رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«كثير من العنف والبلطجة والإعلانات فى دراما رمضان»


رغم مرور أيام قليلة على شهر رمضان الكريم، فإننى ككل عام أكتب عن دراما رمضان لأنها لم تعد ظاهرة رمضانية ثابتة ومستمرة فقط بل أصبحت عادة سنوية يتابعها ويلتف حولها أفراد الأسر المصرية والعربية طوال الشهر الكريم، ولم تعد التسلية والترفيه هما هدف الدراما بل أصبحت أداة لتوصيل رسائل سياسية، بل الأكثر من هذا فإنها تعكس توجهات سياسية واقتصادية واجتماعية كثيرة ومختلفة، بعضها مرئى وبعضها غير مرئى، بل أصبح ينفق عليهاعشرات من ملايين الجنيهات التى بلغت هذا العام ملياراً و٨٠٠ ألف جنيه، وأصبحت أسعار النجوم موضوعا يثير الجدل والدهشة وأحيانا الاستفزاز، ولا يخلو بيت مصرى من الحديث عن مسلسلات رمضان وما أعجبهم وما لم يعجبهم، وما يستسيغه هذا أو ذاك من أفراد الأسرة وفى كل هذا نجد الأطفال عرضة لسلسلة من مشاهد العنف والبلطجة والفساد والمخدرات يصعب ان يتفاداها الكبار لأن معظم الدراما هذا العام تضع هذه التوليفة بداخل كل مسلسل ،مما يجعلنى أقول إن وراءها أهدافا ليس فقط أن تدفع بحركة فنية جديدة وبصناعة مهمة تدر الملايين ويعمل بها عشرات الآلاف من الأفراد، سواء من الفنانين أو الفنيين أو الإداريين .

إن الشعب المصرى عاشق للفنون يشجعها ويقبل عليها ولا يخلو بيت مصرى من جهاز تليفزيون يقدم له كل القنوات الفضائية، لهذا فإننى أقدم للقارئ رؤية حول دراما رمضان باعتبارها وجبة كاملة الدسم هذا العام، ولأنها تعكس توجهات متعددة لابد من طرحها والكتابة عنها من خلال سلسلة من المقالات حول الدراما الرمضانية من خلال متابعتها، ولابد أن أقول إنها علامة إيجابية ان يكون لدينا حركة فنية بالغة وواعدة .إن عودة الحركة لبلاتوهات التصوير هو فى حد ذاته أمر إيجابى لأن القوة الناعمة هى أحد عناصر قوة مصر وانعكاس لريادة سبقت دولا كثيرة فى المنطقة وفى العالم.. أن الفن المصرى والفنان المصرى والمبدع المصرى كان وسيظل دائماً فى طليعة حركة الفن العربى، وكان دائماً أحد جسور التواصل المهمة مع الأشقاء العرب وأحد عناصر وحدة الشعوب العربية وإلتفافها حول الفن المصرى واللهجة المصرية والعادات المصرية.

كان المصريون أصحاب ريادة فى السينما والدراما والأغنية والأدب والمسرح والموسيقى، وأنا أرى أن الفن يمكن أن يكون أحد عناصر التقدم والتنوير وبناء العقل المصرى فى بلدنا فى مرحلة نخوض فيها حربا ضارية لتشويه مصر وإضعافها وتفتيت مجتمعها وهدم قيمها، ولكن حتى وإن عانينا من بعض السلبيات فى الدراما الآن من كثرة العنف والبلطجة والمخدرات والفساد فكل هذا قابل للنقد ويدعو لاستياء الأسر فى البيوت هذا العام، ولكن الملحوظة الأساسية هذا العام أن العنف يقدم على أنه قد أصبح إحدى سمات الشخصية المصرية الآن وأمرا عاديا يقدم كوجبة يومية دون أن يتم التعليق عليه بالسلب فى متن المسلسل، بل تسيد العنف بحيث يصبح هو البطل فى بعض المشاهد بل يقدم باعتباره هو الأسلوب العادى فى حل المشاكل وهذا فى رأيى أمر شديد الخطر لأننا هكذا نربى جيل الأطفال والشباب على السلوك العنيف باعتباره سلوكا طبيعيا وليس سلوكا إجراميا، وننشأ جيلا بأكمله على أن يشاهد المخدرات فى مشاهد فجة تشرح كيفية استخدامها بتفاصيلها وهذا فى ذاته معناه أننا بنشر هذه السلوكيات من خلال أكثر من أربعين مسلسلا فإن معناه أن يصبح العنف سلوكا مقبولا وعاديا فى حياتنا، وهنا أرى أنه من الضرورى ان تبث الدراما قيما إيجابية إلى جانب عرض الجانب السلبى فى الحياة المصرية، «الناس بتحب إللى يخدعها بمزاجها»، هكذا يعلن مسلسل «لعبة إبليس» عن نفسه وأن الخديعة هى من ضمن السلوك المحبب للناس، وليس أنه سلوك خارج نطاق القانون بل يعاقب عليه القانون، قد يقول لى البعض هذه هى الحياة الآن لكنى أرد بأن مصر ليست كلها بلطجية ومجرمين وبيوت دعارة ولصوص وتجار سلاح،، وسلاح أبيض فى الشوارع وجرائم من كل نوع ونساء يمارسن الرذيلة والنصب من أجل المال الحرام.

وللحديث بقيه