رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الناقد إبراهيم أردش: الحرب فى الشرق أثبتت قدرة المهمشين على الإبداع

جانب من اللقاء
جانب من اللقاء

خلال مناقشة الحرب في الشرق، للدكتور زين عبدالهادي، بمختبر سرديات مكتبة الإسكندرية، استهل الكاتب منير عتيبة حديثه بأن الطفولة تعد المخزن والمكون الذي يستمد منه الكاتب إبداعه.

 

أثر التهجير في رواية الحرب بالشرق

 

وأوضح "عتيبة" عن عالم زين عبدالهادي الروائي: قرأت روايات دكتور زين عبدالهادي، وأكثرها تأثيرًا في نفسي رواية أسد قصر النيل، فمن يقرأ هذه الرواية سيجد الأسلوب المحبب لزين عبدالهادي في تقديم ما يريد أن يقوله من خلال البناء الروائي وليس من خلال الخطاب المباشر للكلمات والجمل، حتى إنه بنى عالمًا من الفوضى الروائية ليعبر عن العالم الذي يحكي عنه.

 

ومن جانبه، قال الناقد إبراهيم أحمد أردش عن رواية الحرب في الشرق: "الحروب تؤثر على البسطاء أكثر مما تؤثر على الكبار، فوجدت أثناء قراءة الرواية أن الإنسان يمتلك مهارات تؤهله لأن يتجاوز الحروب وأن يصنع عالمًا جميلًا، لذلك جاءت قراءتي لرواية الحرب في الشرق عن إبداعات المهمشين.

 

وتابع "أردش": تسعى الذات الساردة في رواية الحرب في الشرق، لتأريخ مسيرتها الطفولية ومعها تؤرخ لمدينة عظيمة مرت عليها أحداث جسام، هي مدينة بورسعيد، لكنها لم تتوقف كثيرًا أمام إنشاء المدينة ومراحل تطورها، بل جعلت التأريخ للناس العاديين لأن هؤلاء هم من يصنعون البلاد من خلال تركيز الراوي على محيط أسرته الصغيرة والمحيطين به، فعن طريقهم تنعكس رؤية أكبر تحيط بالمدينة الباسلة في مرحلة مهمة من تاريخها، مرحلة الحرب والهجرة داخل الوطن.

 

واستطرد في مداخلته خلال مناقشة الرواية: الراوي لم يتتبع الحرب كما يبدو من عنوان الرواية بل تتبع أثرها داخل النفوس. تتبع حربه مع ذاته، لكي يعود إلى مدينته الساكنة في أعماقه عند نهاية الرواية. 

 

إن رواية الحرب في الشرق قد عمدت إلى إثبات قدرة المهمشين على الإبداع بمختلف أشكاله. والمهمشون هنا لا يقصد الكاتب بهم المبعدين أو المنبوذين، بل يقصد الناس العاديين. وإبداعهم هذا إبداع فطري بداخلهم وإن كانوا هم أنفسهم لا يلاحظونه. 

جانب من اللقاء

إبداع المهمشين في الحرب  

 

عن ألوان إبداع المهمشين كما رصدها "أردش" في روايته الحرب في الشرق، للكاتب زين عبدالهادي قال: أول ألوان هذا الإبداع، الإبداع عن طريق الأغنية. وتبدأ سردية الإبداع الغنائي من أول ما كان الراوي في رحم والدته، وهو يسمعها تغني يا حبيب الروح وفيينا وتأثير صوتها عليه، فتأثير صوت الأم على الجنين يجعله ينصاع له، هنا الأم تضرب بفطرتها المثل على قوة الإبداع حتى على الجنين نفسه.

 

وعن الأشكال الإبداعية الأخري التي يمارسها المهمشون وأثبتتها رواية الحرب في الشرق، قال "أردش": الفن التشكيلي، فعندما تحدث الراوي عن مراكب الصيد وما يزينها من رسومات رسمها عمال بسطاء، لكنهم يمتلكون مقدرة موجودة عند التشكيليين العظماء، ورغم أن هؤلاء العمال البسطاء لا يعرفون تاريخ الفن التشكيلي، ولا حتى أسماء من يمارسون هذا الفن، أيضًا نجد التشكيل والرسم على الرمال، فمن أين لهؤلاء العمال البسطاء القدرة التي تضاهي عظمة الفنانين الكبار، هؤلاء البسطاء يصنعون عملًا فنيًا لا يريدون من ورائه مكسبًا، فقط المتعة واللذة الشخصية ومحاولة لنسيان بؤس الحياة، حتى مع إدراكهم ومعرفتهم أن أعمالهم الفنية هذه التي يشكلونها على الرمال ستدمرها الأمواج خلال ساعات، لكنهم يستمرون في عملهم الإبداعي.