رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف نؤسس لمجتمع مثقف؟


لا مانع من استفادة الدولة من تجارب الدول الغربية، السابقة، ونرى كيف يتم تلقين الأطفال حب الوطن، وحب الحرية، والمثل والقيم العليا.. تصحيح بعض المفاهيم الدينية الخاطئة وتطوير الخطاب الدينى، وإحلال فكرة المواطنة والتعايش.

فكرة تثقيف مجتمع، تعتمد على طبيعة النظام السياسى والاجتماعى والاقتصادى، للمجتمع الذى يعيش فيه، والذى يؤسس لمدى تقبله لفكرة إعادة تثقيفه. أو تقبله للثقافة الجديدة. التى تقوم بها الدولة وتكرس كل جهودها لتغيير تلك الثقافة.وهى ليست فكرة جديدة.. حدث هذا مع الشعب المصرى فى مطلع الستينيات، وبدأت ثورة 23 يوليو تتجه ناحية اليسار، وبدأت فى إعداد المتجه لتقبل فكرة الثقافة الاشتراكية، والتى تقوم على ملكية الثورة والدولة لعناصر الإنتاج والمساواة والتخطيط. . وبدأت فى تأسيس مؤسسات ثقافية جديدة، قادرة على نشر هذا الفكر، ومنها الهيئة العامة للكتاب، والهيئة العامة لقصور الثقافة، وبدأت فى حركة ترجمة للأدب الاشتراكى والروسى والألمانى الشرقى، وبدأت فى تقديم دعم هائل للكتب، فى مقابل أن تصل للقارئ بسعر زهيد جدا. . كما أنشأت الدولة كوادر أدبية، ودعمتها بكل السبل، وقامت بتقدير أساتذة الجماعات ذوى الميول اليسارية، ووضعتهم أمام وسائل الإعلام، وتركتهم يتكلمون ويناقشون، ويكتبون ويؤلفون الروايات والقصص والمسرحيات وجميع الفنون الأدبية، وفى غضون عشر سنوات تحول الشعب المصرى كله إلى الناحية الاشتراكية، بل وتغلغلت فيه ثقافة الاشتراكية.. وعندما بدأ الرئيس السادات يتجه يميناً، لقى مقاومة شديدة، واتهموه بالخروج على تعاليم جمال عبدالناصر. وأنه باع القضية، وجلب الاستثمار الذى جعل الدنيا سداح مداح، كما قال الكاتب أحمد بهاء الدين، والغريب أن نجل أحمد بهاء صاحب تلك المقولة، كان نائب رئيس وزراء بعد ثورة 2011، ومن كبار المتخصصين فى الاقتصاد الرأسمالى..وفى ذلك لو كانت الدولة جادة فى مسألة إعادة تثقيف المجتمع، فإنه ينبغى عليها أن تحدد على وجه الدقة: نوع تلك الثقافة، هل هى ثقافة دينية، تعطى حرية محدودة للفرد فى التفكير، أم ثقافة غربية تقوم على الليبرالية وحرية الفرد، أم ثقافية اشتراكية تقوم على تحكم الدولة فى وسائل الإنتاج. . أن تختار الوسيلة التى ترى أنها أقرب للوصول إلى المواطن وبداية تثقيفه بتلك الثقافة وتغذيتها.. أن تبدأ بتثقيف الأجيال الشابة بتلك الثقافة فى المدارس وفى كل مراحل التعليم، حتى التعليم الجامعى. . فى كل الأحوال، هناك ثقافة المواطنة، التى ينبغى التركيز عليها فى ظل هذا الهدير الإعلامى والمتدفق، والذى لا يمكن التحكم فيه، والذى يبث فى كل الاتجاهات، وبكل الثقافات. وثقافة التعايش المشترك، مع الاستفادة من تجارب دول مثل الهند والصين التى تضم ثقافات وديانات وقوميات عديدة ومع ذلك تعيش فى ثقافة التعايش والمواطنة.. تحديد القيم المراد بثها فى أبناء المجتمع، تحديدًا دقيقًا، ويستتبع هذا حزمة إجراءات تشريعية تتناسب مع تلك الثقافة، لا مانع من استفادة الدولة من تجارب الدول الغربية، السابقة، ونرى كيف يتم تلقين الأطفال حب الوطن، وحب الحرية، والمثل والقيم العليا.. تصحيح بعض المفاهيم الدينية الخاطئة وتطوير الخطاب الدينى، وإحلال فكرة المواطنة والتعايش.

كاتب