رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمنيات العام الجديد .. بين الحلم والواقع !


سويعات قليلة ؛ وتدق الأجراس إيقاعاتها الأخيرة، وكأنها تنذر أو تعلن عن رحيل هذا الضيف الذى حل علينا وأضاف عددًا جديدًا على أرقام عدَّاد العمر، وهو عام يوشك أن ينصرم ويلملم حقائبه وأوراقه التى قرأناها معًا سطرًا سطرًا بأفراحها وأتراحها، وعركنا ساعاتها ودقائقها وثوانيها، ونتهيأ لاستقبال عام جديد نتمناه جميلاً ندخل معه من أبوابه المفتوحة فى جدار الزمن ؛ على الآفاق الرحبة فى ملك الله الذى ليس له حدود...

...آملين أن يخرج مودعًا فى نهاية ضيافته دون أن نفقد عزيزًا أو حبيبًا، و مليئًا بالحب الحقيقى الذى يسعد القلوب، حاملاً فى طياته كل مسرات الحياة التى تشع ببريق الأمل فى كل صباح تشرق شمسه على ظهر البسيطة .

ولكن : هل تنفصل الأحلام الخاصة والشخصية عن الأحلام والأمنيات العامة ؟ بالتأكيد لا، ولكن هل تتراجع الطموحات الشخصية وتتوارى الأنانية الفردية خلف الانشغال بهموم الوطن ومشاكله ؟ فالهَم العام ينعكس بالضرورة على ذواتنا المرهفة، فتحقيق الأمنيات الشخصية لن تظهر إلى الوجود ويهنأ بها كل ذى حاجة، إلا فى ظلال وطن مجتمعه يتمتع بكل الأمان والاستقرار وبخاصة الاقتصادى ؛ الذى به تتحقق كل أو معظم الطموحات الكبرى فى مسيرة حياة الإنسان، فالاقتصاد بمثابة «عامود الخيمة» للمجتمع الذى يقيه العواصف العاتية من الاقتلاع من الجذور .

لذا نرفع أيدينا بالدعاء إلى الله العلى القدير أن يمنح مصرنا ثوبًا قشيبًا من عباءات الاستقرار الاقتصادى المنشود، فقد أوشك هذا العام على الرحيل بين آراء متضاربة ، فالبعض يريده أن يذهب غير مأسوف عليه جرّاء بعض الأحداث المؤلمة والحزينة من كوارث طبيعية وعواصف طاحنة أو سيول مغرقة هنا أو هناك، أو تجرع مرارة الوجيعة من فرقة وانقسام ـ بفعل فاعل ـ بين أبناء وطنه ؛ ومن بعض الانفلات من خونة الداخل بالتضافر مع خونة الخارج لإحداث فتنة لاتبقى ولا تذر، والبعض من المتشحين بعباءة التفاؤل والأمل يرَون فى العام المنصرم بعض الخروج من عنق الزجاجة ؛ وأن بشائر الأمل كانت متواجدة وبشدة فى أيامه الخوالى، ويتجدد الرجاء فى أن يفتح العام الجديد طاقة نور فى نهاية النفق الذى يراه البعض مظلمًا، لنعلن للعالم أننا أشداء فى مواجهة المحن والخطوب، ونخرج منها بمنتهى التعافى والإصرار على الاستمرارية فى بناء هذا الوطن بقلوبنا المُحبة والمتعطشة للسلم والسلام، فالاقتصاد بمثابة «عامود الخيمة» للمجتمع الذى يقيه العواصف العاتية من الاقتلاع من الجذور .

وإذا مافتحنا الباب على اتساعه للأمنيات، فحدِّث ولا حرج، فالأصابع تشير إلى أمنية اقتلاع العشوائيات والقضاء على الفقر والبطالة فى الأوساط التى تعيش تحت خط الفقر ؛ وبينها وبينه فراسخ وأميال، ونتمنى أن تكون الالتفاتة والنظرة الرحيمة فى العام الجديد إلى هؤلاء وليس على الله والدولة ببعيد، ليتواكب معها محاربة الجهل والأمية، وبخاصة الأمية السياسية التى لابد أن تزول من بعض العقول لتعى معنى الوطن ومشكلاته وتمد اليد المخلصة لتخرج من هذه العتامة، وهذا دور الدولة مجتمعة وبالتضافر مع كل الوزارات، المفترض أن تعمل كأوركسترا لعزف ألحان المجتمع المثالى الذى نأمله مستقبلاً .

كان أملى أن ينطوى مقالى على كل أنواع التفاؤل، ولا يجنح قلمى إلى المساس بعصب الفقر والفقراء والجهل والجهلاء، ولا يعرُج على التقاط صور العشوائيات، ولا ترى كاميرا قلمى كتائب أطفال الشوارع الذين يهيمون كالنمل فى إشارات المرور للتسول بحجة بيع علب الورق وألعاب الأطفال التى لايلعبون بها، ويخضعون لمن يتاجر بهم فى الشوارع والطرقات، ولا يحصلون إلا على ما يقيم أودهم لأنهم بلا أهل ولا مأوى ولا قلوب تحنو عليهم، ونراهم فى هذا الشتاء القارس كالفراشات حول أنوار السيارات قبل أن تدهسهم عجلاتها المارقة ! ولكن ماباليد من حيلة لأفلت بها من هذه الصور المتتابعة المزعجة المقلقة للراحة ولسكينة القلم .

ولايسعنى إلا أن أسوق الأمنيات المنشرحة الصدر والطيبة القسمات والتوجهات، بشوشة تحمل الأمل لجموع المنتظرين على أرصفة الأمل والرجاء من بنى وطنى الأنقياء الأصفياء، ونهيب بمثلث الرعب من التجار أن يتقوا الله فى أرزاق البشر، ويقبلوا بالقناعة بهامش الربح الحلال ؛ ليكونوا عونًا للفقراء وعونًا للدولة فى القيام بمهام تحقيق الآمال والأمنيات والطموحات التى لاتصبو إلا إلى العيش الكريم .

قولــوا معى : آمين .. وكل عام ونحن ومصرنا بكل الخير والأمن والأمان .