رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يوم اليتيم بين الملاجئ والدولة


ما أن حل شهر أبريل حتى وجدنا سيلاً من الأنشطة والفعاليات يقوم بها الكثير من المؤسسات والجمعيات والمنظمات للاحتفال بالأيتام، وبالنسبة لى حرصت على المشاركة فى فعاليات بعض الجمعيات والمؤسسات المصرية ، وبالطبع شاركت فى أول احتفال بيوم اليتيم فى أول جمعة بجمعية هدى شعراوى أعرق جمعية مصرية، ولقد شاهدت الابتسامة ترتسم على وجوه هؤلاء الذين وجدوا أنفسهم فى أوضاع صعبة بلا أهل، ويعيشون فى دور بعضها مناسب وبعضها لابد من مراقبته ووضع إشراف مستمر من وزارة التضامن الاجتماعى عليه ، إن هؤلاء الأطفال حينما تقترب منهم وتحاول التقرب إليهم ستجد أن فى عيونهم لمحة حزن مهما رسمنا على وجوهم من ابتسام فى هذا اليوم، فإنها تعود لتطل من وجوههم ، وأنا أعتقد أن يوم اليتيم ببساطة لابد أن يكون منهجاً يستمر طوال العام، أى أن يكون منظومة كاملة لرسم الابتسامة على وجوه الأطفال الذين فقدوا والديهم أو ذويهم ويعيشون على هامش الحياة فى انتظار لحظة عطف أو لمسة اهتمام حقيقى بهم، ليشبوا مواطنين صالحين فيما بعد، وحتى لا يتحول الحرمان العاطفى الذى يفتقدونه إلى سلوك عدوانى تجاه المجتمع الذى يعيشون فيه ،،

إن الأطفال الأكثر احتياجاً للعطف لابد ان تتم متابعتهم باستمرار وليس فى موسم يوم اليتيم ، لابد ألا يسقطوا من حسابات الدولة، وأن يُخصص لهم مشرفون على درجة كبيرة من العلم والكفاءة والأخلاق الحميدة، بحيث يتولون الإشراف والرقابة والمتابعه لدور الايتام التى لاتزال تحدث فيها تجاوزات كثيرة وبخاصة تلك التى تقع تحت الإشراف المباشر للجماعات المتطرفة، أو التى تتشدق بالدين والدين منها براء، لأنها ستنشئ الأطفال على أفكار ومفاهيم متطرفة وعقول منغلقة تبث فيهم سموما وكراهية لمن هم خارج الجماعة لمن لا يتبعون تعاليمهم المغلوطة ، مما سيدمر بذلك أى إمكانية لأن يصبحوا مواطنين صالحين فى المستقبل، أو حتى أن يجعلوا لحياتهم معنى وهدفاً، بل سيصبحون أدوات تستخدم ضد الوطن الذى نحاول بناءه على أسس سليمة . إن بعض دور الأيتام لاتزال تحت إشراف الجماعة المحظورة أو أتباعها، ولابد من إصلاح أحوالها وإحداث تغييرات فيها.

إن طفل يتم تنشئته بشكل سليم وعلى مبادىء وأسس سليمة ويعيش طفولة يحس من خلالها برعاية واهتمام، ويمارس الرياضة التى يحبها، أو هواية يستمتع بها ويكون وسطياً فى دينه وتعليمه، يؤهله للعمل والحياة فى وطن يحبه وينتمى إليه فيما بعد، إن مثل هذا الطفل يمكن أن يصبح ناجحاً فى حياته ومتميزاً فى عمله .

إن الطفولة التعيسة تنتج جيلاً من التعساء الكارهين للمجتمع ، والذين ستظهر كراهيتهم فى ممارسات عدوانية وسلوكيات عنيفة ومتطرفة أو مدمرة أو تخريبية، لأنهم ببساطة لم يجدوا الرعاية والاهتمام أو حتى القليل من مشاعر الحب تجاههم فى دور الأيتام، ولا من قبل الدولة التى يعيشون فيها، لهذا فإننى مع حلول شهر أبريل حيث نحتفل فى أنحاء مصر بيوم اليتيم، لابد أن تنظر دولة مصر الجديدة فى ملف الأطفال فى دور الأآيتام، لأنهم يستحقون هذا، وحتى لا نتركهم نهباً فى بعض الدور تحت رحمة عقول متخلفة وأيادٍ مخربة.