رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ارحل غير مأسوف عليك


ذهب وزير العدل السابق باستقالته غير مأسوف عليه ولا على أمثاله، يشكر رئيس الوزراء على قبول الاستقالة، ولو كنت مكانه لأقلته فور برنامجه الساقط الذى ظهرت فيه عنصريته، وإيمانه بالطبقية. كيف درس الرجل الشريعة؟ وكيف درس القانون أو فهمه؟ تعانى مصر من تحديات كثيرة تحاول الخروج الآمن منها.ولم يكن ينقص مصر أن يكون فيها وزير عدل طبقى يعيش فى الماضى، ولا يدرك أن مصر قامت فيها ثورتان وأن مثل هذا التصريح العنصرى يمكن أن يكون سبباً فى ثورة ثالثة قد لاتتحملها مصر كما تحملت الثورتين السابقتين. كيف ينظر هذا الرجل إلى الميثاق العالمى لحقوق الإنسان؟ وكيف ينظر هذا الرجل إلى الدين كل الدين الذى ساوى تماماً بين الإنسان، وسيدنا على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنه وأرضاه يقول: الناس صنوان، أخ لك فى الدين أو نظير لك فى الخلق. هذا الوزير أو الرجل الطبقى لم يعرف حتى تاريخ بلده وكبار المسئولين فيه. الرئيس عبدالناصر كان من أسرة فقيرة وكان من الضباط الأحرار وكان هناك من الضباط من أولاد الأثرياء والإقطاع من لم يفكروا فى مصلحة الوطن ولم يقفوا ضد فساد الملك فاروق. ثم أصبح رئيساً لمصر فى وقت من أحرج الأوقات، وكان عبدالناصر والشعب كله يعرف أن والد عبدالناصر ليس وزيراً بل يعمل فى البوسطة. ولم يكن السادات من أسرة غنية ووقف ضد فساد الملك وكان من الضباط الأحرار وحكم مصر بعد عبدالناصر، وكذلك مبارك كان أبوه عاملاً بسيطاً فى المحكمة فى شبين الكوم وللأسف كان غير بار بوالديه. أيها القاضى الطبقى العنصرى، كثير من زعماء العالم ممن وقفوا ضد الاستعمار والاحتلال لبلادهم وغير بلادهم كانوا من الفقراء. أنت أيها الوزير الطبقى تذهب للعلاج عند أطباء مشهورين فى مهنتهم ولا تفتش فى أصلهم وغناهم أو فقرهم. أنت تبحث عن شهرتهم وتفوقهم.

كان عليك أن تبحث عن وظيفة فى جنوب أفريقيا أيام التفرقة العنصرية وليس فى مصر بلد الحضارات وخصوصاً الحضارة الإسلامية التى أخرجت الناس من الظلمات إلى النور، ظلمات الجهل وظلمات العنصرية وبعض الأعراف الجاهلية التى كان يعبر عنها الشاعر بعنصرية مثلك فيقول: ونشرب إن وردنا الماء صفواً: ويشرب غيرنا كدراً وطيناً. إذا بلغ الفطام لنا رضيع. : تخر له الجبابر ساجدينا. كان أجدر بك أيها القاضى، أن تسن سنة حسنة فيكون لك أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ولكنك أسهمت بكلامك الفج المنافى للعدل والمساواة فى سن سنة سيئة، لم تكتمل بفضل الله تعالى.

لقد كان فى الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أغنياء مثل عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف ولكن أعدلهم كان عمر بن الخطاب ولم يكن غنياً. العدل يا سيادة الوزير لا يرتبط بالغنى ولكن بالتربية والتعليم. ويرتبط كذلك بالنفس السوية. أعتقد أن الوزراء يجب أن يخوضوا فى المستقبل ويخضعوا لاختبار فى العدالة وحب الوطن بفقرائه، والسعى لانتشال الفقراء من الفقر، وليس استثناؤهم من النيابة أو القضاء. لو فهم هذا القاضى الدستور الذى يتطلب عمل قوانين تبينه وتفصله، ولا تخالف نصوصه وروحه، لأدرك أن الفلسفة فى وضع الدستور الجديد بعد الثورتين كانت تسعى للمساواة بين المواطنين جميعاً مهما كانت العقائد، والألوان، والمهن والنوع، حتى المعاقين وجدوا أنفسهم فى هذا الدستور، عجيب أن يتجاهل القاضى الدستور وروح الدستور. الحمد لله تعالى أن نجا مصر من هذه العنصرية والطبقية، وندعوه سبحانه وتعالى، أن يطهر نفوسنا جميعاً من آثار الجاهلية وأن يطهر بلادنا كلها من التحديات العديدة من الداخل والخارج، وأن نبدأ مشوار البناء والخروج من التخلف. ذلك فى ضوء العدل والمساواة التامة بين المواطنين، واحترام الكفاءات والتخصص والله الموفق