رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لعنة الداخلية على وزرائها «1»


أعترف أننى لم أجد بديلاً لكلمة لعنة، وذلك للتعبير عما حدث لوزراء الداخلية الذين تولوا الوزارة، منذ حكم حسنى مبارك فى أكتوبر 1981 أى منذ أكثر ثلاثين عاماً، عشرة وزراء للداخلية، لم يتقدم أحد منهم باستقالته، ولكنهم أقيلوا، أو أجبروا على الاستقالة، اثنان فقط منهم هما النبوى إسماعيل وحسن أبو باشا ذهبا إلى وزارة الحكم المحلى بعد إعفائهما من منصبيها.
أما الباقون فقد ذهبوا إلى بيوتهم والتزموا الصمت. ثم عدل حسنى مبارك عن فكرة تعيين وزراء الداخلية عن فكرة مكافأة وزراء الداخلية بالحكم المحلى.عندنا لا يتم اختيار وزراء الداخلية بسبب أفكارهم وثقافتهم ومشروعهم الأمنى الذى يقدمونه، ولكنهم يختارون بطريقة غامضة، تشبه كثيراً طريقة اختيار شلة أصدقاء للسهرة! من يعرف أحداً يخبر عنه الرئيس، كما أن كل رؤساء الوزارات الذين حكموا مصر منذ ثورة يوليو حتى الآن، لم يأت أى منهم بوزير داخلية بمعرفته، ولكنه وجد الوزير جاهزاً على قائمته، بل ومفروضاً عليه. سبعة منهم فى عهد مبارك، وثلاثة فى عهد الثورة خلال عام واحد، ولنبدأ بوزراء مبارك.النبوى إسماعيل، الوزير المخضرم، عاصر المنصة بأهوالها ونتائجها الوخيمة على مصر، ساهم ــ وبقوة ــ فى تثبيت مبارك فى الحكم، وذلك بتطبيق القانون والدستور بأقصى سرعة، كان خائفا من الفريق كمال حسن على وزير الخارجية الذى طلب عدم الاستعجال والانتظار ستين يوماً، وهى الفترة المنصوص عليها فى الدستور. غير أن حسنى مبارك رد له الجميل وأقاله من الداخلية فى أول وزارة أسسها فى مطلع عام 1982! وهو الوحيد الذى تحدث كثيراً فى الصحف وأجهزة الإعلام عن دوره فى المنصة، كما أنه فى عهده بدأت الذراع الأمنية فى الامتداد شيئاً فشيئاً للتدخل فى جميع مناحى الحياة، وكانت من أبرز مظاهر هذا التدخل نزول الحرس الجامعى إلى جامعات مصر، وبدء التدخل الأمنى فى انتخابات اتحاد الطلاب، كما شهدت هذه المرحلة أيضاً التزوير الكبير فى انتخابات مجلس الشعب عام 1979، حيث تم إسقاط العديد من رموز المعارضة مثل خالد محيى الدين، وكمال الدين حسين، عضو مجلس قيادة ثورة يوليو، بعد أن نجح فى دائرة بنها عام 1976، وأبوالعز الحريرى وكمال أحمد وعادل عيد ومحمود القاضى وقبارى عبدالله والشيخ المحلاوى، وغيرهم ممن رفضوا وعارضوا اتفاقية كامب ديفيد، وقت أن تم عرضها على مجلس الشعب.وشهدت هذه المرحلة أيضاً عدداً من الاستفتاءات المزورة مثل: الاستفتاء على قانون العيب الذى أصدره السادات، وإليه تنسب واقعة اعتقال 1536 من كل رموز مصر من مثقفين ومفكرين وسياسيين ورجال دين، وإن كان قد حاول التنصل منها، حيث تمكن من وضع رئيس الجمهورية فى حالة من التوتر المستمر، وصوّر له أن حكمه مهدد بهؤلاء المفكرين، وصور له أعتقالهم. وقد وصفه الدكتور بطرس غالى، وزير الدولة للشئون الخارجية فى عهد السادات ومبارك، بأنه رجل ضابط بارز فى الشرطة، وله سمعة طيبة لنجاحه فى تدبير العمليات السرية.حسن أبو باشا.. كان أول وزير داخلية مثقف، ويتمتع بحس سياسى بعد الوزير شعراوى جمعه آخر الوزراء من ذوى الفكر والرأى، كان أبو باشا أول من أجرى انتخابات نزيهة فى مايو 1984 بالقائمة النسبية، لأول ولآخر مرة فى عهد الرئيس حسنى مبارك كانت نتيجتها حصول حزب الوفد متحالفاً مع الإخوان المسلمين على 58 مقعداً، وحزب العمل على 17 مقعداً متحالفاً مع التيارات الدينية. وخرج من الداخلية فى يوليو 1984 فى تعديل وزارى فى حكومة الدكتور فؤاد محيى الدين . كما تعرض لمحاولة اغتيال فى 6 مايو 1987. توفى فى 18 سبتمبر 2005. وإليه ينسب الفضل فى إقناع الرئيس مبارك بالإفراج عن البابا شنودة بطريرك الأقباط، وعودته لمباشرة مهامه البابوية والرعوية فى كنيسته فى يناير 1984. وهو أول وزير داخلية يؤلف كتاباً عن فترة عمله مديراً لأمن الدولة ووزيراً للداخلية،، صحيح أن الوزير لم يذكر كل الحقائق والتفاصيل، ولكن ذاكرة الوزير رشحت عن بعض الوقائع التى لا يمكن إغفالها، كتب الوزير كتابه فى ظل الرئيس مبارك، وربما كان الرجل يخشى سطوة الرئيس فلم يكتب كل ما عاصره وشاهده.وكان حسن أبوباشا أول من نادى بضرورة الحوار مع الجماعات الإسلامية، غير أن الرجل كان يريد الحوار علنياً، وعلى شاشات التليفزيون، وهو ما تسبب فى إجهاض موضوعه.

كاتب