رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نمو التيارات الدينية


لا أحد ينكر، أن مشعلى الحرائق، أو ما يعرف بصناع الربيع العربى، كان مقصدهم، التمهيد أمام تلك التيارات لتنطلق من ثباتها ونومها الطويل، وقد تم تمهيد الطرق أمامها بوسيلتين هما: الأولى: إنهاك الجيوش العربية، والشرطة،وتوفير مناخ آمن فى ظل الانفلات الأمنى، وخروج تلك التيارت، وقيامها بتنظيم نفسها، والبحث عن وسيلة للقفز على الحكم.

الثانية: إغراق المنطقة بالسلاح، وهو ما فعلته تركيا فى شمال سوريا، والأردن فى جنوبها، وإسقاط كميات هائلة من الأسلحة والذخائر، فى ليبيا، المنطقة المترامية الأطراف. واستغلال محاولات الثوار للقضاء على معمر القذافى. وهناك وسيلة ثالثة، وهى تأصيل فكرة المشاركة فى الحكم لكل الطوائف، وضرورة تمثيل كل الطوائف فى أى حوار يتم حول الدستور، أو شكل نظام الحكم، تحت مسمى المشاركة الديمقراطية. وهو ما أجج الصراع والنزاع، وهو ما حدث فى ليبيا، لعدم اتفاق الأطراف الليبية على صيغة موحدة، وكل طرف يستبعد الطرف الآخر. كل تلك العوامل ساعدت على خروج كل التيارات الدينية، التى كانت مختبئة فى جحورها، وبدأت تعيد قراءة كتب العقيدة والشريعة، طبقاً لما كان الحال عليه من مئات السنين. وأخرجوا من بطون تلك الكتب الصفراء، أحاديث، وتصرفات نسبوها للرسول صلى الله عليه وسلم، والصحابة، وطبقوها فى الأماكن التى وقعت تحت سيطرتهم. بكل فظاعة، وأعتقد أن هذا كان مقصودا، كى يعرف العالم مصيره، لو حكمه هؤلاء. وكان مقصوداً أيضاً لكى يعرف العالم، خطورة تطبيق الشريعة الإسلامية.

وسرعان ما حملت الصور والأفلام القصيرة بشاعة ما يحدث، فى تلك المناطق التى حكمتها تلك الطوائف، وظهرت غرابة التفكير. كل هذا كان مدبراً، ولكن تلك الطوائف لا تعرف ولا تدرى، أنهم يقدمون أسوأ صورة عن الإسلام، واعتقدوا أنهم فى القرون الوسطى يمارسون حيوانيتهم، فيهتكون الأعراض، ويغتصبون، ويبيعون النساء، ويقتلون تحت راية الجهاد واسم الله وأكبر، تماماً كما ينطق الجزار عند ذبح الذبيحة. كل هذا أسهم فى نمو حركة مضادة للتدين، وظهرت موجات الإلحاد، وحرية العقيدة. فى مقابل هذا التعنت وهذا التصلب وهذا التشدد.

والغريب أن التيارات البعثية والناصرية والشيوعية، التى ناضلت وحاربت، فى سبيل قضية فلسطين فى السبعينيات والثمانينيات، أصابها الإرهاق والجشع، وفرحوا بتمكينهم من سلطة الحكم الذاتى، وحكم العراق وسوريا، تلك التيارات أصبحت هى العدو الوحيد للتيارات الدينية، ورأينا كيف قامت الولايات المتحدة الأمريكية بهدم حزب البعث العراقى ومطاردة كوادره فى العراق، لصالح الشيعة، ثم استدارت إلى الجيش السورى، فتعاونت مع تركيا من أجل إدخال مقاتلين أجانب، تحت ستار الثورة الشعبية على بشار الأسد، ونجحت بعد أربع سنوات فى تكوين نواة لدولة إسلامية