رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكاتبة سماح أبوبكر: «حياة كريمة» فتحت لى «مغارة على بابا» و«الشركة المتحدة» طورت صورة الطفل فى الدراما المصرية

الكاتبة سماح أبوبكر
الكاتبة سماح أبوبكر

 

- قالت: أحلم بأن يرى الأطفال أنفسهم فى حكاياتى وأحاول تحقيق حلمى عبر «حواديت ماما سماح»

- نتحدث كثيرًا عن الأطفال لا معهم وجملة «هى كده» تبنى حائطًا بين الأهل وأبنائهم

- كثير من الناس لا يفرقون بين الرعاية والتربيةونحتاج إلى تربية الآباء قبل الأبناء

قالت سماح أبوبكر عزت، الكاتبة المتخصصة فى أدب الطفل، إنها ظلت تحلم بأن يرى الأطفال أنفسهم فى كتاباتها وحكاياتها منذ بدأت العمل معهم منذ نحو ٢٠ عامًا، مشيرة إلى أنها تأثرت بمنهج جدتها فى الحكى والتشويق، وهو ما تتبعه حاليًا فى بودكاست «حواديت ماما سماح»، الذى تقدمه بالتعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.

وأوضحت كاتبة أدب الطفل، خلال حديثها إلى برنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، أن طفل اليوم أصبح مختلفًا عن طفل الأمس، وتأثر بتطور التكنولوجيا، الذى ساعده فى الحصول على المعلومة، فلم يعد من السهل الضحك عليه، مؤكدة أهمية الحديث للأطفال أكثر من الحديث عنهم، مع تحفيز خيالهم منذ الصغر، والسماح لهم بالتعبير عن أنفسهم.

واعتبرت أن مبادرة «حياة كريمة» فتحت لها «مغارة على بابا» بعد أن سمحت لها بالتواصل مع الأطفال من جميع أنحاء مصر، مشيرة إلى أهمية تطوير القالب الذى تقدم فيه المعلومات للأطفال، خاصة فى المناهج الدراسية، لأن تقديم المعلومات الجافة والتركيز على القيم المباشرة يدفع الأطفال للنفور. 

■ متى بدأتِ الاهتمام بالعمل مع الأطفال؟

- بدأت الاهتمام بالعمل مع الأطفال منذ ٢٠ عامًا، وأول احتكاك لى كان من خلال أعمال درامية من إنتاج شركة «صوت القاهرة»، وقد عملت فى العديد من المسلسلات التى حصلت على جوائز، مثل مسلسل «علاء الدين وكنز جدو أمين»، الذى حصل على جائزة ذهبية من مهرجان الإعلام العربى فى عام ٢٠٠٢، وأنا حصلت على جائزة ذهبية فى السيناريو، ثم توالت الأعمال، كما عملت أيضًا مع الفنان زكريا يوسف، شقيق الفنان حسن يوسف، عن مواقف الطفولة فى حياة العلماء والشخصيات المؤثرة.

أى أننى مهتمة بالأطفال منذ البداية، والكتب كانت فى مرحلة تالية، لأنى أحب الأطفال وأستطيع الوصول إليهم، وهذا ما شجعنى أكثر على الاستمرار فى هذا الطريق.

■ هل كان هناك من يحكى لكِ وأنتِ صغيرة؟

- نعم، جدتى كانت حكّاءة رائعة، وكانت لديها مَلكة الحكى بشكل مختلف دون ملل، حتى لو حكت الحكاية أكثر من ١٠ مرات، فقد كانت تعرف كيف تقف وكيف تشوق وتجعل العين كلها دهشة عند الحكى، وهذا هو المنهج الذى أتبعه مع الأطفال.

■ ما الاختلاف بين حكايات الجدة وحكاياتك؟ وما القيم التى أخذتِها أو أضفتِ عليها؟

- القيم موجودة لكن طرق تقديمها اختلفت، فالتركيز على القيمة بشكل مباشر يجعل الطفل ينفر، ويشعر كأنك تقدم له درسًا، والطفل اليوم مختلف تمامًا ويريد أن يتعب ليصل إلى المعلومة، والبداية تكون من عنوان الحكاية الذى يجب ألا يكون مباشرًا، بل يجب أن يجعل الطفل يفكر فى قصة الحكاية، وطالما فكر سيبدأ فى الانتباه، لكن لو جاءت الحكاية سهلة فإنه سينصرف عنها فورًا.

وهناك أيضًا اختلافات كبيرة جدًا بين الأطفال قديمًا وحاليًا، وأبرز تلك الاختلافات هى أن العالم أصبح مفتوحًا أمام الأطفال الآن، ومن السهل جدًا أن يصلوا لأى معلومة، فعليك إقناع الطفل أولًا، فهو لا يقبل الأوامر إطلاقًا ولا يقبل افعل ولا تفعل.

ولى قصة اسمها «الدائرة الحائرة»، وقد حصلت على جوائز ومثّلت مصر فى قائمة الشرف الدولية فى عام ٢٠٢١، وذهبت لتسلم وثيقة الشرف من موسكو منذ عامين، وأثناء كتابة القصص كنت أحكى القصة قبل أن تُكتب كى أرى رد الفعل عليها.

وكانت القصة، على خلاف قصص الأطفال المعتادة، نهايتها حزينة، وتحكى عن تقبل الآخر، وأن الاختلاف لا يعنى الخلاف، والقصة ببساطة تحكى عن كائنات ليلية وأخرى نهارية، والكائنات الليلية مثل البومة والخفاش والكروان ترى الدائرة التى تظهر فى السماء ليلًا وهى القمر، أما الديوك والعصافير والحمام فترى الشمس، وبدأ الاختلاف يحدث بين الكائنات الليلية والنهارية، فالكلب الذى يسهر فى الليل ويصحى فى الصبح يقول لها: «أنتم الاتنين صح لكن اسمعوا بعضكم». وعندما كنت أحكى القصة قلت للأطفال إن الغابة ستُدمر فى النهاية، وقال لى ولد إن المهم هو «أن القصة تقنعنى مش تبسطنى، وحضرتك لو قلت لى فى نهاية القصة إن الكائنات أصبحت أصدقاء وعاشت فى سلام فلن أصدق، مثل الأفلام القديمة»، وبالفعل كتبتها مثلما حكيتها، وحققت نجاحًا.

■ هل الوعى عند الأطفال حاليًا مرتبط بالتكنولوجيا؟

- بالطبع، الوعى لدى الأطفال حاليًا مرتبط بالتكنولوجيا، فقد أصبح لديهم شغف للحصول على المعلومات والمعرفة، الوصول لأى معلومة أصبح سهلًا الآن، ولم يعد من السهل الضحك على الأطفال أو الرد بإجابة ليست مقنعة، أو أن تقول له: «أنت مالك؟» أو «هى كده»، فهذا أول شىء يبنى حائطًا بين الأهل والأطفال، ويكسر أشياء كثيرة داخل الطفل.

■ هل نربى أبناءنا بطريقة صحيحة؟

- ليس دائمًا، فالشكوى المتكررة من الأطفال هى ألا أحد يتحدث معهم أو يسمعهم أو يعطيهم الوقت، فكثير من الأهالى لا يفرقون بين الرعاية والتربية، فالرعاية هى توفير مدرسة جيدة ونادٍ وملابس وألعاب، لكن التربية شىء آخر، وهى أن أتحدث معه وأعرف كيف يفكر، ومن أصحابه، ويجب أن نخصص نصف ساعة يوميًا للحديث مع الأبناء عن يومهم، وما أكثر شىء أسعدهم أو أحزنهم، فهذا الأمر يشعر الطفل بأن هناك من يسمعه، وهذا ما جعلنى أقول إننا نتحدث عن الأطفال كثيرًا لكن لا نتحدث معهم.

وأنا أترك الأطفال فى الورش يرسمون ما يحلمون به، فهناك من يرسم طائرة أو سيارة أو صاروخًا، وقد وجدت ولدًا رسم «موبايل»، ولأول وهلة يمكن أن تعتقد أنه يريد «موبايل»، لكن فى الحقيقة هو كان يتمنى أن يكون «موبايل»، ولما سألته: «ليه عاوز تكون موبايل؟»، قال لى: «علشان بابا بيرجع من الشغل تعبان مبيكلمش حد، وأول ما يطلع الموبايل يضحك ويعيش مع نفسه، وماما معاها الموبايل فى كل مكان، ونفس الكلام أخويا، علشان كدة نفسى أكون موبايل».

■ هل لدينا خلل فى وعينا بما يمثله الأطفال فى الأساس؟

- نعم، هناك ناس كثيرة تعيش بمبدأ «خلاص أنا خلّفت»، لكن قبل ما أخلف طفلًا فعلىّ أن أعرف كيف أربيه وماذا سأعطى له، وزمان كان الأهل عندهم وقت لكن الأطفال لم يكن إدراكهم مثل الآن، أما الآن فالأهل انشغلوا أكثر ووعى الأطفال أصبح أكبر، فأصبحت هناك فجوة واسعة بين الأطفال والأهل، وكل طفل يعيش فى فقاعة ويكتفى بنفسه.

ولذا يجب أن نعيد تفكيرنا فى طريقة تعاملنا مع أبنائنا، فنحن نحتاج إلى تربية الآباء قبل الأبناء، وكثيرًا جدًا ما أنفذ ورش عمل مع الأهل، والأم تقول لى: «ابنى لا يقرأ»، فأسألها: «هل أنت تقرأين؟»، فتقول لى: «لا، أنا بجيب له قصص»، لكن لو أنت قرأتِ معه قصة وأعطيته من وقتك ستكتشفين موهبته من خلال ذلك.

وقد ذهبت مرة إلى فرانكفورت فى عمل، وقررت الذهاب إلى منزل الشاعر الألمانى «جوته» لأرى كيف كانت طفولته، وقالت لى مديرة المتحف إن والدة «جوته» كانت تحكى له حكاية قبل النوم، وقبل انتهاء الحكاية كانت تنادى على المربية وتقول لها إن موعد النوم جاء، فتأخذه المربية وتسأله: «ماما حكت إيه؟ والحكاية خلصت على إيه؟ وتفتكر تخلص إزاى؟»، فيقول: «ممكن يحصل كذا»، ثم ينام الولد، وتذهب المربية لوالدته وتحكى لها ما قاله الولد، وفى اليوم التالى تحكى الأم وتُغيّر الحكاية عما قاله لكن بشكل بسيط يكون قريبًا منه، فيقول لها: «أنا قلت كده»، فتقول له: «مش معقول؟ إنت هاتكون كاتب»، أى أنها حفّزت فيه هذا الأمر.

■ كيف تعلمتِ من تجربة «حياة كريمة»؟

- تجربة «حياة كريمة» كانت بالنسبة لى مثل «مغارة على بابا»، فأنا ألف مصر كلها وأتنقل بين القرى وأقابل كل هذا العدد من الأطفال كان حلمًا من أحلامى، ولم أكن أتصور أنى سأرصد وأدون مشاهدات من كل الجوانب، وأرى البيئة وكيف تؤثر على الأطفال، وأعرف بمَ يحلم هؤلاء الأطفال وكيف يتصرفون؟.

والحقيقة أنى صُدمت، ففى الصعيد رأيت أطفالًا فى منتهى الذكاء والقوة والصراحة، وعندهم وعى بقيمتهم، ولديهم «النخوة والكرم والجدعنة»، وكنت أسألهم عن قراهم وخروجاتهم الجميلة، وأحاول أن أعرف منهم كيف يرون بلدهم، وأتعرف على أحلامهم الكبيرة.

وأحد الأطفال قال لى: الصحراء بها حاجات كثيرة جدًا وأريد أن أكون مهندس بترول لأكتشف الموارد، وأحدهم قال لى: «عايز أبقى زى المهندس هانى عازر وأبنى طرق»، والثانى قال: «عايز أبقى زى الدكتور زاهى حواس وأكتشف البدرشين ومقابر الأمراء فى بنى سويف».

والأطفال هناك ما زلوا أرضًا بكرًا ولم تختطفهم التكنولوجيا بعد، وهناك مساحة لأن تزرع فيهم، وهو ما حاولت فعله بالحديث معهم، لمعرفة كيف يفكرون، وكيف أثرت فيهم «حياة كريمة»، ورأيتهم يتكلمون عن تبطين الترع والطاقة الشمسية وكيف أصبحت القرية خضراء.

وكنت أُصدم دائمًا من هذا الوعى الكبير لدى الأطفال حين أتحدث معهم عن طموحهم وكيفية تكبير وتوسعة المشروعات والمستشفيات والمدارس والحفاظ عليها، والمشروعات الناقصة التى يريدون تنفيذها، وكنت أرى لديهم الحماس للعمل والوصول.

ويمكن ملاحظة ذلك فى جائزة «المبدع الصغير»، ففى كل سنة نجد الأوائل من القرى، فهم يكتبون ما يُدهش القارئ، لأن الطبيعة هناك تضفى عليهم ملامح وصفات وتتيح لهم التأمل، كما أنهم يعرفون عن الزراعة ومواعيد الحصاد، بالإضافة إلى أن جلوسهم وسط الأسرة يزرع فيهم الترابط الأسرى وصلة الرحم، ويزرع فيهم قيمًا جميلة جدًا يفتقدها أبناء المدينة.

وكل هذا غير أشياء كثيرة بداخلى، أولها أنهم رفعوا من روح التفاؤل لدىّ، وأسعدونى بالحب المتبادل والمتدفق، وفى كل مرة أخرج فيها مع «حياة كريمة» أدرك أننى سأمر بيوم جديد من السعادة.

■ فى تقديرك.. هل نحن نؤدى ما علينا تجاه الأطفال؟

- لا، قطعًا، لأن الوجود المستمر مع الأطفال جعلنى أستمع لمشاكلهم، فقد كانت لديهم مثلًا تعليقات على المواد الدراسية التى يدرسونها، ما حفزنى على إجراء تجربة شخصية، بناء على الآراء التى سمعتها منهم.

وقد تساءلت: لو قدمت المعلومات فى كتب المدرسة بشكل مختلف هل سيقبل الأطفال عليها؟، وبالفعل أخذت كتب الدراسات الاجتماعية وكتب العلوم فى المرحلة الابتدائية، وبحثت عما يدرسونه، ووظفته فى كتب بعيدة عن المدرسة، مثل كتابى الذى يتحدث عن التاريخ من خلال الخيول وحكاية «حصان عرابى» و«حصان نابليون» و«حصان الإسكندر الأكبر»، وأصبح الحصان هنا هو الذى يحكى عن التاريخ.

ومثلًا، حكيت عن نظرية الضوء للحسن بن الهيثم، وكيف كانت النافذة هى المحرك الرئيسى للنظرية، وعندما قرأت الحكايات للأطفال فى بعض المدارس وجدتهم ينصتون باندهاش كبير، رغم أن نفس المعلومات موجودة فى الكتاب لكنى فقط وظّفتها بشكل مختلف، وهذا يعنى أننا نحتاج للابتكار فى تقديم المحتوى الدراسى.

وفى دولة الإمارات، وجدت أنهم اختاروا قصة لى لتدخل فى منهج اللغة العربية للصف الأول الابتدائى، وهى قصة منشورة مع إحدى دور النشر فى السوق المصرية، وليست مخصصة للإمارات، أى أنهم قاموا بحصر ما يريدون توصيله للطفل، وبحثوا بالفعل بين القصص الموجودة.

■ هل المواد الموجودة فى المناهج الدراسية مثل القراءة والدين وغيرهما تبنى أم تخصم من شخصية الطفل؟

- المناهج الدراسية تحتاج لإعادة نظر لكى يقبل عليها الطفل بشغف، فحتى يقبلها الطفل عليه أن يقرأ شيئًا يحبه، فعندما تدخل له القصة فى شكل مغامرة أو بصورة مدهشة، فإنه سيريد أن يعرف وستشده الحدوتة، وفى النهاية ستقدم له نفس المعلومة، لكن المهم هو اختيار طريقة توصيلها والقالب الذى ستقدمها فيه.

فمثلًا، كلمات «التنمية المستدامة» دمها ثقيل، ومعهد التخطيط كلفنى بكتابة قصص للأطفال عن الـ١٧ هدفًا من أهداف خطة التنمية المستدامة، وقد أصدرت ١٧ قصة قصيرة للأطفال بعنوان «صلاح وأمنية»، لتعليم الأطفال كيفية تحقيق تلك الأهداف، والقضاء على الجوع والفقر والأمية وغيرها، وحاولت عبرها أن أجعل المعلومات تصل للأطفال بشكل جذاب على السوشيال ميديا، من خلال مبادرات منها «ازرع شجرة تحصد صحة»، وأشياء من هذا القبيل.

وقد استغرقت وقتًا كبيرًا فى العمل على كيفية توصيل تلك المعلومات لأطفال فى سن ٨ سنوات، لأنها ترفع من وعيهم دون أن يشعروا بأنها مفروضة عليهم، فالأطفال لا يحبون المدرسة إذا شعروا بأنهم يذهبون لأداء مهمة ثقيلة عليهم، لكن يختلف الأمر عندما نجعلهم يشعرون بالشغف ويكون هناك قالب مناسب يتلقون عبره المعلومات.

ولذلك، لا بد من الاهتمام بالتعليم لأن هذا هو الذى يُخرّج لنا الكاتب والمفكر والأديب، وهو النواة الأولى، لأن الأطفال يبقون فى المدرسة أكثر مما يبقون فى المنزل، وهذه نقطة مفصلية، لأن تنمية الأسرة تبدأ من تنمية الطفل، وحاليًا أصبحت لدينا ظواهر مثل «التنمر»، التى لم تكن موجودة فى الماضى، كما أن الأطفال فى زمننا الحالى أصبحت مشاعرهم حساسة للغاية، ويرون التوجيهات والإرشادات التى يقولها أولياء الأمور لهم كأنها من أنواع التنمر، وذلك ما يتسبب فى توتر العلاقات بينهم، بالإضافة إلى إصابة الأطفال بأمراض نفسية متعددة، لذا يجب دائمًا أن نساعد الأطفال فى التعلم أولًا، ونساعدهم أيضًا على تعليم كيفية التعبير عن مشاعرهم. 

■ ما كواليس تعاملك مع أطفال القرى المصرية ضمن مبادرة «التثقيف المالى للأطفال»؟

- تعامل الأطفال مع النقود قضية مهمة للغاية، وقد وثّقت تجربتى معها بشكل شخصى من خلال عملى فى إحدى القرى فى محافظة الغربية، برفقة المجلس القومى للمرأة، على مبادرة اسمها «التثقيف المالى للأطفال»، وتحدثت مع الأطفال عن هذا الموضوع عن طريق الحكايات.

والمبادرة استهدفت تعليم الأطفال كيفية استغلال النقود بشكل استثمارى لتحقيق عوائد مالية أكبر، وقد جلست مع الأطفال مدة طويلة وتحدثت إليهم عبر سرد الحكايات المختلفة حول قصص ناجحة لأطفال استطاعوا أن يدبروا أموالًا من خلال تنفيذ أفكار مختلفة، رغم سنهم الصغيرة.

وفكرة التثقيف المالى لدى الأطفال تجعلهم يدركون أنك تشترى احتياجاتك وليس ما ترغب فيه، فالأطفال دائمًا يرغبون فى الحصول على كل شىء، لذا يجب تحديد الفارق بين الاحتياجات والرغبات لدى الأطفال.

وخلال تجربة «التثقيف المالى للأطفال» فى الغربية سألت بعض الأطفال عن: ماذا سيختارون لشرائه: الأقلام المدرسية أم الحلويات؟، وشرحت لهم مدى أهمية شراء احتياجاتهم الشخصية بمصروفهم اليومى، حتى يشعروا بأهمية ما يقومون باقتنائه، مع الحرص، طوال الوقت، على الاحتفاظ بأشيائهم دون إهمالها، وهو ما استجاب له العديد من الأطفال.

■ فى رأيك.. كيف قدمت «دراما المتحدة» صورة الطفل المصرى بشكل أفضل؟

- صورة الطفل فى الدراما حاليًا أصبحت مختلفة كثيرًا عن الماضى، وتطورت بشكل أفضل للغاية، وذلك ظهر مؤخرًا فى مسلسل «تحت الوصاية»، الذى قامت ببطولته الفنانة منى زكى، وأشار إلى إيجابية الأطفال الصغار، ويرجع الفضل فى ذلك إلى الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، التى عملت على تطوير الدراما المصرية.

وفى الماضى، كان الطفل فى الدراما المصرية يقدم وهو يقول كلامًا أكبر من سنه، لمجرد نزع الضحكات من الجمهور، وذلك هو أسوأ شىء، لأنك بهذا تساعد فى تجاوز الطفل سنه الطبيعية، ومن ثم لن تستطيع السيطرة عليه.

كما أن «المتحدة» أثارت قضايا مثل «أطفال التوحد» وما لديهم من ملكات غير طبيعية، وهو ما ناقشه مسلسل «حالة خاصة»، الذى قام ببطولته الفنان طه دسوقى، وسلط الضوء على مميزات أطفال التوحد، وكيفية تنمية مواهبهم، الأمر الذى سيؤثر بشكل إيجابى فى الأطفال الذين يتابعون مثل هذا العمل الدرامى.

■ ما تفاصيل جلستك الخاصة مع الأشخاص ذوى الإعاقة بمعرض القاهرة للكتاب؟

- قبل أيام قليلة، دعتنى الدكتورة إيمان كريم لحضور فعالية فى معرض القاهرة للكتاب، بالتعاون مع المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة، وقدمت ورشة عمل بجناح المجلس، بحضور عدد من الأطفال من ذوى الإعاقة وأطفال أصحاء، ودمجناهم سويًا فى جلسة عمل طويلة.

وقد شاهدت ردود الأفعال بين الأطفال ذوى الإعاقة والأصحاء بشكل مباشر، واكتشفت أنهم يكملون بعضهم بعضًا، ولم يشعر الأطفال ذوو الإعاقة بأنهم مختلفون عن الآخرين، بل قاموا بتنفيذ أعمال يدوية من الخوص بشكل جيد للغاية، وهو ما يدل على الصبر الشديد الذى يمتلكونه، لأن هذه الأشياء لا يستطيع صنعها إلا صنايعية مخضرمون.

والأشخاص ذوو الإعاقة لديهم مَلكات مختلفة تمامًا عن الأسوياء، ويجب دائمًا أن نرشدهم إلى أن ما تعرضوا له ليس نهاية العالم، بل من الضرورى تنمية وعيهم حول كيفية التعامل مع ذلك الأمر، بالإضافة إلى أهمية عدم رؤيتهم نظرة الشفقة فى أعين الأسوياء، وذلك من خلال توعية المجتمع بضرورة توخى الحذر فى التعامل معهم، وعدم التعامل معهم بسخرية، لأن مثل هذه الأمور لا يتقبلها أحد.

■ بماذا تحلمين لكتاباتك وللأطفال فى مصر؟

- أحلم دائمًا وفى أى موضوع أتناوله فى كتاباتى أن يرى الأطفال أنفسهم فيها، وتكون معبرة عنهم لأبعد حد، وأن يشعر الطفل بأن هذه الكتابات أضافت له معلومات جديدة فى حياته، وساعدته فى حياته الشخصية، وذلك ما أحاول تنفيذه حاليًا من خلال «البودكاست» الذى أقدمه بالتعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، باسم «حواديت ماما سماح».

وأتمنى أن يكون كل طفل فى مصر سعيدًا، ويستطيع التعبير عن نفسه ومخاوفه دون أى خوف أو تردد، وذلك من خلال مساعدة الأشخاص المحيطين به لأن ينجح فى التأقلم مع ظروفه.

■ هل الأمهات فى مصر يحفزن أطفالهن؟

- أغلبية الأهالى الآن لا تحفز أطفالها، فالخيال مهم جدًا، و«دافنشى» مثلًا رسم الغواصة فى القرن الـ١٥ قبل اختراعها فى القرن الـ١٧، فعلينا أن نترك الطفل يتخيل كيفما يشاء، و«بيكاسو»، مثلًا، فترة طفولته هى التى صنعته، فوالدته كانت تربى الحمام فى المنزل، لذا تأثر بتربية والدته الحمام، وانعكس ذلك على رسوماته، فهو رسم الحمامة كشعار للسلام بسبب تأثره بطفولته. وفترة الطفولة شكلت وجدان العديد من العظماء، مثل طه حسين، فهى فترة مهمة جدًا وهى ما يشكل المستقبل، لذا من المهم أن نركز مع الأطفال، لأن أى شىء نغرسه فيهم يكون مثل الزرع، وما نزرعه نجنيه. ولا أستطيع أن أقول: «لما يكبر يبقى يتعلم»، لأن فترة الطفولة هى الأساس الذى يتم تأسيس الطفل فيها وجدانيًا وإنسانيًا وقيميًا، فالطفل مثل قطعة الإسفنج، يمتص كل ما يتلقاه وعيناه كلتاهما دهشة وتساؤل، وينظر لكل تعبيرات وجهك، ويرى مثلًا كيف تتكلم مع صديقك ومع جيرانك، ويرى كل ردود الأفعال ويختزنها فى داخله، وبعدها يفاجئك فى وقت من الأوقات ويقول لك إنك قلت كذا وكذا وتكتشف أنه «كان مركز وأنت مش واخد بالك».