رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكرى تأسيس أقدم جمعية ثقافية


كانت فكرة إقامة جمعية ثقافية قبطية، هى أساس لمئات المؤلفات التى تُعتبر من أثمن ما كتبه الأقباط فى تاريخنا الحديث مما كان له أثر عظيم فى النهضة القبطية الثقافية المعاصرة. بداية القصة مع عام 1943م عندما ذهب إلى مدينة الإسكندرية الراهب التقى الأب مينا البراموسى المتوحد «فيما بعد البابا كيرلس السادس البطريرك 116» وتوجه إلى المتحف اليونانى الرومانى بالإسكندرية وتقابل مع مفتش الآثار بالمتحف الأستاذ بانوب حبشى «1913 – 1956م» وعرض عليه فكرة إقامة شعائر دينية فى المنطقة الأثرية بمريوط، بالإضافة إلى فكرة إمكانية الإقامة فى المنطقة الأثرية للتعبد بعد موافقة مصلحة الآثار. وفعلاً بذل الأستاذ بانوب حبشى جهداً لدى مدير مصلحة الآثار لإتمام رغبة الراهب التقى فى إحياء المنطقة الأثرية. هذا المسعى من الراهبمينا المتوحد كان الشرارة التى قوّت عزيمة الشباب السكندرى الذين بدأوا نشاطهم الثقافى تحت اسم «لجنة إحياء ذكرى أبطال المسيحية والكنيسة» فأطلقوا اسم «جمعية مارمينا للدراسات القبطية» على الجمعية الجديدة التى تأسست فى 24 نوفمبر 1945.

فكان الراهب مينا المتوحد هو الملهم بحق لاسم الجمعية والأب الروحى لأعضائها وظلت العلاقة وثيقة بين قداسته وأعضاء الجمعية حتى انتقاله المفاجئ والمُحزن فى 9 مارس 1971. كان من مؤسسى الجمعية أ. بانوب حبشى، د. منير شكرى «1908 – 1990»، أ. بديع عبدالملك «1908 – 1979» وغيرهم. وما أن صار الراهب مينا المتوحد بطريركاً – طبقاً للتقاليد الكنسية العريقة – عام 1959، حتى وجه اهتمامه نحو إحياء المنطقة الأثرية وقد عاونه فى ذلك أعضاء الجمعية. فى مجال الندوات الثقافية عقدت الجمعية العديد من الندوات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: محاضرة بعنوان «القبط فى ركب الحضارة العالمية» للدكتور مراد كامل فى مارس 1954، محاضرة بعنوان «فضل مصر على المسيحية فى العالم» للدكتور مصطفى الأمير فىديسمبر 1955. وفى مجال الدراسات القبطية أصدرت الجمعية 25 رسالة ثقافية – حتى عام 2015- والتى تُعد من الرسائل ذات القيمة العلمية الرفيعة. وابتداءً من يناير 2004 بدأت الجمعية تصدر دورية متخصصة فى الدراسات القبطية الجادة تحمل اسم «راكوتى – أضواء على الدراسات القبطية» والتى جذبت عدداً كبيراً من الباحثين بالجامعات المصرية قد تناولتها الصحف والمجلات المصرية بالترحيب والعرض والإعلان. كان لهذه المؤلفات أثر بالغ على تاريخ الحركة الثقافية فى مصر، ويذكر د. حسين فوزى فضل هذه الرسائل على مؤلفه الرائع «سندباد مصرى». أيضاً أوحت هذه الرسائل للدكتور عزيز سوريال عطية فكرة إنشاء معهد الدراسات القبطية بالقاهرة والذى تأسس فى يناير 1954، ولأن البابا شنودة الثالث كان يعلم هذا التاريخ جيداً فقد وافق فى عام 2009 على تعيين أحد أعضاء الجمعية – وهو كاتب هذا المقال – عضواً فى مجلس إدارة المعهد. لم يترك أعضاء الجمعية أى مناسبة كنسية أو تاريخية إلا وقد سجلوا الرأى المنبثق من التاريخ والتقاليد بأمانة كاملة وصدق. فتحية واجبة لتلك الجمعية العريقة – فى عيدها السبعينى - التى تمسكت بالتقاليد العريقة للكنيسة القبطية الوطنية وأثرت الثقافة القبطية بالدراسات الجادة.