رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دعم الصناعة فى زمن الحرب

شاشات الفضائيات الإخبارية مشغولة بكامل طاقتها؛ حتى تتمكن من نقل الحرب الدائرة في غزة، تنقلها بالصوت والصورة وعلى الهواء مباشرة، الناس على المقاهي وفي البيوت لا حديث لهم إلا عن العدوان البربري الإسرائيلي، يتابعون الزيارات المكوكية، التي يقوم بها قادة المنظمات الدولية للقاهرة، وكان آخرها زيارة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
وبينما الحال هكذا ما بين اتصالات مصرية مع قادة العالم لوقف إطلاق النار ودخول المساعدات إلى غزة، كان اتحاد الصناعات المصرية وعلى خط مواز يعقد الملتقى والمعرض الدولي السنوي للصناعة في نسخته الثانية داخل مركز المنارة للمؤتمرات بالقاهرة، كان من الممكن أن نستقبل هذا الخبر بشكل عادي، ولكن أن يفتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسي ويستمع إلى رجال الصناعة المصرية، سواء الحاضرين في القاعة أو من على بعد بالفيديو كونفرانس، ويناقش تفاصيل التفاصيل معهم، فهو أمر ملفت للانتباه، خاصة وأن أصوات القصف الإسرائيلي ليست بعيدة عن مسامع المشاركين في الملتقى.
أستطيع أن أفهم هذا في سياق أن الانتصارات في المعارك الكبرى لا تتوقف عند ترسانة الأسلحة والعسكريين المحترفين، ولكن يولد الانتصار عندما تنجح التنمية الشاملة في مصر، هذا بالضبط ما حرص اتحاد الصناعات على تأكيده بدعم ورعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي؛ ليكون ملخص الرسالة التي نقولها للداخل والخارج هي أن مصر لها ذراعان قويتان.. ذراع تبني وذراع تحمل السلاح.
النماذج المشرقة التي تابعنا صورها على الشاشة في محافظات مختلفة وهي تعرض تجاربها، سواء في الصناعات الطبية أو المرتبطة بالسيارات أو غيرهما تقول إن تفاهمًا كبيرًا بين الدولة ورجال الصناعة قد تبلور على قواعد وأسس تحفظ حقوق كل الأطراف، فالهدف واحد هو تعظيم شعار "صنع في مصر"، وهذا ما ذهب إليه 
محمد زكي السويدي، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، الذي يرى أن اكتمال المنظومة سوف يتبلور بإنشاء مجلس أعلى للصناعة.
المداخلات المحسوبة بدقة، التي أجراها الرئيس مع عدد من أصحاب المشروعات عبر الفيديو كشفت عن أن خريطة الصناعة في مصر حاضرة بشكل دائم على طاولات الاجتماعات، حتى النسب المئوية لاحتياجات السوق المحلية من منتجات محددة مدروسة، وهناك إصرار كبير على الاكتفاء الذاتي في أسواقنا المحلية؛ بهدف السيطرة على العملة الصعبة وعدم استنزافها في الأسواق العالمية.
بالطبع رجال الأعمال ليسوا في جزيرة منعزلة عن الأحداث الجارية بالمنطقة من حروب وصراعات؛ لذلك أعلن رئيس اتحاد الصناعات مساندة الاتحاد القرارات السياسية التي تتخذها القيادة المصرية، قائلًا بالنص: "نعلن مساندتنا لكل القرارات السياسية خلال الفترة الصعبة دى.. ربنا يقويك يا أفندم".
الملاحظة المهمة التي يؤكدها الرئيس عبدالفتاح السيسي في كل لقاءاته مع رجال الصناعة هي إعادة الاعتبار للتعليم الفني، من خلال شراكة مع رجال الصناعة وتنسيق كامل مع الدولة، هذه الملاحظة عمل عليها المجتمع الصناعي منذ سنوات، والآن لم يعد غريبًا علينا أن نرى مدارس فنية في مختلف التخصصات على كامل الأراضي المصرية، هذا ما أكدته بسنت حسين، عضو المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة "ابدأ"، عندما ذكرت أن المحور الثالث من المبادرة يشمل العمالة الفنية وتحسين الصورة الذهنية للتعليم الفني، لتنمية ورفع كفاءة العنصر البشري، بتوفير دورات تدريبية، وتطوير المدارس بشكل شامل يشمل البنية التحتية والتكنولوجية والمناهج التعليمية الحديثة، لاكتساب الخبرات من خلال مدارس معتمدة دوليا.  
لا شك أن هذه المدارس الفنية الحديثة والمتطورة سوف تسهم إسهاما كبيرًا في النهوض بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ لذلك لا تتردد الدولة المصرية في دعم المصانع الصغيرة والمتوسطة، بل ودعم المشروعات متناهية الصغر، من خلال تقنين أوضاعها وتوفير الأراضي اللازمة لتطوير تلك المشروعات.
ولأن حلمنا الدائم هو بناء مصر كدولة مدنية حديثة؛ جاء سياق جزء من تلك المدارس نحو ذلك الحلم؛ لنستمع لأول مرة عن مدرسة "ابدأ" الوطنية للعلوم التقنية في مدينة بدر، والمتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث شهدت تلك المدرسة تطويرًا كاملًا، حيث الدراسة باللغة الإنجليزية واللغة الألمانية لغة ثانية، وتضم تلك المدرسة 12 فصلا بكثافة طلابية 25 طالبًا.
كل هذه التفاصيل المرهقة من شأنها أن تجعلنا نتابع الحرب في غزة، ونحن على ثقة بأن جبهتنا الداخلية في أمان تام، وأن الخطوط المتوازية التي تعمل عليها الدولة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي سوف تؤتي ثمارها بما ينعكس على المواطن المصري بالخير، وينعكس على الوطن بالأمان.