رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طريق الصعيد


يسمى أبناء الصعيد طريق الصعيد، القاهرة – أسيوط، بالطريق الزراعى أو طريق الموت، فلا يوم يمر دون وقوع حادث جسيم يروح ضحيته عدد كبير من الركاب.

وعندما يبدأ المسافر رحلته على الطريق يرفع يديه مبتهلاً أن تمر رحلته بهدوء، ويعود سالماً إلى بيته . وعندما تنتهى الرحلة يحمد الله كثيراً على نجاته .

فلا يكاد يمر يوم واحد دون وقوع حادث بشع، يروح ضحيته العشرات فى علب الصفيح المسماة سيارات الميكروباصات .

لأجل هذا أصبح هذا الطريق مصدراً من مصادر الرعب عند أبناء الصعيد، بالإضافة إلى عوامل الرعب الأخرى التى ذكرناها ومنها السلاح والبلطجية وسطوة العائلات الفقيرة .

هذا الطريق قديم جداً. وكان يستخدم دائماً لقمع ثورات أهالى الصعيد، فقد كانت تسير فيه الجيوش القادمة من القاهرة لتأديب حكام الأقاليم الثائرين والممتنعين عن دفع الضريبة للحاكم الكبير فى القاهرة، وقد تم الاعتناء به وإعادة تشييده فى عهد الخديو سعيد، واستكمل فى عهد الخديو إسماعيل عندما تم إنشاء خط السكة الحديد، وحفر الترعة الإبراهيمية. وكانت الحكومات فى عهد خلفاء والى مصر محمد على قد عينت فرقاً من عمال الطرق يقومون برش الطريق يومياً بالمياه، وكانت تلك الفرق تنتشر على طول الطريق، وكانت تراقب الطريق بعناية فائقة، وكانت تحميه من أى تعديات عليه. وقت إنشائه كان الطريق يفى تماماً بالغرض، فقد كان متسعاً نسبياً، وكانت حركة السيارات عليه قليلة . غير أن عوامل الزمن تكاتفت عليه، فى ظل تلاشى سلطات بعض المحافظات خلال الثورات التى تعاقبت منذ عام 1950. فأهملت صيانته، وجار عليه الأهالى واقتطعوا منه أجزاء أضيفت إلى منازلهم وزراعاتهم. غير أن ما حل به من جراء ثورة يناير 2011 فاق كل الوصف.

فبالإضافة الى زيادة التعديات على الطريق، ظهرت مشكلة المطبات الصناعية العشوائية، فكل بيت يمر أمامه الطريق يقوم سكان البيت بصنع مطب أمام بيتهم للحد من حركة السيارات على الطريق، لمنع وقوع الحوادث، وتحول الطريق إلى طريق بدائى تماماً، كما كان فى القرن الثامن عشر .

خطورة هذا الطريق أنه يخترق كل بلاد ومدن الصعيد. وهو يعتبر الشريان الرئيسى لتنمية الصعيد والنهوض به، غير أنه فى السنوات الأخيرة تحول إلى مصيدة للموت، تتربص بأبناء الصعيد وغيرهم من المسافرين على هذا الطريق . فهو ضيق، ومتعرج، ومزدحم وفضلاً عن هذا يفتقر إلى رعاية الدولة .

الحكم المحلى، ووزارة العدل، بالإضافة إلى المحافظات أو المحليات. أدى هذا إلى ترهل المشكلة وعدم القدرة على الوصول إلى قرار بشأن تطوير المرور، وذلك لصعوبة التوفيق بين الوزارات الثلاث. ففى حين يحرر الغرامة رجل المرور ويوقعها رجل قضاء، ويتم تحصيلها لحساب وزارة العدل فى مقر تابع لوزارة الحكم المحلى، ولا يعلم أحد مصير تلك المخالفات. ولا أين تنفق حصيلة مخالفات المرور، ولماذا لا تنفق على صيانة وإصلاح الطرق؟، كما أن معدات المرور فى كل المحافظات تتبع وزارة الحكم المحلى ويديرها رجال تابعون لوزارة الداخلية، وبالرغم من وجود مجلس أعلى للمرور إلا أنه غير موجود، وربما لم يسمع به أحد لأنه لا سلطة له على العملية المرورية على الإطلاق