رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المؤرخ محمد عفيفى: من مشكلات العرب العيش فى «كهف التاريخ» والرواية التاريخية لا تصلح لأن تكون مصدرًا للمعرفة لأنها وجهة نظر كاتبها

الدكتور محمد الباز
الدكتور محمد الباز ومحمد عفيفى

أكد الدكتور محمد عفيفى، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة، أن جزءًا رئيسيًا من المشكلات التى يمر بها العالم العربى حاليًا يرجع لما سماه بـ«العيش فى كهف التاريخ»، موضحًا أن تجاوز الماضى هو ما يجب القيام به، من أجل حل تلك المشكلات.

وأوضح «عفيفى»، خلال حديثه لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، أن التاريخ لم يعد علم الماضى فقط كما كان سابقًا، بل أصبح هناك «تاريخ ساخن» يتداخل مع الحاضر، ولا يقوم فقط على الرواية التقليدية، وأن التاريخ يكتبه المنتصرون أو الحاكم، منوهًا إلى أن العرب يمرون حاليًا بهزة عنيفة تشبه ما مرت به أوروبا بعد حربين عالميتين، وذلك نتيجة دخولهم القرن الـ٢١ بعقلية القرن الـ١٩، الأمر الذى أدى لراوج «الروايات التاريخية»، فى محاولة للبحث عن إجابات وتفسيرات للتحولات خارج «تلقين» المؤسسات التعليمية.

■ البعض يرى أن المؤرخ يعيش فى الماضى أكثر لكن عينه على الحاضر.. فإلى أى مدى نجحت المدرسة التاريخية المصرية فى هذا؟ 

- كانت هناك مشكلة فى البدايات، وأتذكر عندما كنت أدرس مادة مقدمة لعلم التاريخ والمنهج البحثى التاريخى كان أول شىء نتعلمه هو أن «التاريخ هو علم الماضى»، وأنه يجب أن يمر على الحدث ٥٠ سنة على الأقل حتى يتم التأريخ له، لكى تتوافر الموضوعية، لكن فى الحقيقة بعد فترة دراسة فى الخارج اكتشفت أن المؤرخ عندما يقول إن «التاريخ هو علم الماضى»، فهو بذلك يضع خط دفاع عن نفسه وعن كتاباته.

وكما قلت، كانت الرؤية أنه يجب مرور ٥٠ عامًا على الحدث من أجل توافر عوامل الموضوعية والابتعاد عن الحدث نفسه وتوافر المادة والوثائق، وهذا كان الشكل التقليدى للمؤرخ، لأنه يعتبر نفسه قاضيًا، ثم اكتشفنا بعد ذلك أن الموضوعية فى التاريخ نسبية، وفكرة أن المؤرخ هو القاضى الذى يصدر أحكامه عن الماضى أمر أصبح مُختلفًا عليه بشكل كبير فى ظل مسألة الموضوعية النسبية، والمؤرخ فى الماضى كان أشبه برجل الكهنوت، وكان ما يصدره من أحكام لا يناقَش، لأن هذا حكم التاريخ وقول التاريخ.

ولذلك، كانت الصورة التقليدية للمؤرخ أنه الرجل العجوز صاحب اللحية البيضاء الطويلة، الذى يمسك ريشة وأمامه كتاب كبير ويجلس فى قصر السلطان ليسجل الوقائع، وهذا الأمر تغير، فالتاريخ لم يعد علم الماضى فقط؛ لأن المؤرخ عندما يكتب الماضى فهو يكتبه بعقلية وفكر ومؤثرات الحاضر.

■ هل من أمثلة على ذلك؟

- على سبيل المثال، عندما أكتب تاريخ محمد على، فإن جزءًا مما أكتبه هو تاريخ عصرى أنا فى طريقة التناول والعرض، ومن هنا دخل الماضى مع الحاضر.

كما حدث أيضًا العديد من التطورات فى كتابة التاريخ فى الخارج، وقالوا: إذا كنا نقول إن «التاريخ هو علم الماضى» فليذهب الماضى إلى الجحيم، لأننا اكتشفنا أن المؤرخ يدرس الماضى من أجل فهم الحاضر ورسم سيناريوهات المستقبل، ومن هنا حدث تطور كبير فى علم التاريخ.

ودائمًا أقول لطلابى: لو أحضرنا مؤرخين من جنسيات مختلفة للكتابة عن القضية الفلسطينية سيعتمدون على نفس المادة، لكن النتاج لن يكون واحدًا، لأن الموضوعية هنا نسبية.

الأمر الآخر الذى تغير هو سقوط فكرة المدة الزمنية المطلوبة من أجل التأريخ، فقد أصبح هناك انفتاح فى علم التأريخ على علوم مثل السياسة والاجتماع وغيرهما، وأصبح هناك ما يُعرف باسم «التاريخ الساخن» أو الراهن، وهو يتداخل مع الحاضر بشكل كبير جدًا، وبدأ ذلك نتيجة التداخل الكبير بين الصحافة والتاريخ، فقد بدأ كبار الصحفيين يتحولون إلى مؤرخين لتاريخ الحاضر، ثم دخل تاريخ الحاضر إلى أقسام التاريخ نفسها.

وفى بعض الدول، أصبحت هناك معامل داخل أقسام التاريخ لتسجيل وحفظ الأحداث والشهادات التاريخية، وقد رأيت ذلك فى بعض أقسام التاريخ فى أوروبا، وانتقلت منها إلى بعض أقسام التاريخ فى العالم العربى، فى تونس والمغرب، نتيجة احتكاكهما بالمدرسة الفرنسية والإسبانية، وأصبح هناك داخل قسم التاريخ معمل لتسجيل وحفظ الشهادات التاريخية، وأصبح جزء من مهمة المؤرخ أن يتعامل مع هذه المادة، مع تدريب طلاب الدراسات العليا على ذلك.

■ هل نفعل ذلك فى مصر الآن؟

- للأسف لا، فمصر لا تفعل ذلك لأسباب مادية، فالمدرسة التاريخية المصرية ما زالت مرتبطة بمقولة إن «التاريخ هو علم الماضى» وإن هذا أكثر أمانًا، رغم أننى يمكن أكتب عن صلاح الدين الأيوبى وتحدث مشكلة بسبب ذلك، أو عن محمد على، الذى توفى سنة ١٨٤٩، أو الخديو إسماعيل أو حتى جمال عبدالناصر، وأواجه نفس المشاكل.

■ هل الخلافات التاريخية أمر مرتبط بالشخصية الشرقية والمصرية؟

- زميلة ألمانية قالت لى يومًا: «إن مشكلة العرب أنهم يعيشون فى التاريخ ولم يتجاوزوه»، فنحن ندرس التاريخ لكى نتجاوزه بالنقد والتحليل ونستفيد منه فى فهم الحاضر ورسم سيناريوهات المستقبل، فيجب ألا نظل أسرى لمشكلات وحكايات التاريخ، ويجب ألا نعيش فى كهف التاريخ لأن جزءًا رئيسيًا من مشكلة العرب هو العيش فى كهف التاريخ.

على سبيل المثال، جماعة مثل «داعش» قامت على الماضى وفكرة الخلافة المقدسة، وأن الخلافة كانت مستمرة منذ وفاة الرسول إلى أن ألغاها مصطفى كمال أتاتورك نتيجة ضغط الغرب، وبالتالى علينا العمل لعودة الخلافة لأنها عقيدة، أى أن «داعش» هى نتاج لفكرة الخلافة المقدسة المزعومة، بينما دراسة التاريخ تبين لنا أن العالم الإسلامى عاش فترات كبيرة جدًا دون خلافة، وفترات كبيرة أخرى عاشها العالم الإسلامى فى وجود عدة خلافات.

وعيب العرب هو أن جزءًا كبيرًا من مشكلاتهم سببها العيش فى الماضى، وأيضًا جزءًا كبيرًا من الخلاف بين السنة والشيعة سببه عدم تجاوز التاريخ، فجماعة «الإخوان المسلمين» نفسها قامت كرد فعل على إلغاء الخلافة، كما أن هناك جماعات سلفية تفكر فى أن الحاضر لن يُصلح إلا بما صلح به الماضى، وهذا أمر خاطئ تمامًا، لذا فالتاريخ بهذه المنهجية عبء على كاهل الأمة العربية حتى الآن للأسف الشديد.

ولذلك، فإن تجاوز التاريخ هو مفتاح لحل العديد من مشاكلنا، لكن حتى الآن نجد أن هناك أشخاصًا يسألون: هل الملك فاروق حلو ولا وحش؟!، رغم أنه «مفيش حاجة اسمها حلو ووحش فى التاريخ»، بل هناك إيجابيات وسلبيات وفقًا للتجارب الإنسانية.

■ مَن كتب التاريخ المصرى؟

- التاريخ المصرى تنطبق عليه فكرة أن المنتصر هو الذى يكتب التاريخ؛ لأن المهزوم لا يكتب الحدث فقد هُزم وتم القضاء عليه، وبالتالى فإن أفكاره ومعتقداته لن يكتبها أحد، وكنا نتعرف على الأشخاص والجماعات المعارضة التى انتهى وجودها من خلال الوثائق الرسمية أو مؤرخى الحاكم أو السلطان.

وعلى سبيل المثال، فإن الدولة الفاطمية لا تطلق على نفسها هذا الاسم، بل كان اسمهم «العبيديين»، نسبة إلى عبيدالله المهدى، وكان ذلك مكتوبًا فى المصادر الرسمية، لذا فإن الوثائق الرسمية تظل جزءًا أساسيًا من كتابة التاريخ.

ومن يكتب التاريخ دائمًا فى مصر هو السلطة، وذلك من ناحية المدرسة التقليدية فى التأريخ، والتى كانت تقول إن التاريخ يُكتب من خلال الوثائق الرسمية للسلطة والحكام، وهذا ليس عيبًا بل يزيد من المصداقية فى تناول الحدث التاريخى، ويجب ألا ننسى هنا دور المؤرخين، الذين أسهموا فى توثيق التاريخ لمصر، من خلال وثائق السلطة، فنحن نعيش حتى هذه اللحظة على ثمار جهودهم فى الماضى.

وأرى أنه ليس من الصحيح أن يوسع المؤرخ دائرة البحث والاعتماد على مصادر غير تقليدية، كما شهدنا فى موضوع الأدب الشعبى بالعصر المملوكى، الذى تناول شعر الهجاء والسخرية وفن الأراجوز، واستند بعض المؤرخين فيه إلى ردود الأفعال الشعبية والنكات التى كان يطلقها الشعب على الحكام فى هذا العصر، وهذا لا يعتد به فى توثيق التاريخ.

■ فى رأيك.. لماذا صنع المصريون حكايات البطل الشعبى أمثال أدهم الشرقاوى؟

- أؤكد فى البداية أن الاعتماد فى توثيق التاريخ على الأدب الشعبى غير صحيح بالمرة، فقد يسهم فى نقل الصورة من خلال السخرية، وبالتالى ينقل صورة الحاكم من وجهة نظر البعض، ويتجاهل وجهات النظر الأخرى.

فالمصريون صنعوا البطل الشعبى مثل «طومان باى» و«أدهم الشرقاوى» نكاية فى الاستعمار، وكنوع من الانتصار المعنوى تجاه الظلم والاستبداد فى هذه المرحلة، لكن لا بد أن يستمد المؤرخ وثائقه من الروايات الرسمية والتاريخ الأصلى للسلطة، لأن توسيع دائرة البحث لتشمل الأدب الشعبى وحدها غير صحيح فى توثيق التاريخ، خاصة فى ظل الأزمات والصراعات.

■ كيف أسهم الكاتب صلاح عيسى فى كتابة التاريخ الحديث لمصر؟

- فى أوروبا، كانت الجامعات مؤسسات تقليدية إلى حد كبير جدًا، وهذا ما اعتمدت عليه المدرسة التاريخية المصرية فقد كانت تقليدية إلى حد كبير حتى جاء صلاح عيسى، ففى الحقيقة مثلت كتاباته قمة التاريخ الحديث، فقد اعتمد بشكل كبير على مصادر غير تقليدية لكثير من تاريخ مصر، وكان يبحث فى موضوعات غير مطروقة ولكنها فى غاية الأهمية، لعل أشهرها «ريا وسكينة» و«البرنسيسة والأفندى» و«خط الصعيد»، وغيرها من الكتابات المميزة، وقد استطاع أن يدرس نقاطًا مهمة حول طبيعة المجتمع المصرى بشكل عام والتفاصيل الصغيرة للتاريخ الحديث، وهذا ما لعب عليه فى كتاباته، فالتاريخ الجديد باختصار هو «تاريخ الناس والشعب»، وليس فقط تاريخ الحكام، ودائمًا ما يقع البعض فى هذا الخطأ، فالحاكم لم يسقط من السماء، فهو قادم من الناس، وبالتالى فإن التاريخ هو «تاريخ الجميع»، حكامًا وشعبًا.

والكاتب صلاح عيسى أسهم بشكل كبير فى تدوين «تاريخ الشعب» بشكل بسيط ومفصل، الأمر الذى جعله من الكتّاب المفضلين لدى كثيرين فى العصر الحديث.

■ هل يمكن أن تحدثنا عن تاريخ فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى فيما يخص الإخوان؟

- هناك عيب دائمًا فى المثقفين، وهو أنهم يتكلمون بلغة لا تصل بسهولة إلى الناس، فجماعة الإخوان فى فترة الستينيات استطاعت أن تستغل هذا الخطأ من خلال نشر فكرة «الوعظ» والشاب «أبوطربوش» الذى يقول «قال الله وقال الرسول» بوجه مبتسم، ويعتبر حسن البنا، المرشد الأول للجماعة، هو نموذج لـ«الواعظ البروتستانتى»، فقد استفاد الإخوان من النظام البروتستانتى بشكل كبير فى التعامل مع الناس.

والتاريخ مهم جدًا فى تكوين الوعى لدى الفرد، بالإضافة إلى استشراف المستقبل، وهذا ما لعب عليه قيادات الإخوان فى فترة الستينيات، وفى الحقيقة، فإن أسلوب الإخوان فى الخطابة والكتابة كان يعتمد بشكل كبير على فكرة «المظلومية» و«الاضطهاد».

والإخوان دعموا شراء الروايات التاريخية لـ«على الصلابى» للترويج لأفكارهم، والذى يعتبر أحد كتّاب التاريخ لديهم، ففى إحدى المحاضرات قاطعنى أحد الطلاب المنتمين إلى جماعة «الإخوان» وقال لى: «لم يذكر الصلابى كذا»، وقد تعلمت جماعة الإخوان أسلوب الوعظ البروتستانتى من الجماعات التبشيرية فى مصر خلال فترتى الثلاثينيات والأربعينيات.

ودائمًا الأكاذيب فى التاريخ تروج بشكل أكبر من الحقائق، خاصة فى المجتمعات التى لا تقرأ، وهذا ما فعله الإخوان منذ بدايتهم.

■ يوجد اتجاه كبير لكتابة «الروايات التاريخية» وفق تفسيرات نفسية أو سياسية.. فكيف ترى هذه الظاهرة؟

- أعددت دراسة عن «تناول التاريخ فى العالم العربى خلال ١٥ سنة»، واكتشفت أن الروايات التاريخية أو القائمة على أحداث تاريخية أو المقتبسة من التاريخ هى الرائجة لدى الشباب، وأن أغلب الروايات التى أخذت جائزة «البوكر» إما تاريخية أو قائمة على أساس التاريخ، مثل بهاء طاهر فى ٢٠٠٨، ويوسف زيدان فى ٢٠٠٩، وأيضًا جائزة «كتارا» للرواية العربية تجهز لجائزة للرواية التاريخية غير المنشورة، لتقوم هى بنشرها.

وقد انتشرت مؤخرًا مواقع وصفحات على الإنترنت تنشر معلومات تاريخية «تجذب وتكذب»، ولديها القدرة على تقديم معلومة مختلفة بأسلوب بسيط، وتستطيع مخاطبة الناس.

ولكن الرواية التاريخية لا تصلح لأن تكون مصدرًا للمعرفة، فنحن للأسف تربينا على الرواية التاريخية التقليدية، من أول جورجى زيدان، بينما العالم كله ضد فكرة أن كتاب التاريخ هو الذى يعطيك الحقيقة، لأن التاريخ ما بعد الحداثة هو وجهة نظر، والقارئ لا بد أن يشتبك مع الكاتب.

و«الروايات التاريخية» لا تزال فى طور الرواية التقليدية التى تدّعى أنها تقدم لنا التاريخ، وفى روايتى «سلام على إبراهيم» شككت فى السردية التاريخية السائدة، وكذلك فى المؤرخ، وفى الرواية يكون المؤرخ متهمًا، والقارئ لا بد أن يرد هذا الاتهام ويشتبك، ولكن القارئ العربى لم يعتد على ذلك، عكس القارئ الأجنبى.

■ ما تفسيرك للاهتمام بكتب التاريخ خارج المؤسسات التعليمية؟

- الاهتمام بالتاريخ خارج المؤسسات التعليمية فى العالم العربى أصبح أكبر، والتفسير لهذا هو أن العالم العربى يمر بلحظات مهمة وخطيرة ولحظات تحول كثيرة، والأجيال الحالية تمر بهذه التحولات، ويكون التاريخ هو سؤال الحاضر، والأجيال الشابة لم تجد فى كتب التاريخ ما يشبعها فتبحث عن أشياء أخرى.

ففى ثورات الربيع العربى، السؤال الذى كان حاضرًا لدى الشباب هو عن ماذا يدافع؟، عن الدولة الدينية أم الوطنية؟، وهنا كان التاريخ حاضرًا، والأمر الآخر أن الأمة العربية تأخرت فى دخول القرن الحادى وعشرين كثيرًا، وما يحدث هو هزة عنيفة جدًا فى الوطن العربى حتى تدخله، لكننا دخلناه بعقلية القرن التاسع عشر، وهذا ينعكس على المؤسسات التعليمية.

وأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية كانت تمر بما مررنا به، وأتصور أننا سنخرج من هذه المرحلة ولكن سيكون خروجًا صعبًا.

مناهج التاريخ فى مصر كانت تتغير بتغير الحاكم فما تأثير ذلك على وعى الطالب؟

- مناهج التاريخ فى التعليم المصرى كانت تتغير بتغير النظام الحاكم، وهذا لا يصنع وعيًا، لأن ما درسه فى عصر عبدالناصر يختلف عن عصرى السادات ومبارك.

وكتب التاريخ فى المدارس الأجنبية بمصر مثلًا تأخذ نفس المقرر الأجنبى الأوروبى، فعلى سبيل المثال فى أولى ثانوى فى المدارس الفرنسية تأخذ نفس منهج أولى ثانوى بفرنسا، والمؤرخ هنا لا يستطيع أن يقول لهم بدأ التاريخ الحديث فى عام كذا، ولكنه يقول للطلاب إن هناك رأيًا يقول إن سقوط القسطنطينية هو بداية التاريخ المعاصر أو عصر النهضة أو الثورة الصناعية، ويناقش معهم التواريخ ويترك للطالب أن يدلى برأيه.

وللأسف، هذا لا يوجد لدينا، بل يوجد لدينا تلقين، وكثير من الطلاب لدىّ قالوا إنهم كرهوا دراسة التاريخ رغم حبهم الكبير له بسبب سياسة التلقين بالكتب المدرسية، وهى تجعل الطالب فريسة سهلة للجماعات الإرهابية، والمشكلة الكبرى أن تغير مناهج التاريخ بتغير الحاكم يجعل الطالب يفقد الثقة فى التاريخ.