رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء دوليون: السيسى مُحق فى رفض تهجير الفلسطينيين إلى سيناء

السيسى
السيسى

- قالوا إن اليمين المتطرف فى إسرائيل طالب علانية بتنفيذ «نكبة جديدة»
- إسرائيل لا تمتلك خطة واضحة بشأن مستقبل غزة حال نجحت فى القضاء على «حماس»

- باحث فى مؤسسة «كارنيجى»: مصر ترفض المشاركة فى «تطهير عرقى» إسرائيلى ضد سكان غزة 

أيد خبراء دوليون موقف الرئيس عبدالفتاح السيسى بشأن رفض تهجير سكان غزة إلى سيناء، مشددين فى تقرير حديث، نشرته صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية، على أنه مُحق فى هذا الرفض.

وأوضح الخبراء الدوليون أن الرئيس السيسى مُحق فى رفضه، بسبب الغموض وعدم وضوح الرؤية لدى إسرائيل، وعدم امتلاكها أى خطة واضحة بشأن مستقبل قطاع غزة، عقب القضاء على حركة «حماس»، إذا نجحت فى تحقيق هذا الهدف من الأساس، فى ظل أن المؤشرات والتوقعات العسكرية تشكك فى إمكانية حدوثه. 

وفيما يلى ما نشرته الصحيفة الأمريكية:

فى الوقت الذى يحاول فيه الفلسطينيون اليائسون فى قطاع غزة المحاصر العثور على ملجأ، هربًا من القصف الإسرائيلى المستمر ردًا على الهجوم الذى شنته «حماس» فى ٧ أكتوبر الماضى، يتساءل البعض: لماذا ترفض مصر والأردن المجاورتان استقبال سكان غزة؟

وأدلى الرئيس السيسى بتصريح شديد اللهجة، قال فيه إن الحرب الإسرائيلية على غزة لا تهدف فقط إلى القضاء على «حماس» التى تحكم القطاع، لكنها أيضًا تحاول دفع السكان المدنيين للهجرة إلى مصر، وحذر من أن هذا قد يدمر السلام فى المنطقة، كما أن العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى وجه رسالة مماثلة، قال فيها: «لا لاجئون فى الأردن، ولا لاجئون فى مصر».

وترجع جذور الرفض المصرى- الأردنى إلى الخوف من أن إسرائيل تريد فرض تهجير دائم للفلسطينيين إلى مصر والأردن، وتدمير الحقوق الفلسطينية بإقامة دولة مستقلة.

وقال الرئيس السيسى، أيضًا، إن «النزوح الجماعى قد يؤدى إلى خطر جلب المتشددين إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، حيث قد يشنون هجمات على إسرائيل، ما يعرض معاهدة السلام الموقعة بين البلدين منذ ٤٠ عامًا للخطر».

لقد كان التهجير موضوعًا رئيسيًا فى التاريخ الفلسطينى. وفى حرب عام ١٩٤٨ التى اندلعت قبيل إنشاء إسرائيل، جرى طرد ما يقدر بنحو ٧٠٠ ألف فلسطينى أو فروا من الأراضى التى استولت عليها إسرائيل فى «النكبة». وفى نكسة يونيو ١٩٦٧، استولت إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة، وفر ٣٠٠ ألف فلسطينى آخر، معظمهم إلى الأردن.

ويبلغ عدد اللاجئين وأحفادهم الآن ما يقرب من ٦ ملايين، يعيش معظمهم فى مخيمات ومجتمعات محلية فى الضفة الغربية وغزة ولبنان وسوريا والأردن. وانتشر «الشتات» بشكل أكبر، حيث يعيش العديد من اللاجئين فى دول الخليج العربية أو الغرب.

وبعد توقف القتال فى حرب عام ١٩٤٨، رفضت إسرائيل السماح للاجئين بالعودة إلى ديارهم. ومنذ ذلك الحين، رفضت إسرائيل المطالب الفلسطينية بعودة اللاجئين كجزء من اتفاق السلام، بحجة أن ذلك يهدد الأغلبية اليهودية فى البلاد.

وتخشى مصر أن يعيد التاريخ نفسه، وأن ينتهى الأمر بعدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين من غزة إلى البقاء إلى الأبد، ويرجع ذلك جزئيًا إلى عدم وجود سيناريو واضح لكيفية انتهاء هذه الحرب.

وتقول إسرائيل إنها تعتزم تدمير «حماس»، بسبب هجومها الدموى فى مستوطناتها الجنوبية. لكنها لم تقدم أى إشارة إلى ما قد يحدث بعد ذلك ومن سيحكم غزة. وأثار ذلك مخاوف من أنها ستعيد احتلال المنطقة لفترة ما، ما يؤجج المزيد من الصراع.

وقال الجيش الإسرائيلى إن الفلسطينيين الذين اتبعوا أوامره بالفرار من شمال غزة إلى النصف الجنوبى من القطاع، سيسمح لهم بالعودة إلى منازلهم بعد انتهاء الحرب.

وقال الرئيس السيسى إن القتال قد يستمر سنوات حتى تتمكن إسرائيل من القضاء على المجموعات المسلحة فى غزة، واقترح أن تتكفل إسرائيل بإيواء الفلسطينيين فى صحراء النقب المجاورة لقطاع غزة حتى تُنهى عملياتها العسكرية.

وقال ريكاردو فابيانى، مدير مشروع شمال إفريقيا فى مجموعة الأزمات الدولية: «عدم وضوح إسرائيل فيما يتعلق بنواياها فى غزة وإجلاء السكان يمثل فى حد ذاته مشكلة»، وهذا الارتباك يغذى المخاوف فى المنطقة.

وتطالب مصر إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. ووفق الأمم المتحدة، فإن مصر، التى تتعامل مع أزمة اقتصادية متصاعدة، تستضيف بالفعل حوالى ٩ ملايين لاجئ ومهاجر، بما فى ذلك ما يقرب من ٣٠٠ ألف سودانى وصلوا هذا العام بعد فرارهم من الحرب فى بلادهم.

لكن الدول العربية والعديد من الفلسطينيين يشكون، أيضًا، فى أن إسرائيل قد تستغل هذه الفرصة لفرض تغييرات ديموغرافية دائمة لتدمير المطالب الفلسطينية بإقامة دولة فى غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، والتى احتلتها إسرائيل أيضًا فى عام ١٩٦٧.

وكرر السيسى تحذيراته من أن النزوح الجماعى من غزة يهدف إلى «القضاء على القضية الفلسطينية أهم قضية فى منطقتنا». وقال إنه «لو جرى إنشاء دولة فلسطينية منزوعة السلاح منذ فترة طويلة بالتفاوض، ما كانت الأمور لتتفاقم إلى هذه الدرجة».

وقال إتش إيه هيلير، زميل مشارك أول فى مؤسسة «كارنيجى» للسلام الدولى: «كل السوابق التاريخية تشير إلى حقيقة أنه عندما يضطر الفلسطينيون إلى مغادرة الأراضى الفلسطينية، لا يسمح لهم بالعودة، لذا مصر لا تريد أن تكون متواطئة فى التطهير العرقى فى غزة».

ولم تتفاقم مخاوف الدول العربية إلا بسبب صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة فى عهد رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، التى تتحدث بشكل واضح عن طرد الفلسطينيين.

كما أنه منذ هجوم «حماس» فى ٧ أكتوبر أصبح الخطاب أقل تحفظًا، ودعا بعض السياسيين اليمينيين والمعلقين الإعلاميين، الجيش، إلى هدم غزة وطرد سكانها. وقال أحد المشرعين إن «على إسرائيل تنفيذ نكبة جديدة فى غزة».

وفى الوقت نفسه تقول مصر إن النزوح الجماعى من غزة سيجلب «حماس» أو نشطاء فلسطينيين آخرين إلى أراضيها. وقد يؤدى ذلك إلى زعزعة الاستقرار فى سيناء، حيث قاتل الجيش المصرى لسنوات ضد مجموعات إرهابية.

وأضاف «هيلير» لأنه «مع نجاح مصر فى القضاء على الإرهاب فى سيناء إلى حد كبير، فإن القاهرة لا تريد أن تواجه مشكلة أمنية جديدة فى هذه المنطقة التى تعانى من مشاكل».

وحذر السيسى من سيناريو أكثر زعزعة للاستقرار: تدمير اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل عام ١٩٧٩.

وقال إنه «مع وجود المسلحين الفلسطينيين، فإن سيناء ستصبح قاعدة لشن هجمات على إسرائيل. وسيكون لإسرائيل الحق فى الدفاع عن نفسها، وستضرب الأراضى المصرية»، مضيفًا: «السلام الذى حققناه سيختفى من أيدينا، كل ذلك من أجل فكرة القضاء على القضية الفلسطينية».