رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عاجل.. اتجاه خاطئ.. كيف تهدد هجمات «الحوثيين» على السفن أمن واقتصاد المنطقة؟

الحوثيين
الحوثيين

حذر خبراء وباحثون من خطورة استهداف جماعة «الحوثى» اليمنية السفن فى البحر الأحمر قبالة مضيق «باب المندب»، مشيرين إلى أن ذلك يؤثر على أمن الممرات الملاحية الدولية وعلى رأسها قناة السويس، التى تربط البحرين الأحمر والمتوسط، وتمثل رقمًا مهمًا فى حركة التجارة العالمية.

وشدد الخبراء والباحثون، فى حديثهم إلى «الدستور»، على أهمية وقف هذه الظاهرة الخطيرة، معتبرين أن كل الدول الواقعة على البحر الأحمر ستتعرض لكثير من الخسائر المادية إذا ما استمرت. 

عبدالستار الشميرى: تربك حركة الملاحة وتزيد خسائر التجارة العالمية

قال الباحث السياسى اليمنى، عبدالستار الشميرى، إن استهداف الحوثيين السفن فى البحر الأحمر يؤثر على الممرات الملاحية، وبالتالى يربك حركة الملاحة الدولية تمامًا، ويحول السفن التجارية إلى سفن عسكرية تتسلح لحماية نفسها، مشيرًا إلى أن كل الدول الواقعة على البحر الأحمر ستتعرض لكثير من الخسائر المادية. وأضاف «الشميرى»: «المجتمع الدولى أجمع على أن أى هجوم ملاحى سيؤثر على أسواق التجارة الدولية، سواء سوق الطاقة أو سوق المواد الغذائية وغيرهما الكثير، وسيؤدى إلى امتناع بعض الشركات، التى تمتلك سفنًا، عن الذهاب إلى البحر الأحمر، وهذا ما حدث بالفعل». وواصل: «بعض هذه الشركات سيرفع الكلفة التأمينية، والآخر سيتحمل أعباء المخاطر والتأمين، وكل هذا سيؤدى إلى زيادة التكلفة، وبالتالى زيادة حجم الخسائر فى التجارة العالمية، خاصة أن البحر الأحمر يمر فيه أكثر من ٣٠٪، تحديدًا من تجارة النفط، التى تنعكس على كل أنواع التجارة».

وعن تأثير الهجمات على قناة السويس تحديدًا، قال الباحث اليمنى إن مضيق «باب المندب» يعتبر بداية «أنبوب» البحر الأحمر، وقناة السويس هى نهاية هذا «الأنبوب»، ولذلك ستكون القناة هى الخاسر والمتضرر الأكبر، يليها اليمن ودول الخليج، ثم المنظومة العالمية التى تمر من هذا الشريط بصفة عامة، مضيفًا: «قناة السويس تضررت بالفعل خلال الأسبوعين الماضيين، وربما سيظهر هذا لاحقًا فى الأرقام التى ستحققها بعد شهر أو شهرين». وواصل: «هجوم الحوثيين سيجعل كثيرًا من الدول تبحث عن طرق بديلة أكثر أمنًا، وهذا يضر باب المندب وقناة السويس، لكن باب المندب ممر تجارى عالمى ليست به رسوم وفقًا للقانون البحرى، بينما قناة السويس مصدر اقتصادى رئيسى لمصر، لذا هى المتضرر الأكبر، كما سبق أن قلت».

واعتبر أن التحالف البحرى الدولى، الذى دعت إليه الولايات المتحدة، سيعمل، حال تكوينه، على الحد من استهداف السفن فى البحر الأحمر، لكنه لن يمنعه بشكل كامل، لأن هناك أفرادًا يمنيين مدربين، وهم بالمئات وليسوا بالعشرات، بجانب وجود خبراء إيرانيين يطلقون الصواريخ ضد السفن، ويديرون هذا العملية بشكل كامل، على حد قوله.

رامى زهدى: تهدد بتعطيل سلاسل الإمداد والتموين الدولية الكبرى

وصف رامى زهدى، الباحث السياسى، استهداف «الحوثيين» السفن فى البحر الأحمر بأنه انعطاف خطير فى أمن وسلم المنطقة ككل، لأن البحر الأحمر أحد أهم الممرات المائية فى العالم، وأى تأثير سلبى على الحركة فى ممر مائى بهذه الأهمية له انعكاسات اقتصادية وسياسية واستراتيجية خطيرة على العالم كله.

ورأى «زهدى» أن الخطر الأكبر هو تعطيل سلاسل الإمداد والتموين الدولية الكبرى، وعلى رأسها تلك الخاصة بنقل وتداول المواد البترولية والمواد الخام المهمة، لذا رغم الاتفاق على إدانة وتجريم الانتهاكات الإسرائيلية فى غزة فإن استهداف السفن الإسرائيلية، أو ذات الصلة بإسرائيل، هو أمر خطير، مشددًا فى الوقت ذاته على أن إسرائيل تتحمل جزءًا من ذلك، لأنها لم تترك للآخر أى حلول لمواجهة جرائم الحرب التى ترتكبها ضد الشعب الفلسطينى.

وأشار إلى الأهمية الكبرى للملاحة الدولية فى البحر الأحمر، الذى يعتبر «مضيق باب المندب»، الذى تشرف عليه اليمن وجيبوتى، بمثابة بوابته الجنوبية، لذا هجمات «الحوثيين» تمثل خطرًا على الاقتصاد العالمى، خاصة أن البحر الأحمر، منفردًا كممر مائى، يتحكم فى نحو ١٢٪ من التجارة الدولية، ويمثل حلقة الوصل البحرية الأقل طولًا والأسرع بين آسيا وأوروبا.

وتابع: «بالتالى الخسائر الاقتصادية تدور رقميًا فى نحو ١٢٪ من حجم التجارة الدولية، لكن الخسارة لا يمكن تقديرها رقميًا فقط، لأن نوعية وسرعة وأهمية البضائع المنقولة عبر هذا الممر أكبر كثيرًا من القياس الرقمى المجرد».

بالإضافة إلى ذلك، والحديث لا يزال لـ«زهدى»، كلما زادت التهديدات الحقيقية والمتوقعة، يسبب ذلك ارتفاع تكلفة نقل البضائع بسبب ارتفاع تكلفة التأمين عليها، وبالتالى ارتفاع السعر النهائى للسلعة، سواء على الأفراد أو الدول والحكومات، وهذا أمر خطير للغاية، خاصة أنه يأتى فى ظل ظروف انكماش اقتصادى وتضخم صعبة تجتاح العالم. وواصل: «الخطر الأكبر هو أن هذه التهديدات قد تدفع لمزيد من التحركات العسكرية من دول العالم فى هذه المنطقة، وهى فى الأساس نقطة ارتكاز لقواعد عسكرية عديدة وضخمة مختلفة الجنسيات والقدرات».

وحول التأثير على قناة السويس، قال الباحث السياسى: «القناة ستتأثر بنسب مختلفة من هذه التوترات، لكونها البوابة الشمالية للممر المائى البحر الأحمر، وما يحدث فى باب المندب يُسمع صداه بوضوح شمالًا فى قناة السويس».

ورأى أن قوات التأمين الموجودة فى هذه المنطقة «CFT»، التى تشارك فيها نحو ٣٢ دولة، تعمل ضد عمليات القرصنة على طول البحر الأحمر، خاصة بوابته الجنوبية التى تعتبر منطقة الاستهداف من قِبل «الحوثيين»، وهو ما سيزيد من إجراءات السيطرة والحماية.

وأضاف: «أمن البحر الأحمر يمثل مسئولية دولية، وليس فقط معنيًا به مجموعة الدول المشاطئة له»، لافتًا إلى أن جزءًا كبيرًا من أهداف تأسيس القواعد العسكرية لأى قوة دولية فى هذه المنطقة هو تأمين حركة تجارتها ومواطنيها، أثناء عبورها من البحر الأحمر.

وأكمل: «حتى الآن، الحوثيون يهددون السفن الإسرائيلية التى لا تمر بقناة السويس، وإنما تدخل خليج العقبة مباشرة متجهة إلى ميناء إيلات، لكن لو حدث تأثير على مضيق باب المندب ذاته، فإن العدد الإجمالى للسفن التى تصل وتمر عبر قناة السويس ستتأثر كثيرًا، خاصة مع إعلان بعض الخطوط الملاحية ومالكى السفن عن الإيقاف المؤقت لعمليات الإبحار عبر البحر الأحمر، وذلك لحين استيضاح الرؤية لما يجرى من أحداث، خاصة مع استمرار العدوان الإسرائيلى فى فلسطين، الذى يعد السبب الأقوى لتهديد أمن وسلم المنطقة بأكملها».

واشنطن تدرس خيارات للرد منها توجيه ضربة عسكرية

كشفت تقارير دولية عن أن الولايات المتحدة تدرس عدة خيارات للرد على ما وصفته بتهديد جماعة أنصار الله «الحوثيين» فى اليمن، الملاحة البحرية فى البحر الأحمر، منها توجيه ضربة عسكرية إليهم.

وقال مسئولان أمريكيان، لصحيفة بوليتيكو الأمريكية، إن المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات «دوايت دى أيزنهاور» تم نقلها إلى خليج عدن لتكون فى وضع يمكنها من دعم الرد الأمريكى المحتمل، مشيرين إلى أنه تمت مناقشة مسألة توجيه ضربة للحوثيين فى اليمن، مع القادة العسكريين الأمريكيين.

وسبق وقال المبعوث الأمريكى الخاص إلى اليمن تيم ليندر كينج، لصحيفة «ذا ناشيونال»، بعد عودته إلى واشنطن من اجتماعات مع زعماء الخليج، إن هجمات الحوثيين فى البحر الأحمر يمكن أن تعرقل آفاق السلام فى اليمن، مضيفًا أنه التقى الشركاء لمواصلة ما وصفه بالدبلوماسية الأمريكية المكثفة والتنسيق الإقليمى لإنهاء الحرب فى اليمن. وأضاف أن المحادثات تهدف أيضًا إلى حماية الأمن البحرى فى البحر الأحمر وخليج عدن من هجمات الحوثيين على الشحن الدولى، التى تهدد نحو عامين من التقدم المشترك فى جهود السلام فى اليمن. وقالت القيادة المركزية الأمريكية إن قواتها فى البحر الأحمر أسقطت موجة من ١٤ طائرة دون طيار انطلقت من المناطق التى يسيطر عليها الحوثيون فى اليمن أمس الأول السبت.

وقال مسئول بوزارة الخارجية الأمريكية، لصحيفة «ذا ناشيونال»، إن جميع الخيارات تتم مناقشتها، فى واشنطن حول كيفية مكافحة تهديدات الحوثيين المتزايدة فى المنطقة. وأضاف: «شكلنا مجموعة عمل، ونحاول تعزيز عملها، للمساعدة فى حماية الشحن»، مشددًا على أن هجمات الحوثيين الأخيرة تضر بشكل مباشر بمصالح أكثر من ١٢ دولة، مع طواقم من جميع أنحاء العالم، وسفن مسجلة ومؤمنة فى أماكن مختلفة.

محمد أنيس: ترفع تكاليف التأمين ومن ثم أسعار السلع

لم يختلف الخبير والمحلل الاقتصادى، محمد أنيس، عن سابقيه فى التحذير من التأثير السلبى الكبير للهجمات فى البحر الأحمر من الناحية الاقتصادية، فى ظل أنها تتسبب فى رفع تكاليف التأمين على الرحلات البحرية.

وشرح «أنيس»: «الهجمات ستعطل سلاسل الإمداد والتموين الدولية الكبرى، لذا ستقرر الشركات العالمية زيادة تكاليف التأمين على الرحلات البحرية فى مضيق باب المندب، وهو الأمر الذى سيسهم بدوره فى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، ما سيؤدى إلى ارتفاع معدلات التضخم العالمى، وإبطاء معدلات انخفاضه الحالية فى أوروبا والولايات المتحدة».