رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أردوغان فى القاهرة.. ملفات الرئيس التركى فى أول زيارة لمصر منذ 12 عامًا

أردوغان والرئيس السيسي
أردوغان والرئيس السيسي

أعلنت الرئاسة التركية عن أن الرئيس رجب طيب أردوغان سيزور مصر، الثلاثاء، قادمًا من الإمارات، مشيرة إلى أن المباحثات التى سيعقدها خلال الزيارة، ستركز على الخطوات الواجب اتخاذها فى إطار تطوير العلاقات بين مصر وتركيا، وتنشيط آليات التعاون الثنائى رفيعة المستوى، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حول القضايا الدولية والإقليمية الراهنة، وعلى رأسها الهجمات الإسرائيلية على غزة والأراضى الفلسطينية المحتلة.

وشدد دبلوماسيون وخبراء، تحدثت إليهم «الدستور»، على أهمية زيارة الرئيس التركى إلى مصر، لأول مرة منذ ١٢ عامًا، خاصة فى ظل توقيتها الحالى وحساسيته، متوقعين أن تركز على حل أزمات المنطقة، خاصة الوضع فى قطاع غزة وليبيا، بجانب التعاون فى مجابهة التحديات المشتركة بين القاهرة وأنقرة.

تدشين عصر جديد للعلاقات بين البلدين.. وتركيز على التعاون العسكرى

قال السفير أشرف حربى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، خلال زيارته الإمارات ثم مصر، سيعرض موقف بلاده من الأزمات الحالية فى المنطقة، سواء الحرب فى غزة، أو تطورات الوضع فى منطقة البحر الأبيض المتوسط. وأضاف «حربى» أن هذه الزيارة تأتى فى ظل تحسن العلاقات المصرية التركية خلال الفترة الأخيرة، وزيادة التعاون التجارى والاقتصادى بين البلدين، الذى استمر دون انقطاع، حتى فى فترة الأزمات السياسية.

وواصل: «سيكون هناك تنسيق مشترك بين الجانبين حول الخطوات المقبلة، وفترة ما بعد حرب غزة، مع مناقشة المخاطر والتهديدات والتحديات التى تواجهها المنطقة، خاصة ما يرتبط بتدهور العلاقات الأمريكية الإيرانية، وتداعياتها على أمن وسلامة الشرق الأوسط». وأكمل مساعد وزير الخارجية الأسبق: «الرئيس عبدالفتاح السيسى سيُطلع أردوغان على الرؤية المصرية بشأن الأزمات المختلفة فى المنطقة، وأهمها غزة وليبيا والسودان، خاصة أن تركيا لديها تداخلات مع هذه الدول، على أن يكون الإطار العام للمباحثات هو: ما الذى يمكن أن يتم من تعاون وتشاور سياسى بين البلدين فى هذه الملفات والقضايا التى تؤثر على منطقة الشرق الأوسط»، وتابع: «الزيارة ستتناول أيضًا تطوير ودعم العلاقات بين مصر وتركيا، خاصة ما يتعلق بالتعاون العسكرى بين البلدين، وهو من أهم الملفات على طاولة المفاوضات، بعد عقد صفقة طائرات تركية مسيرة لمصر، فضلًا عن التعاون التجارى».

وأتم بقوله: «بشكل عام ستفتح الزيارة مجالًا لتطور كبير مهم فى العلاقات بين مصر وتركيا على مختلف الأصعدة، وذلك فى إطار التعاون الإقليمى، وبما يدعم استقرار المنطقة ككل».

أولوية للملف الاقتصادى وغزة وليبيا و«شرق المتوسط»

اتفق بكر محمد البدور، الباحث المتخصص فى الشئون التركية وقضايا الشرق الأوسط، على أن زيارة «أردوغان» لمصر تتواءم مع ولايته الجديدة، التى تشهد تحولًا فى السياسة الخارجية التركية، بما فى ذلك السياسة الخارجية إزاء مصر، على ضوء الأهمية الكبيرة للبلدين فى الإقليم، التى تحتم عليهما إعادة النظر فى مسار العلاقة، بعد فترة طويلة من القطيعة، ومن هنا تكتسب الزيارة أهمية كبيرة.

وأضاف «البدور»: «الظروف السياسية فى الإقليم والعالم أصبحت أكثر سخونةً وتعقيدًا، بعد كل هذه السنوات من القطيعة بين مصر وتركيا، ومع تغير الظروف السياسية تتغير وتتبدل أولويات الدول ومصالحها».

وواصل الخبير فى الشأن التركى: «ملامح التعاون العسكرى بين مصر وتركيا بدت واضحة بإعلان تركيا عن موافقتها على بيع طائرات مُسيرة (دون طيار) لمصر، ما يشير لإمكانية توسع هذا التعاون بشكل أكبر فى المستقبل، خاصة مع امتلاك البلدين أقوى جيشين فى المنطقة، وقاعدة الصناعات الدفاعية القوية لدى تركيا التى يمكن لمصر الاستفادة منها».

وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادى، قال «البدور»: «سيحظى الاقتصاد بنصيب بارز فى الزيارة، خاصة أن العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا ظلت مستمرة، حتى فى فترة القطيعة السياسية، وإن لم تكن تعبر عن حجم البلدين، لذا من المتوقع أن تنعكس هذه الزيارة على حجم وطبيعة التبادلات التجارية بينهما، وكذلك حجم الاستثمارات لكل طرف لدى الآخر».

وشدد على أن الأوضاع فى قطاع غزة ستفرض نفسها على الزيارة، على ضوء امتلاك البلدين أوراق ضغط كبيرة، وامتلاكهما علاقات مع الأطراف المؤثرة، وقدرة كل منهما على لعب دور مؤثر فى كبح جماح العدوان الإسرائيلى المستمر.

وتوقع كذلك احتلال الملف الليبى وأمن المتوسط حيزًا مهمًا من الزيارة، والتى يمكن أن يكون لها انعكاس مباشر قد يفضى إلى إنهاء الانقسام فى البلد الشقيق، خاصة مع التطور المرتقب فى العلاقات بين مصر وتركيا، الذى سيساعد على «حلحلة» هذه الأزمة، مع مزيد من الحوار والانفتاح بين القاهرة وأنقرة فى مقبل الأيام.

وعن التهديدات فى البحر الأحمر، قال المتخصص فى الشأن التركى: «لا أتصور أن أيًا من مصر وتركيا سيصطف إلى جانب الولايات المتحدة فى مواجهة جماعة (أنصار الله الحوثى) فى اليمن، لما لذلك من حساسية لدى شعبى البلدين، ليتركز مسعاهما الرئيسى على احتواء العدوان الإسرائيلى على غزة، باعتبار أن هذا ينعكس على أمن الملاحة فى البحر الأحمر».

 

مباحثات لكبح العدوان الإسرائيلى وإعادة أمن البحر الأحمر

شددت رحمة حسن، الباحثة فى «المركز المصرى للفكر والدراسات»، على أهمية زيارة الرئيس التركى إلى مصر، ولقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى، التى تأتى ضمن النهج الجديد الذى يتبعه «أردوغان» منذ انتخابه الأخير، والقائم على سياسة «تصفير المشكلات»، ومحاولة إعادة أواصر التعاون الذى أضرته سياسته السابقة تجاه مصر منذ عام ٢٠١٣.

وأضافت: «تركيا حاولت التخفيف من تلك العدائية، وكسر حالة الجمود السياسى مع مصر، عبر سياسات تدعم التقارب مع القاهرة، وتخفف حدة الخطاب بشأنها، وهو ما ظهر فى تصريحات أردوغان عن رغبته فى استعادة العلاقات التاريخية بين البلدين، نظرًا للدور المصرى فى المنطقة».

وواصلت: «تجلى هذا التغير فى منتصف عام ٢٠٢١، حين التقى نواب وزيرى خارجية البلدين، مرورًا بتصريحات أردوغان حول رغبته فى استعادة العلاقات مع مصر، حتى لقاءيه مع الرئيس السيسى، على هامش مجموعة العشرين، وفى كأس العالم فى قطر ٢٠٢٢، ثم لقاء وزير الخارجية سامح شكرى مع نظيره التركى فى القاهرة، لدراسة عودة العلاقات، الذى تبعه إعادة تبادل السفراء بين البلدين».

ورأت الباحثة فى «المركز المصرى للفكر» أن اللقاء المرتقب بين الرئيسين السيسى وأردوغان، يأتى كمحاولة لـ«إعادة تطبيع العلاقات» بين مصر وتركيا، فى ظل اتفاق الرؤى حول عدد من ملفات التعاون، ومنها التعاون الاقتصادى والعسكرى، وفى مجال السياحة والثقافة الذى لم يتأثر بفترة الفتور السياسى بين البلدين، فضلًا عن مناقشة عدد من القضايا المهمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مضيفة: «كما ستكون قضايا شرق المتوسط وليبيا محل نقاش أيضًا، فى محاولة لبناء نقاط مشتركة، وفقًا للرؤية المصرية، التى تدعم فكرة الحفاظ على مقدرات الدول الوطنية وحدودها».

وتوقعت أن يكون الملف الاقتصادى على رأس ملفات الزيارة، باعتباره ملف التفاهم الأكبر، وفى ظل ما تعرضت له الدولتان من تأثر بالأزمات الدولية المحيطة، سواء الأزمة الروسية الأوكرانية، أو حرب غزة.