رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحكومة وعوالق ثوبها الأبيض


مضى شهر رمضان الكريم كعادته كلمح البصر، وانقضت أيامه المباركة ونفحاته الطيبة وقد فاز بها من أنعم الله عليهم بالعمل الصالح والعبادة المخلصة، فنسأله سبحانه وتعالى أن نكون من هؤلاء وأن يتقبل منا بقبول حسن صيامنا وقيامنا وركوعنا وسجودنا وأن يجعل كل أعمالنا وأفعالنا وأقوالنا عبادةً خالصةً له.

وأن يحفظ مصرنا بلداً آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد العرب والمسلمين.. واليوم ونحن نتبادل التهانى والدعوات الطيبة بمناسبة عيد الفطر المبارك، يجب من قبيل الصدق والإنصاف أن نتوجه بالشكر والثناء لحكومتنا المقاتلة وقيادتنا السياسية المناضلة، على ما تحقق من إنجازاتٍ وتقدم فى كل المجالات داخلياً وخارجياً، وهو ما يُحسبُ فى النهاية لهذا الشعب العظيم الذى سيسجل له التاريخ قبوله للتحدى بإيمانٍ ووعىٍ وعزيمةٍ، فخاض أصعب الحروب دفاعاً عن وجوده، وفى الوقت نفسه انصهر فى ملحمة البناء والتنمية من أجل مستقبلٍ أفضل أراده.

إن هذا الشكر الذى أراه واجباً ليس مجاملةً أو تملقاً لأحد، ولكنه إحساس بجهد حقيقى مبذول ونتائج إيجابية ملموسة، والظروف الحياتية الأفضل التى لمسناها جميعاً خلال شهر رمضان هذا العام لهى دليلٌ على هذا الجهد الحكومى وثمرةٌ واضحة من ثماره، فعلى سبيل المثال لا نستطيع أن نغفل تقلص مشكلة الكهرباء التى عانينا منها كثيراً وتوافر المواد البترولية بأسعارها المقررة وتوافر الخبز ونجاح منظومة إنتاجه وتوزيعه وتحسن وسائل المواصلات وانتظام حركتها وتحسن الحالة المرورية ورفع كفاءة الطرق المستخدمة وانخفاض معدل الجريمة وغير ذلك كثير. وبالمناسبة فإننى لا أستسيغ ما يردده البعض فى مقام المدح أو النقد، بأن الرئيس السيسى يعمل بمفرده وأن حكومته لا تسايره فى مستوى وسرعة الأداء، فهذا القول فضلاً عن كونه معول هدم بما يسببه من إحباطٍ معنوىٍ لدى المسئولين، فإنه لا يقوم على منطق أو واقع، فنجاح القائد لا يكون إلا بمؤازرة مساعديه وكفاءة وإخلاص مستشاريه، ومن ثَمِّ فإن حنكته وفطنته وفراسته تكمن أساساً فى حسن اختياره لمعاونيه.

أنتقل إلى الجانب الآخر من حديثى وهو لا يتعارض مع الشكر والتقدير الواجب للحكومة، ذلك أن هناك أموراً أراها كعوالق تشوب ثوب الحكومة الأبيض، وبالتالى يجب التنبيه إليها لتداركها، ومنها ما يلى: «1» فى ظل إجماع الشعب على حبه لقواته المسلحة وثقته بأنها درع وسيف الوطن وقاطرته فى البناء والتنمية، إذا بالدولة تقيم مذابح لقائدى سيارات النقل على الطرق السريعة وتفرض عليهم مبالغ مالية كبيرة تصل إلى ألف جنيه عن السيارة المحملة ويتم تحصيل المبالغ عنوة دون أى سند قانونى، وبدعوى أنها مساهمة فى تكلفة الطرق التى أنشأتها القوات المسلحة. فهل هذه الجباية تليق بالدولة المصرية؟ وكيف نسمح بهذا الادعاء الذى يسيىء للجيش ويثير حفيظة الناس؟ ثم ألن ينعكس هذا الإجراء على أسعار السلع وحاجات المواطنين؟ «2» جولات السيد رئيس الحكومة الميدانية مطلوبة وحيوية، ولكن ليس بمعيار كثرتها وتلاحقها وإنما بمعيار دواعيها ونتائجها، كما أن تقريظ المسئولين على الملأ، ينتقص كثيراً من الاحترام الواجب للجهاز الإدارى وهو من أهم ركائز النجاح.. «3» انتقاد بعض المسئولين للأزهر الشريف مع افتقادهم أو تجاهلهم لآداب الحديث الواجبة مع الأئمة والعلماء، أمرٌ فى غاية الخطورة لأنه يفتح الباب لكل من هب ودب للاجتراء على هذه المؤسسة الدينية العريقة، ويزعزع الثقة فيها فى الوقت الذى نحرص فيه على بقائها بوسطيتها الإسلامية وشموخ علمائها، حتى تظل قامةً مرموقة جاذبةً لشباب الأمة بدلاً من استقطابهم لدائرة التطرف.. وللحديث بقية.. حفظ الله مصرنا الغالية.. وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل.

لواء بالمعاش