رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بالصور الفضائية والخرائط .. "ممر التنمية" نهر صناعي صغير بطول 2400 كيلو

فاروق الباز
فاروق الباز

* فاروق الباز: 27 مليار دولار تكلفة "محاور التنمية" .. وتحقق لمصر دخلاً سنويًا يتخطى الـ 10 مليارات دولار

* المشروع يوفر 20 مليون فرصة عمل ويستصلح 2.1 مليون فدان

* 12 فائدة اقتصادية لمشروع الممر أهمها إعادة إحياء "توشكى" و200 مدينة جديدة



جاء اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسي بالعالم المصري، الدكتور فاروق الباز ضمن سلسلة اللقاءات الأخيرة بالعلماء المصريين ليعيد إحياء فكرة محاور التنمية التي تقدم بها الباز منذ أكثر من 30 عاما من جديد، ليخرج إلى النور في ظل ثورة المشاريع القومية التي تشهدها مصر عقب ثورة 30 يونيو.

وقدم الدكتور فاروق الباز ملفا كاملا عن المشروع للرئيس السيسي موضحا فيه كل التفاصيل بالصور الفضائية والخرائط والتكاليف ومصادر التمويل، والجدوى الاقتصادية لممر التنمية، والتي تلخصت في استصلاح ما يقرب من 2.1 مليون فدان، بالإضافة إلى انشاء 200 مدينة سكنية وصناعية كبرى.

يتضمن مقترح ممر التعمير إنشاء 5 مكونات رئيسية، أولها طريق رئيسي للسير السريع بالمواصفات العالمية يبدأ من غرب الإسكندرية بمدينة العلمين ويستمر حتى حدود مصر الجنوبية بطول‏1200‏ كيلو متر تقريبا، وثانيها إنشاء اثنى عشر فرعا من الطرق العرضية التي تربط الطريق الرئيسي بمراكز التجمع السكاني على طول مساره بطول كلي نحو‏800‏ كيلو متر‏، وثالثهما شريط سكة حديد للنقل السريع بموازاة الطريق الرئيسي، وأنبوب ماء من بحيرة ناصر جنوبا وحتى نهاية الطريق على ساحل البحر المتوسط‏، وأخيرا خط كهرباء يؤمن توفير الطاقة في مراحل المشروع الأولية.

التمويل :
التقرير الذي أعده الدكتور فاروق الباز، أكد أن المشروع الذي تقدم به منذ أكثر من 30 عاما كانت تكلفته لا تتخطى 6 مليارات جنيه، وأنه اليوم في ظل غلاء الأسعار والطاقة لن تقل التكلفة عن 27 مليار دولار، أي 189 مليار جنيه مصري، مبينا أن المشروع يمكن طرحه للتنفيذ للمستثمرين المصريين والعرب والأجانب، من خلال شراكة وطنية بين مؤسسات الدولة الحكومية والقطاع الخاص.

وأوضح العالم المصرى، أنه يمكن الاعتماد على إنشاء مشروع ممر التنمية بالاعتماد على الاستثمارات العربية والأجنبية، بالإضافة إلى الاكتتاب الشعبى فى المشروع، مطالبا باستثمار النجاح الذي حققته شهادات الاستثمار في تطبيقها علي محاور التنمية.

وأشار التقرير، إلى أن المشروع سيتم تقسيمه إلى مراحل وفقا لجدول زمني مرتبط بشكل أساسي بمخطط التمويل ثم التشغيل، "لذلك فإذا افترضنا أن المشروع يمكن إكماله في عشر سنوات، فالتقرير أوضح أن الخمس السنوات الأولى لإنهاء المحاور العرضية والبنية التحتية للمشروعات المخطط لها على كل محور، ما يؤهل الزحف التدريجي في اتجاه الغرب، أما الخمس سنوات التالية فسيتم تخصيصها للمحور الطولي الذي يعتبر العمود الفقري لربط المحاور بعضها ببعض وبالخارج شمالاً وجنوبا.

محاور التنمية :

يعتمد ممر التنمية على 12 محورا للتنمية بأطوال تصل إلى 1212 كيلو متر بالإضافة إلى ممر طولي يمثل العمود الفقري بطول 1200 كيلو متر، أي أنابيب من المياه يبلغ طولها 2400 كليو متر.

أولا: محور الإسكندرية:

يبلغ طوله 105 كيلو متر ويبدأ ممر التنمية على ساحل البحر المتوسط بالقرب من موقع العلمين، ويمتد أول محاوره شرقا إلى الإسكندرية ويعد بذلك شريانا يربط الممر بشمال الدلتا، ولأنه يوازي ساحل البحر فهو يؤهل التنمية في قطاعي السياحة وتنمية الموارد السمكية إضافة إلى زراعة الفواكه التي تزدهر في هذا المناخ.

وتؤهل بيئة المنطقة القيام بعدد من المشروعات الاقتصادية، أهمها تطهير المخازن القديمة وحفر مخازن جديدة لحفظ ماء المطر الذي يتجمع على سطح الصحراء الساحلية في صخور الحجر الجيري بالمنطقة كما كانت تستخدم من عصر الرومان وحتى عصر الثورة، بالإضافة إلى تشييد مراوح هوائية لضخ المياه الجوفية من الآبار على طول الساحل، وأخيرا إنشاء متاحف حربية ترصد التاريخ العسكري لمنطقة العلمين.

ورغم أهمية المحور إلا أن خبراء الجيولوجيا وعلوم الصحراء، وحتى العسكريين أكدوا أنه يواجه تحديات كبيرة لاتمام إنشائه، أهمها إزالة الألغام الباقية من الحرب العالمية الثانية، وتشير التقديرات الدولية إلى وجود أكثر من 20 مليون لغم مضاد للأفراد والسيارات الحربية وحتى الدبابات، والأخطر من ذلك أن مصر لا تمتلك خريطة تلك الألغام.

محور طنطا :

يمتد محور طنطا إلى حوالي 146 كيلو متر من الأرض الزراعية في منتصف الدلتا غربا مرورا بأرض صحراوية مستوية، مما يعني أنها ستكون محورا هاما للتخطيط العمراني للإقلال من الضغط على التربة الزراعية، بإقامة مدن وقرى جديدة تبدأ على حدود الأراضي الخصبة وتزداد إلى الغرب رويدا رويدا مع الزمن، حتى يتم إعمار الأراضي على طول المحور بين حدود الأراضي الزراعية الحالية وحتى المحور الطولي في الغرب.

يمر الجزء الغربي من المحور بالمنفذ الشمالي لوادي النطرون بما به من آثار لتاريخ طويل، ويصل إلى هضبة قليلة الارتفاع يمكن تهيئتها لإقامة المصانع، خاصة وأن الرياح تأتي من الشمال إلى الجنوب لذا فإن العوادم الدخانية لن تؤثر على السكان.

وقد أثبتت التنمية الزراعية على جانبي طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي أن هذه المنطقة من الصحراء الغربية بها ما يكفي من التربة الخصبة وكذلك المياه الجوفية على أعماق مختلفة تسمح بالتوسع السكاني فيها، بالإضافة إلى التوسع العمراني، ومشروعات الإنتاج الحيواني مثل تربية الأبقار والأغنام والجمال وحتى الطيور، على مستوى واسع يسمح ليس فقط للاستهلاك المحلي ولكن أيضا للتصدير.

محور القاهرة :

يؤهل هذا المحور الذي يبلغ طوله 83 كيلو ربط المحور الطولي بطريق مصر إسكندرية الصحراوي ثم بأكبر تجمع سكاني في قارة أفريقيا بأكملها "القاهرة"، وليس هناك حدود لما يمكن إنجازه على مسار هذا المحور في نواحي الإعمار وإنشاء المصحات والمستشفيات والجامعات والمدن الجامعية والمدن العسكرية، بالإضافة للمؤسسات الصناعية التي ستعتمد على الزراعات الصحراوية، يمكن أيضا اختيار مواقع لإقامة عشرات المدن وإعداد الكثير من القرى حولها في الجزء الشرقي من محور القاهرة، على أن يتم دعوة ذوي الأفكار لاقتراح مشاريع عمرانية جديدة تستخدم ما توفره البيئة المحلية من صخور للبناء وطبقات الزلط والطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وأوضح التقرير أن المحور سيشهد مخططا لإنشاء مدينة طبية لاحتواء عدد من المستشفيات الحكومية والخاصة والمصحات السياحية والمعامل ومراكز الأبحاث الطبية، بالاضافة إلى مصانع تصنيع الدواء، فالنصف الغربي للمحور يعد موقعا متميزا للصناعات الخفيفة حيث أن إخراجاتها من الهواء الملوث لا يمكن أن يؤثر على مواقع معيشة الناس ذلك لأن الرياح تأتي من الشمال للجنوب.

وأكد الدكتور فاروق الباز، إمكانية امتداد محور القاهرة في الشرق حتى طريق السويس لربط ممر التنمية والتعمير بمدينة السويس، مما يؤهل ذلك نقل البضائع بريا من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر وبالعكس، خلال طريق سريع كمجال إضافي للنقل البحري عبر قناة السويس كلما لزم الأمر.

محور الفيوم :

ويبلغ طوله 119 كيلو ويصلح السهل المستوي في شمال غرب منخفض الفيوم لإقامة العديد من الصناعات الثقيلة بعيدا عن العمران، كما يمكن إقامة عدد من مصانع الأسمنت التي تستخدم خامات الحجر الجيري بالمنطقة، فهذه المنطقة بالذات تصلح لقيام مثل هذه الصناعات لأن اتجاه الرياح من الشمال إلى الجنوب بحيث يمنع وصول الدخان الناتج إلى أي منطقة آهلة بالسكان ويرسلها إلى صحراء غير مأهولة، إلا في أوقات رياح "الخماسين" حيث تتجه الرياح من الجنوب.

محور البحرية :

يؤهل محور البحرية الذي يبلغ طوله 156 كيلو ربط  ممر التنمية والتعمير بواحات الصحراء الغربية كلها، ويمكن أن يربط قرى الواحات البحرية في الشرق بواحة الفرافرة بالغرب، ومن واحة الفرافرة يمكن التوجه في اتجاه الشمال الغربي إلى واحة سيوة، وإلى الجنوب والجنوب الشرقي الى الواحات الداخلة، ثم الامتداد شرقا حتى مجموعة الواحات الخارجة.

وأكد تقرير ممر التنمية اختلاف واقع التنمية الزراعية والصناعية في واحات الصحراء الغربية  عما هو الحال في وادي النيل والدلتا، خاصة وان الزراعات بها تقوم عن مبدأ الاكتفاء الذاتي محليا فقط، أي لزوم إنتاج كل من القمح والأرز، الذي يحتاج إلى كميات هائلة من المياه لذلك يزداد ضخ الماء من الآبار التي ينتج عنها هبوط مستواها أو ازدياد ملوحتها أو الإثنين معا.

وأشار التقرير، إلى أن تقسيم الأرض لا يأخذ في الحسبان الاختلاف البسيط في منسوبها والتعامل معه فتلزم تسوية الأرض التي يمكن أن تقلل من خصوبتها نتيجة لتعرية طبقات غير خصبة، في نفس الوقت يتم إيصال الماء إلى الأرض خلال مسارات الري، ثم تصريفها على طول وادي النيل في ترع الصرف من الشمال إلى الجنوب مع انحدار الأرض شمالا.

محور المنيا :

محور المنيا هو أقصر الطرق التي تصل ممر التنمية والتعمير بوادي النيل، فلا يتعدى 41 كيلو لاقتراب هضبة الصحراء الغربية من الوادي، كما أن هذا الممر هو الوحيد الذي يقطع مساره خطوط كثبان رملية، وهذه الرمال تبدأ في جنوب منخفض الفيوم وتمتد جنوبا حتى تقترب من الزراعة وتغطي بعضها غرب المنيا.

ويتضح من الصور الفضائية أن النطاق المحصور بين خطي الكثبان الرملية قد استخدم الجزء الشمالي في الزراعة بشكل جيد، أما الجزء الممتد في جنوب مسار الفرع فيشتمل على أرض منبسطة تسمح بإنشاء مدينة جديدة كاملة تفوق مساحتها مساحة مدينة المنيا بأكملها، لذلك فهي تصلح للإعمار وفتح المجال لانتقال الكثير من المنشآت مثل مؤسسات المحافظة والجامعة وما إليها.

التقرير أكد أن وجود مثل هذا المكان الواسع الملائم للتعمير يعتبر منفذا متميزا لمدينة المنيا لا يبعد عن موقعها الحالي سوى بضعة كيلومترات، وتسمح المنطقة التي تعلو الهضبة بالتوسع الصناعي مثل تعليب المنتجات الزراعية، وتبعد هذه المنطقة عن مواقع الكثبان الرملية، لذلك فهي آمنة من هذه الناحية.

وطالب العديد من الخبراء بضرورة دراسة الكثبان الرملية وسرعة حركتها والتمعن فيما يؤثر على هذه الحركة وسرعتها، حيث أن الرمال المتحركة في المنطقة تهدد الزراعة والعمران، وربما كان من الأفضل إنشاء مركز لدراسة حركة الرمال في هذا الموقع لخدمة المنطقة محليا إضافة إلى المساعدة العلمية لمناطق أخرى في واحات الصحراء الغربية.

محور أسيوط :

ويبلغ طوله 46 كيلو، ويمتد المحور المقترح غرب أسيوط في سهل وادي النيل ثم في مرتفعات شمالي مطار أسيوط ثم في الهضبة المستوية حتى يصل إلى المحور الطولي، والممر المقترح يربط واحات الصحراء الغربية في الشمال عبر الواحات البحرية ومنها إلى سيوة وفي الجنوب إلى محافظة الوادي الجديد بأكملها، في شبه دائرة كاملة تربط الواحات جميعا بباقي أنحاء الدولة.

يتميز الثلث الشرقي من المحور بأرض طينية رسبتها أودية عديدة تبدأ من حافة الهضبة التي يحدها فالق يمتد من الشرق إلى الغرب، وهذه الأرض معظمها مستوي وصالح للزراعة باستخدام ما بها من المياه الجوفية التي طالما تواجدت بسبب قربها من مياه النيل ولهطول الأمطار، بالأضافة إلى التوسع الزراعي.

وتؤهل المنطقة التوسع العمراني لمدينة أسيوط التي اكتظت بالسكان إلى آخر الحدود، ويعتبر هذا السهل منفذا للتوسع في المستقبل، ويطل من السهل واديان ينطلقان من الهضبة، لذلك كان من الأنسب التخطيط لإقامة سدين لحماية المساحة المستوية من السيول إضافة إلى حفظ مياه المطر لتغذية مخازن المياه تحت سطح التربة، وهذ سدود صغيرة غير مكلفة وتساهم في إنماء المناطق المشابهة في صحاري العالم.

موقع الهضبة جنوب السهل بمحاذاة اتجاه شرق غرب نتيجة للفالق في هذا الاتجاه أي في اتجاه وضع يتعامد مع اتجاه الرياح من الشمال، يدل على أن المنطقة يمكن أن تستخدم في إنتاج الطاقة بالرياح ليس فقط لرفع المياه من تحت سطح الأرض ولكن أيضا لإنتاج الكهرباء، أما عن الجزء الغربي من المحور فسطحه يتصف بأنه مصقول ومستو، ويمكن الاستفادة منه في إنشاء معسكرات للشباب وأماكن للترفيه، وهذا الجزء الغربي يتميز بعدم وجود أي من الكثبان الرملية لذا يمكن الاستفادة منه في إنشاء محطات لتوليد الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية.

يشار إلى أن محور أسيوط يتقاطع مع طريق مطار اسيوط، وربما كان من الأنسب التخطيط لتوسيع المطار وإضافة عدد من الرحلات منه وإلى مطارات مصر الأخرى لكي يلعب دوراً مناسباً في إنماء المنتجات المحلية وربط أهل منتصف الصعيد بباقي أنحاء الوطن.

محور قنا :

يبدأ محور قنا باطوال تصل الي 161 كيلو غرب نهر النيل ويستمر في الأراضي المستوية بموازاة ثنية النهر ويستمر في الوادي حتى يصل إلى هضبة الصحراء الغربية غرب بلدة أبو تشت، حيث يعلو مع الهضبة ويستمر غرباً حتى يصل إلى المحور الطولي، وفي شمال المحور تتميز الأرض بخصوبتها لأنها نتجت من ترسيب الطمي في أودية عديدة كما أن الأرض لا بد وأن تحتوي على مياه جوفية تجمعت من الأمطار في الأزمنة الماضية زائداً على أنها تتجدد نتيجة للأمطار التي تهطل على المنطقة، لذا تسمح الأرض هناك بالتوسع الزراعي كما يمكن أيضاً التوسع في الصناعات الخفيفة والإعمار.

وفي جنوب المحور يمكن التوسع العمراني شاملاً ذلك على القرى الجديدة للإقلال من الضغط على المدن الكبيرة مثل قنا ونجع حمادي والقرى العديدة في داخل وادي النيل، ويلزم في صعيد مصر بناء مستشفيات ومعاهد للتدريب الفني والمهني لإعداد جيل صاعد لمتطلبات سوق العمل، كما يلزم أيضا دراسة الأودية المنطلقة من هضبة الصحراء الغربية لتحديد مخاطر السيول فيها وبناء السدود للحد من المخاطر المحتملة والتي تساهم في تغذية الآبار بالمياه الجوفية بالمنطقة على طول المحور من حدود الهضبة إلى موقع وادي النيل.

محور الأقصر :

يمتد محور الأقصر بطول يصل الى91 كيلو من المحور الطولي في اتجاه الشمال الشرقي بموازاة حافة الصحراء الغربية، ولم يقترح هنا مد المحور إلى وادي النيل، خاصة وان المحور لا يمر في أراض صالحة للزراعة، ولا يجب أن تكثر هنا الصناعة، فالغرض من هذا المحور هو السياحة والسياحة الصحية والإعمار اللازم لدعمهما، لذلك فيجب التخطيط لإرساء هذا المحور إذا ما تم إنشاء مطار دولي على سطح الهضبة، هذا المطار الجديد تحتاجه المنطقة لترك المطار الحالي للخدمات المحلية.

الغرض الأساسي لهذا المحور هو فتح آفاق واسعة لإقامة عدد من المدن السياحية الراقية والفنادق الفاخرة بالقرب من حافة الهضبة، ليتمكن السائح من مشاهدة جميع آالفرعونية الخالدة، خاصة وأن الهضبة تقع على بعد دقائق من معبد الأقصر والكرنك شرقي النيل، ووادي الملوك ووادي الملكات والرامسيوم في غرب النيل.

محور كوم أمبو :

ينقسم المحور إلى فرع شمالي إلى كوم أمبو بطول يصل الى 91 كيلو، وآخر جنوبي إلى أسوان بطول يصل الى 58 كيلو، يفصلهما جبل البرقة، ويميز كوم أمبو وجودها في مصب وادي واسع تنبع روافده من جبال الصحراء الشرقية الشاهقة، كما اأن تربة الوادي خصبة كأرض النيل مما سمح بامتداد الزراعة في أرضها.

تتميز الأراضي غربا من أسوان بالاستواء في سهل واسع يفصل مسار نهر النيل عن هضبة الصحراء الغربية، ويمر في منتصف السهل وادي الكبانية الذي كان متصلاً بوادي أبو صبيرة الذي يقع شرق مسار النيل الحالي، وتبين الصور الفضائية مسار وادي الكبانية إضافة إلى دلتاه القديمة وجزء من مسار النيل القديم غرب كوم أمبو.

هذه المواقع جميعها تصلح للزراعة ويجب تنميتها شرق وشمال جبل البرقة، خاصة وأن المنطقة كانت تستقبل مياها سطحية في الماضي وكان وادي كبانية يصب فيها وكذلك كان النيل يمر في شرقها، وكل هذه دلالات عديدة أن المنطقة تكثر بها المياه الجوفية، وهذا يعني أن معظم نشاط استصلاح الأراضي في غرب النيل يمكن أن يتم باستخدام المياه الجوفية، يضاف إلى ذلك أن المنطقة تتخللها فوالق أثر على مسار نهر النيل.

ويمكن لهذه الفوالق أن تنقل المياه حاليا من مسار النيل إضافة إلى مياه الأمطار التي تهطل بين حين وآخر، فتوضح المعلومات الرادارية تواجد شريط مرتفع قليلاً بموازاة مسار النيل مقابل الأرض الزراعية في وادي كوم أمبو، يساهم هذا الشريط كثيرا في إنشاء عدة مدن أو قرى على أرض مرتفعة قليلاً تمتد لمسافة 50 كيلومتر.

ويؤهل الواقع الجغرافي التنمية العمرانية على طول المسافة المزمع تنميتها زراعيا، ويمر مسار الفرع الجنوبي من جنوب غرب جبل البرقة في اتجاه الجنوب الشرقي إلى المنطقة غرب بلدة أسوان، وتسمح المنطقة بإقامة منتجعات سياحية شتوية لأن الأراضي مستوية وبعيدة عن أماكن التكدس السكاني، يمكن في هذه المواقع اقتباس كل ما أمكن من الفن المعماري النوبي الذي نتج عن خبرة طويلة في المناخ الحار الجاف منذ قرون.

وأكد التقرير، أهمية تطوير وتوسيع مطار أسوان لأنه يمكن أن يصبح مطارا دوليا متميزا يخدم حركة الطيران من أوروبا إلى الشرق الأقصى زائدا على خدمة السياحة المحلية وكذلك نقل الصادرات من جنوب مصر إلى شمالها.

أما عن باقي الممر بعد نقطة تلاقي فرع كوم أمبو وفرع أسوان غرب جبل البرقة وحتى مسار المحور الطولي فوق هضبة الصحراء الغربية ، فيمكن تركه دون إنشاءات في الوقت الحالي، مثله مثل أماكن أخرى بالقرب من مسار المحور الطولي يمكن تركه ليتسنى للأجيال القادمة أن تخلق فيه مجالات جديدة للإنماء الاقتصادي.

محور توشكى :

أحد أهم فوائد ممر التنمية الهامة ، يؤهل الانتفاع الكامل بمشروع توشكى، من خلال ربط منطقة توشكى بباقي أجزاء الوطن لتأهيل نقل الناس منها إلى الأراضي الجديدة وكذلك نقل منتجات المشروع إلى مراكز التكدس السكاني في الشمال، بتوفير المياه العذبة بطول الممر حيث يتم ضخها من قناة توشكى أو أحد بحيراتها، وتلزم الحاجة للمياه على طول المحور الطولي لاستخدام الإنسان وفي المواقع السياحية مثل تلك المقترحة على الهضبة التي تعلو منطقة الأقصر، ويبلغ طول المحور حوالي 66 كيلو.

محور أبو سمبل - بحيرة ناصر :

ينتهي ممر التنمية جنوبا على حدود السودان مقابل وادي حلفا، بمد الممر من محور أبو سمبل– بحيرة ناصر إلى الحدود بطول 55 كم يؤهل احتمال إمداد الممر في صورة لائقة جنوبا حتى الخرطوم ومنها إلى باقي أفريقيا إذا لزم الأمر.

وإلى حين أن تكتمل هذه المسيرة مستقبلاً وصول الممر إلى نقطة مقابلة لوادي حلفا يؤهل نقل الناس والمنتجات والبضائع من الضفة الغربية للبحيرة إلى بلدة وادي حلفا وبالعكس، ويمكن أن تصل وادي حلفا سكة حديدية تربط بينها وبين كل من الخرطوم في الجنوب وبورت سودان على ساحل البحر الأحمر.

الجدوى الاقتصادية :

وفقا لتقرير الدكتور فاروق الباز يحقق الممر 12 ميزة وجدوى اقتصادية، أولها الحد من التعدي على الأراضي الزراعية داخل وادي النيل، وفتح مجالات جديدة للعمران بالقرب من أماكن تكدس السكان، وإعداد عدة مناطق لاستصلاح الأراضي غرب الدلتا ووادي النيل، وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة والإعمار، وتنمية مواقع جديدة للسياحة والاستجمام في الصحراء الغربية بالشريط المتاخم للنيل، والإقلال من الزحام في وسائل النقل وتوسيع شبكة الطرق الحالية.

ويحقق الممر فرصة لتأهيل حياة هادئة ومريحة في بيئة نظيفة تسمح للبعض بإلابداع في العمل، وربط منطقة توشكى وشرق العوينات وواحات الوادي الجديد بباقي مناطق الدولة خلال وسيلة سريعة وآمنة، وخلق فرص جديدة لصغار المستثمرين للكسب من المشاريع في ميادين مختلفة، ومشاركة شريحة واسعة من الشعب في مشاريع التنمية مما ينمي الشعور بالولاء والانتماء، وفتح آفاق جديدة للعمل والتمتع بثمار الإنجاز في مشروع وطني من الطراز الأول، وأخيرا خلق الأمل لدى شباب مصر وذلك لتأمين مستقبل أفضل.