رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مرصد الفتاوى يكشف الحل السحري للقضاء على "داعش" والتنظيمات الإرهابية

مرصد الفتاوى الشاذة
مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية

حذر مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية، التابع لدار الإفتاء، من خطورة استغلال الجماعات التكفيرية والمتطرفة لما يسمى بـ"الإنترنت المظلم"، والذي يعد الآن ساحة مظلمة وسرِّية، مفتوحة أمام جماعات العنف والتكفير، لممارسة كافة أنشطتها غير المشروعة بعيدًا عن الملاحقات الأمنية.

وأضاف المرصد- في تقريره التاسع والعشرين، تحت عنوان "الإنترنت المظلم .. الساحة الآمنة لجماعات الإرهاب"- أن الإنترنت المظلم يُعد وسيلة لعدم الكشف عن الهوية على الإنترنت.. فهو مصطلح يشير إلى مواقع الويب التي تحجب عناوين الـ IP عن الخوادم التي تنشر من خلالها، مما يجعل من المستحيل معرفة هوية المواقع أو القائم عليه، حيث لا يظهر على محركات البحث.

وتابع أنه طبقا لصحيفة "الجارديان"، فإن محركات البحث مثل جوجل لا تستطيع الدخول سوى على أقل من 0.03٪ من المعلومات على الإنترنت! بينما تقطن بقية المعلومات في شبكة مجهولة، يستخدمها أشخاص مجهولون، ولا يمكن لأحد الدخول على تلك الشبكات.

تابع التقرير أن "الإنترنت المظلم" يعتبر أحد أكبر التحديات التي تواجه جهود مكافحة ومواجهة الجماعات التكفيرية والمتطرفة، وقد نشر أحد مراكز الأبحاث تقريرا يشير إلى أن تنظيم داعش يقوم بالفعل بجمع الأموال وتجنيد الأفراد عبر "المواقع المظلمة".

وأوضح التقرير أنه في عام 2014، تم العثور على حاسب آلي محمول تابع لأحد أعضاء تنظيم "داعش"، وهو تونسي ويدعى أبو محمد، يحتوي على العديد من الخطب والأناشيد الجهادية، وآلاف الوثائق الجهادية التي نشرها صاحبها، ومعظمها على الإنترنت المظلم.

وتشير العديد من التقارير التي رصدها مرصد الإفتاء إلى أن "الشبكة المظلمة" تحتوي على ما يزيد على 50 ألف موقع و300 منتدى لمنظمات إرهابية، وذلك حسب أحد التقارير الصادرة في عام 2011 لأحد المراكز البحثية الأمريكية.

وأشار التقرير إلى أن استخدام "الإنترنت المظلم" لدى الجماعات الإرهابية يتمثل في الإعداد للعمليات الإرهابية، وتوفير الموارد المالية اللازمة للتنظيم، والحصول على صفقات السلاح مع الجهات المشبوهة، بالإضافة إلى الحصول على الوثائق السرية والحكومية، وهي كلها مواد متوافرة بكثرة على مواقع "الإنترنت المظلم".

وقد عُثر على وثيقة لأحد مناصري تنظيم "داعش" بعنوان "بيتكوين وصدقة الجهاد"، من تأليف "تقي الدين المنذر"، حدد فيها الأحكام الشرعية لاستعمال "البيتكوين"– وهي عملة رقمية إلكترونية يتم تداولها عبر الإنترنت المظلم - مشددا على ضرورة استعمالها لتمويل الأنشطة الجهادية، وعلى عكس العملات التي تصدرها الحكومات، فإن الميزة الأقوى لعملة البيتكوين هي أنها مجهولة. فنظامها الشبكي اللامركزي يجعل من الصعوبة بمكان تتبع عمليات الشراء والبيع التي تتم عبرها.

تابع التقرير أَن تنظيم "داعش" الإرهابي أعلن مؤخرا عن إنشاء وزارة مختصة بالآثار، للتنقيب عن الآثار وبيعها، وهي تجارة مربحة توفر للتنظيم مصادر دخل مرتفعة وتسهم في تعزيز قدراته وإمكاناته، ويمكن تسويق الآثار والمواد المراد بيعها عبر الإنترنت المظلم، بشكل يجعل من الصعوبة بمكانة ملاحقة جهات الأمن لتلك العمليات على الشبكة المظلمة.

وأوصي بضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة التنظيمات التكفيرية في الفضاء المظلم "الإنترنت المظلم"، كي تستطيع تجفيف منابعها الفكرية ومواردها المالية وعلاقاتها التجارية.

وقال المرصد، إن الدراسة أكدت أهمية مشاركة الشركات الرائدة في مجالات التكنولوجيا، حيث يقع على عاتقها دور كبير في تتبع ورصد المواد التكفيرية والإرهابية المنتشرة على مواقع الإنترنت، خاصة ما يتعلق بتطوير وتحديث أدوات جديدة لمراقبة "الإنترنت المظلم" والتعرف على المواد المنشورة به، والتعرف على مستخدميه والمواقع المنتشرة به، وخاصة أن عملية السيطرة عليه والتعرف على مستخدميه تعد مسألة صعبة للغاية إن لم تكن مستحيلة.

شدد مرصد الإفتاء على ضرورة تطوير برامج وتقنيات حديثة تمكن من الكشف عن مستخدمي شبكة "الإنترنت المظلم"، خاصة أن متصفح "تور" – أحد متصفحات الإنترنت المظلم - يحجب بيانات المستخدمين ومواقعهم وكافة البيانات المتعلقة بهم.

كما دعا التقرير إلى تجريم ومنع الدخول إلى مواقع "الإنترنت المظلم"، وتضييق فرص تواجد تلك المواقع وإمكانية الوصول لها، وذلك عبر تشريعات دولية وداخلية ملزمة لأطراف المجتمع الدولي بهدف مكافحة هذه المواقع والمحتوى المنتشر بها.

وكشف التقرير عن أن المواجهة العسكرية مع التنظيمات الإرهابية، لا يمكن أن تؤتي ثمارها؛ طالما ظلت الساحات الافتراضية المظلمة آمنة ومتاحة لتلك التنظيمات، فمواقع "الإنترنت المظلم" توفر مساحة آمنة وسهلة وبعيدة عن أعين الجهات الأمنية.. بالإضافة إلى أنها تتيح تجنيد الأفراد ونشر الأفكار والمناهج المتطرفة، والحصول على الدعم المادي وشراء كافة أنواع الأسلحة والمعدات اللازمة لتنفيد العمليات الإرهابية التي تنال من أمن واستقرار الدول والشعوب.

وأشار إلى أن الحل للقضاء على هذه التنظيمات، يكمن في أن تكون المواجهة العسكرية لها لابد أن تتزامن مع مواجهة أخرى تكنولوجية في ساحات "الإنترنت المظلم" بمظلة دولية وإقليمية.