار بإرادته الحرة الدين الذى يؤمن به، حيث سيحاسب من الله على إيمانه هذا، ولا إكراه فى الدين فقد تبين الرشد من الغى «من ليس لهم ناموس فهم ناموس لأنفسهم».

ولكن وآه من ولكن هذه، فالقضية والمشكلة الحقيقية هى هذا التحول من دين إلى دين آخر ليس إيماناً أو اقتناعاً وهذا حق، ولكن أن يحدث هذا التحول بهدف الحصول على مكسب ذاتى مادى كان أم معنوى، مثل الارتباط بفتاة من دين آخر غير دينه ويريد الحصول عليها أو نتيجة لهذه العلاقة يجبر على الارتباط والتحول، أو أن يتحول شخص إلى دين آخر بهدف الحصول على مقابل مادى نظراً لظروفه المادية واحتياجاته الحياتية، أو أن يكون شخصاً لا وزن ولا قيمة له فيريد أن يثبت ذاته بهذا التحول خاصة أن المجتمع ينبهر بهذا التحول، وأى تحول مهما كانت الأسباب، أما على المستوى السياسى فالمصيبة أعظم فكم وجدنا وكم نجد هذا الكم من المتسلقين والانتهازيين والمنافقين الذين لا يرون غير ذواتهم ولا يسعون لغير مصالحهم يتاجرون بالوطنية ويدعون حب الوطن، نعم فالدولة والوطن غير النظام والحكومة، فلا خلاف على الدولة إلا الذين يؤمنون بدولتهم التى يقيمونها فى خيالهم الماضوي، فالدولة هى صناعة وحياة وهوية كل المصريين.

ولكن النظام والحكومة فيمكن الاتفاق والاختلاف حسب الرؤية السياسية ونظراً للقرار السياسى الذى يصب فى مصلحة جماعة ويمكن أن يتناقض مع مصلحة جماعات أخرى، ولذا ترى هؤلاء المتحولين الوصوليين لا ينظرون إلى مصلحة الوطن ولكن يسيرون فى ركاب السلطة أى سلطة وينافقون كل سلطة أيا كانت هوية هذه السلطة، وجدناهم ينافقون مبارك بشكل فج قمىء والوثائق والتاريخ خير شاهد، ووجدناهم هم أول من قدم البلاغات فى مبارك وأول من أهال عليه وعلى نظامه التراب بل تسلقوا هبة يناير وادعوا الثورية ونشروا صورهم فى الميدان كثوار يناير الذين لا يشق لهم غبار.

ثم تسلقوا على كتف المجلس العسكرى كرمز السلطة فى ذاك الوقت ثم انحازوا إلى الإخوان فى عام حكمهم وإن كان هذا بحذر لضمان إمساك منتصف العصى التى لا يجيدون غيرها.

ثم الآن ينافقون السيسى لدرجة تخصم منه ولا يضيف إليه والأهم هم الآن يثيرون الصراع الخطأ ويهيلون كل الأتربة على يناير تمسحاً فى يونيه وكأنهم نقيضان متصورين أن هذا يرضى السلطة ويرضى السيسى.

هم الآن يدافعون عن وجودهم فى البرلمان تحت ادعاء وكذب دعم الدولة أو دعم مصر وهم لا يعرفون الدولة ولا مصر ولكنهم مع مصالحهم التى لا تتحقق بعيداً عن الحكومة، ولذا هم فى دعم الحكومة والنظام والنفاق للرئيس الذى يرسل رسائل لأمثال هؤلاء بأنه لا يوجد لديه شللية ولا يوجد عليه حساب لأحد، ولكنهم يجيدون مأساة البلتاجى والإخوان الذين كانوا يتحدثون باسم مرسى والنظام.

هم المتحولون الذين لا يعرفون ديناً ولا يؤمنون بوطن ولا يعنيهم غير مصالحهم حتى لو فقدوا الاحترام والمصداقية، هؤلاء هم الخطر على الدين وعلى الوطن.. حمى الله مصر وشعبها العظيم من أمثال هؤلاء.