رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عملية "الوعد الصادق" تخدم الأهداف الإسرائيلية للتخلص من البرنامج النووي الإيراني

برنامج إيران النووي
برنامج إيران النووي

تمثل عملية "الوعد الصادق" التي قامت بها إيران يوم 13 أبريل 2024 والتي استهدفت خلالها مواقع داخل إسرائيل  نقطة فارقة في تاريخ الصراع الإسرائيلي الإيراني، حيث تعد المرة الأولى التي تستهدف فيها طهران إسرائيل بشكل مباشر في هجمات انطلقت من أراضيها في الداخل، ما يشير في الواقع إلى تحول نوعي في مسار الصراع المعقد بين الجانبين، يخدم الأهداف الإسرائيلية كثيًرا في التخلص من الملف النووي الإيراني، حسب المركز المصري للدراسات.

ورأى المركز، أن الهجوم الإيراني الأخير على إسرائيل بمئات المسيرات والصواريخ تخطى وتجاوز قواعد الصراع والخطوط الحمراء التي استمرت طوال تاريخ صراعهما الذي يمتد لعقود، حيث كان ينحصر الصراع بينهما في عمليات غير مباشرة ينفذها الوكلاء أو تقوم بها استخبارات الجانبين.

"الوعد الصادق" فتحت المجال لتكرار عمليات عسكرية مباشرة بين الطرفين في المستقبل

وقال المركز إن "عملية الوعد الصادق تمثل تطوًرا نوعًيا في مسار صراع الطرفين وينذر بمرحلة جديدة متطورة للغاية في اشتباكاتهما المستقبلية"، وقد لا تقتصر على استخدام طهران للجماعات الوكيلة وضرب إسرائيل لهذه الجماعات في مواقع مختلف بالإقليم.

وأضاف: "أن عملية الوعد الصادق تفتح الباب واسًعا وتمنح الفرصة لإسرائيل للترتيب لعملية عسكرية مباشرة في الداخل الإيراني، على النحو الذي تمثل معه كسًرا إيرانًيا لحاجز الاشتباك المباشر مع إسرائيل الذي لطالما حاولت إيران كثيًرا عدم هدمه"، مشيرًا إلى أن هذا المبدأ كان من الأصول الدفاعية الإيرانية الثابتة التي تبناها النظام الحالي منذ مجيئه في سبعينيات القرن الماضي.

وتابع: "ويعني هذا أنه قد أصبح مطروحا على أجندات وزارتي الدفاع في إيران وإسرائيل إمكانية تنفيذ هجمات عسكرية مباشرة ضد الجانبين في أي وقت".

في هذا الإطار، توقعت الورقة التحليلة بشكل كبير أن تلجأ إسرائيل –في ظل توترات واحتمالات تصاعد  ومن ناحية أخرى، الصراع بينهما في أي وقت بالمستقبل- إلى تنفيذ عملية ضد إيران، حتى لو لم تكن للرد على "الوعد الصادق"، وهو ما يعني  دخول مرحلة "اللا عودة" التي لا يمكن معها إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

تغيير إسرائيل لاستراتيجة الغرب في المواجهة مع إيران متعمدة

ورأت الورقة التحليلية أن الهدف الإسرائيلي من هجوم القنصلية في دمشق، كان "الوعد الصادق" نفسه وليس اغتيال نائب قائد "فيلق القدس" في سوريا محمد رضا زاهدي، أو قادة عسكريين إيرانيين.

وذكرت أن إسرائيل هدفها من الهجوم على القنصلية الإيرانية، كسر الأعراف الغربية القائمة على ترجيح عدم مهاجة الأراضي الإيرانية واستخدام أسلحة أخرى في مواجهة طهران أبرزها العقوبات، ومن ثم تشجيع الولايات المتحدة والأوربيين على تصفية الحسابات الأخرى مع طهران عن طريق مهاجمة إيران نفسها، بما يعني تغيير استراتيجية الغرب في مواجهة إيران.

وأوضحت أن هذا التغيير الجذري "يخدم الأهداف الإسرائيلية كثيًرا في مواجهة إيران"؛ إذا ترغب إسرائيل منذ سنوات في استخدام الحل العسكري مع بعض الملفات الإيرانية أبرزها الملف النووي والصاروخي الذي وصل إلى مرحلة متقدمة للغاية في الوقت الذي تنشغل فيه القوى الكبرى بملفات أخرى أهمها بشكل رئيس أوكرانيا وغزة والتنافس الأمريكي الصيني وحالة الاقتصاد العالمي والأمريكي، إلى جانب ملفات أخرى مثل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر 2024 والتي تؤجل في الواقع اتخاذ الإدارة الأمريكية الحالية خطوة حاسمة تجاه البرنامج النووي الإيراني سواء عن طريق التفاوض أو العقوبات أو غيره.

وخلص المركز أن تغير عملية "الوعد الصادق" الإيرانية من شكل الصراع الإيراني الإسرائيلي على طريق طرحها على الطاولة لدى الطرفين، إمكانية استخدام خيار الهجمات العسكرية المباشرة والمعلنة ضد بعضهما البعض، منوهًا بأن هذا يصيغ تساؤلًا بارًزا حول دور الجماعات الوكيلة لإيران في مستقبل الصراع بين طهران وتل أبيب في ظل هذه المتغيرات. كما يضعنا أيضًا أمام تساؤلات حول دور القوى الكبرى والإقليمية في محاولة كبح جماح تصعيد إيراني إسرائيلي مسلح خطير سيؤثر بشكل جوهري – إن حدث – على أمن دول منطقة الشرق الأوسط والمصالح الغربية في الإقليم.