رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عملية حرق الكتب


يزخر تراثنا العربى والإسلامى والحديث، على مر العصور بتاريخ حافل فى حرق الكتب المخالفة .

كان حرق الكتب سائداً، فى العصور السابقة، بحجج الزندقة والإلحاد، وقد جاء فى كتاب الكامل فى التاريخ، لابن الأثير، ومن ذلك ما وقع على ابن المقفع، من حرق كتبه وقتله، قيل إنه زنديق، والزندقة كانت صفة ألصقت به، لتبرير قتل المناهضين للخليفة وتتم عملية الحرق أو الإتلاف بطريقتين:

الأول، ما تقوم به السلطة تجاه الكتب.. والثانى، ما يقوم به العلماء والفقهاء بأنفسهم، وحرقهم لكتبهم، لتغير تفكيرهم، أو ربما من الخوف من سطوة الحاكم. وتتسبب عملية حرق الكتب أو إتلافها فى ضياع تراث إنسانى يمكن الاستفادة منه. هناك العديد من الأسباب التى أدت إلى ضياع الكتب فى العالم العربى عبر عصوره المختلفة، منها أسباب نفسية بحتة، وأخرى الخوف من اقتناء الكتب فى بعض العصور باعتبارها محرمة وممنوعة خاصة كتب الفلسفة والكتب العلمية التى يلاحق أو يسجن أو يقتل من كان يقتنيها. ويضاف إلى ذلك أسباب أخرى مصدرها الحقد والتعصب الأعمى والجهل القاتل، والأسباب الخارجية المتمثلة فى غزو البلدان العربية واحتلالها من قبل الأجنبى، وتدمير مكتباتها وحرق ما فيها من كتب أو سرقتها... أدت جميع تلك الأسباب إلى ضياع زهاء عشرة ملايين كتاب.

وتؤكد المصادر التاريخية أن بداية ضياع الكتب فى العالم العربى الإسلامى كانت على أيدى المؤلفين أنفسهم، حيث لعبت عوامل نفسية فى قيام بعضهم بالتخلص من كتبهم. فقد أحرق أبوحيان التوحيدى كتبه بنفسه لأنه لم ينل من التقدير والاحترام فى حياته ما كان يرجوه. عند خروج الحملة الفرنسية من مصر العام 1801م تم نقل العديد من المخطوطات من مصر بل عمد إلى حرق الكتب والمكتبات بالجزائر. فقد أشار الفرد بتلر فى كتابه «فتح العرب لمصر» قيام الفرنسيين بحرق مكتبة جامعة الجزائر وكانت تضم نصف مليون كتاب.

وخلال الحربين العالميتين الأولى والثانية دمرت وأحرقت آلاف الكتب والمكتبات وضاع الكثير من التراث الإنسانى إلى الأبد.. واشهر عملية حرق تلك التى أشار إليها بعض المؤرخين من حرق مكتبة الإسكندرية، إبان الفتح العربى لمصر، ويقال إن التتار أحرقوا مكتبة بغداد، وأن النيران ظلت مشتعلة فيها مدة طويلة. كما أحرقت كتب لنصر حامد أبوزيد، ونوال السعداوى. أما أبشع عملية حرق كتب، فتلك التى قام بها الثوار فى أعقاب ثورة يناير 2011، حيث قاموا فى نوفمبر من نفس العام، بإحراق المعهد العلمى ومكتبته التى تحوى آلافاً من الكتب النادرة، واعترفوا بذلك علانية فى أحد البرامج الفضائية، وقد حكم عليهم بالسجن.

ونرى أن عملية حرق الكتب بالطريقة التى تمت بها، دون مراجعة أو تمحيص، يدل أن هناك رغبة فى تقديم فروض الطاعة والولاء بطريقة مشينة، لأنهم لم يطلعوا على عناوين تلك الكتب التى أحرقوها ومنها «جمال الدين الأفغانى» لعثمان أمين، وكتاب «بونابرت فى مصر»، وهو كتاب فرنسى ترجمه خليل أندراوس.

والكتاب يعد أهم كتاب على مستوى الحملة الفرنسية، وله قيمة تاريخية، وكتب تحوى مقالات الكاتب سمير رجب، الصحفى المعروف بولائه لمبارك والكاتب الصحفى بالأهرام رجب البنا، الذى ربما اسمه «البنا» أثار حفيظتهم بانتمائه إلى «حسن البنا»، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين. كذلك تم حرق كتب طبعها المركز القومى لمكافحة المخدرات.

■ كاتب