رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا تُعوِّلوا كثيراً على البرلمان المقبل


البرلمان وهو السلطة التشريعية، وهى إحدى السلطات الثلاث مع السلطة التنفيذية والسلطة القضائية. البرلمان كما أنه السلطة الشعبية التى تقوم بتشريع القوانين وهى التى تمارس الدور الرقابى على السلطة التنفيذية أى الحكومة. البرلمان وهو السلطة الوحيدة التى يأتى أعضاؤها نواباً عن الشعب عن طريق الانتخاب الحر المباشر. والانتخابات هى الأداة والأسلوب الذى يمارس من خلاله الشعب العملية الديمقراطية فى اختيار نوابه.. والانتخابات من المفترض أن تكون هى الفرصة الحقيقية والصحيحة لممارسة الشعب لحرية الاختيار دون إلزام أو إكراه ودون وصاية دينية أو سياسية أو طائفية أو قبلية.

والانتخابات هى الفرصة السياسية التى تسعى فيها الأحزاب للصراع السياسى والانتخابى المشروع بين الجماهير بناءً على برامجها الحزبية وأجنداتها السياسية حتى يقتنع الناخب باختيار ما يناسبه من هذه البرامج التى تحقق آماله وتحل مشاكله وتتبنى قضاياه، هذا ونحن قد اقتربنا من تحقيق الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق التى أعلنت بعد هبة ٣٠ يونيه وفى ٣ يوليو ٢٠١٣. خاصة بعد تأجيلها منذ أول مارس الماضى بسبب حكم الدستورية العليا بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر الذى تم تعديله مؤخراً مع قانونى مباشرة الحقوق السياسية والانتخابات البرلمانية. وذلك التعديل الذى لم يشف غليل الكثيرين من الذين لهم اعتراضات على هذه التعديلات ولكن هو التسليم بالأمر الواقع حتى يكون هناك برلمان.

ولكن ما شكل وتركيبة هذا البرلمان المقبل، وما المتوقع منه بعد ٢٥/٣٠ خاصة على ضوء الواقع السياسى الحالى الذى مازال يتسم بسيولة سياسية وتحيط به حالة استقطاب سياسى ودينى يتخذ من الدين مطية وسبوبة تستغل بها العاطفة الدينية لدى المصريين؟ ماذا سيكون هذا البرلمان فى واقع حزبى نسمع فيه عن أحزاب لا حصر لمسمياتها ولا يعلم عنها أحد شيئاً وحتى أصحابها لا علاقة لهم بهذه الأحزاب كأحزاب بقدر علاقتهم بمسمى يتخذونه شعاراً ومبرراً للمرور لعضوية البرلمان عن طريق القوائم مع المعروف أن الدستور قد حدد التعددية الحزبية كنظام سياسى والتعددية هى تلك الأحزاب التى لها وجود سياسى وجماهيرى يخول لها الوصول للسلطة وتشكيل الحكومة. فأين هذا الحزب الذى له تواجد لهذا الشكل والذى يضمن أصلاً تواجداً شكلياً فى البرلمان بعدد ضئيل من المقاعد لا أغلبية.

فهل يعقل على ضوء التعددية الحزبية أن يظل التسابق وتقوم المعارك ونشاهد التربيطات غير الشريفة بين الأحزاب والقوى السياسية على مائة وعشرين مقعداً للقوائم تاركين ٤٤٨ مقعداً فردياً لكل من هب ودب؟ مع العلم أن هذه القوائم التى ابتلتنا بها لجنة الدستور هى لتلك الفئات التى تحتاج إلى مساعدة فى التمثيل فى البرلمان وليس للقيادات الوهمية لهذه الأحزاب. وإذا نظرنا لهذه الأحزاب نظرة سريعة نجد أن حزب الوفد الذى مازال يعيش فى وهم الماضى ودهاليز التاريخ ويتوهم أنه حزب الأمة تطحنه الصراعات الداخلية التى لا تهدف لغير المصلحة الذاتية والتواجد الإعلامى. أما حزب البوب البرادعى الهارب المناضل الافتراضى وهو حزب «الدستور» نرى ذات المرض ونفس الأزمة حتى إن رئيسته استقالت ومطلوب التحقيق معها.

أما حزب المصريين الأحرار فهذا لا علاقة له بالحزب بمفهومه السياسى بقدر ما له من علاقة مباشرة كمشروع اقتصادى فيما يسمى بالاستثمار السياسى والحزبى لصاحب رأس المال الذى لا يرى غير ماله الذى يتصور أنه يستطيع أن يشترى كل من يريد وكل ما يريد. والغريب أن رئيس الجمهورية يتصور بل يتمنى أن تكون هذه الأحزاب الورقية ذات قيمة فعلية حتى يمكن تفعيل ممارسة ديمقراطية حقيقية حتى أنه قد تدخل شخصياً فى صراعات الوفد ولكن للأسف لم يحدث غير مزيد من الخلاف. كما أن الرئيس مازال يطلب ويطلب من هذه الأحزاب ما يسمى بالقائمة الموحدة مع العلم أن هذه القائمة لن تكون نتيجة لغياب المفهوم الحزبى والسياسى والمصلحة العامة والوطنية لهذه الأحزاب ولتلك القيادات.. والأظرف أن هذه الموحدة جعلت الكل يلهث ويبوس القدم ويبدى الندم حتى يلحق بحب مصر باعتبارها قائمة المرضى عنهم لأنها مرضى عنها.

حتى وجدنا جوقة المنافقين للسيسى والذين كانوا ضد هذه القائمة قد أصبحوا من قياداتها. طبعاً منهم مع اتجاه البوصلة التى تحدد مصالحهم فقط ولكن باسم ادعاء الوطنية. كل هذا الصراع وهذا الخواء يتركون الساحة لحزب النور الذى سيتضامن معه رموز التيار الإسلامى لحصد مزيد من المقاعد حيث العمل الدائم بتقديم الخدمات فى غياب دور الحكومة وبالعزف على وتر العاطفة الدينية واستغلال المال السياسى الذى سيحدد هوية هذا البرلمان سواء كان على مستوى التمثيل الحزبى أو الفردى للمستقلين من بقايا الحزب الوطنى الذين اعتادوا على خلط الثروة بالسلطة فهل بعد ذلك وعلى هذا يمكن أن نعول كثيراً على هذا البرلمان؟ ولكن الأمل فى هذا الشعب الذى يحدث المعجزات عند اللزوم. حمى الله مصر وشعبها