رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

موقف مصر.. وكيف يتم وقف العدوان على غزة فى أربعٍ وعشرين ساعة؟! (1)

  (1)

نعم هناك حلول يمكنها أن توقف هذا العدوان فى أقل من أربعٍ وعشرين ساعة، ويمكننى أن ألخصها فى نقاطٍ محددة..

أن تقوم كلٍ من مصر والأردن بإعلان موقفٍ موحد برفض خطة التهجير..(قد حدث بالفعل!)

أن تقوم مصر- بصفتها الدولة المجاورة لغزة والمستهدفة فى هذه الحملة الاستعمارية الصريحة - بأن تتخذ موقفًا قويًا برفض خروج الرعايا قبل دخول المساعدات..(قد حدث بالفعل!)

أن تقوم مصر - بصفتها الدولة اللى شايلة طين العرب طول عمرها- بأن تعلن موقفًا قويًا برفض تصفية القضية دون حل عادل.. (قد حدث بالفعل!)

أن تقوم مظاهرات شعبية حاشدة فى دول الخليج العربى تطلب من حكوماتها اتخاذ خطوات قوية على الأرض..(لم يحدث!)
أن تقوم حكومات دول الخليج - استجابة لمظاهرات شعوبها - بعقد اجتماع طارئ وتعلن للقوى العظمى التى أتت بأسلحتها لغزو المنطقة أنها - أى دول الخليج - تجد نفسها مضطرة للاستماع لصوت شعوبها وأن تعلق جميع خطوات التطبيع الاقتصادى كخطوة أولية ربما تتبعها خطوات تتعلق بالعلاقات الاقتصادية الاستثمارية مع تلك الدولة العظمى..(لم يحدث!)

أن تقوم جميع دول ما يسمى بالمؤتمر الإسلامى - والتى تملأ شعوبها صفحات السوشيال ميديا ضجيجا - بعقد مؤتمر طارئ، وليكن فى دولة مسلمة غير عربية تأكيدًا لهوية المعركة كما يقولون يعلنون فيه عن قطع علاقاتها الاقتصادية مع الدولة العظمى راعية الكيان الدموى..(لم يحدث!)

أن تقوم الدول المسلمة غير العربية بالمنطقة والتى تتشدد فى مواقفها المعلنة بوقف العلاقات السرية مع الكيان وأن تتوقف عن إمداده بالوقود بمختلف مشتقاته..(لم يحدث!)

أن تقوم الدويلة العميلة بمحاولة وضع أى مساحيق تجميل شعبية، لأن وجهها أصبح قبيحًا أكثر مما يحتمله كثيرون...(لم يحدث!)

أن تقوم دول شمال إفريقيا العربية - والتى تتزعم إحداها المقاومة فى ملاعب الكرة وعلى صفحات السوشيال ميديا - بالتوقف عن إمداد الكيان بالوقود المستخدم فى القتل..(لم يحدث!)

أن يقوم عرب 48 من الفلسطينيين بثورة عارمة يعلنون فيها عن هويتهم الحقيقية وانضمامهم لإخوانهم فى غزة..(لم يحدث!)

أن نرى أى كرامة أو علامة لخمسة وثلاثين ألف أشوس أعلنت عنهم حماس وأعلنت عن جاهزيتهم، بينما تصطف المعدات وجنود الكيان على حدود القطاع...(لم يحدث!)

أن يقوم مليارديرات فلسطين بالخارج بشراء بواخر عملاقة وحشد جميع فلسطينيى المهجر من كل دول العالم وقصد البحر المتوسط والتوقف أمام سواحل غزة للدفاع عن أرضهم..(لم يحدث!)

أن يتفق زعماء حماس مع سلطة أبومازن على التوحد الوطنى تحت قيادة وطنية فلسطينية موحدة بقائمة مطالب موحدة تبنى على ما سبق الوصول إليه من خطوات سياسية سابقة..(لم يحدث!)

أن تصفى حماس نفسها وينضم مقاتلوها لجيش فلسطينى نظامى وطنى واحد يخضع لسلطة وطنية سياسية واحدة...(لم يحدث!)

أن تقوم لا مؤاخذة جميع منظمات حقوق الإنسان- والتى دأبت على ملء الدنيا ضجيجًا ضد مصر طوال العقود السابقة - كلما تعثر عميل مصرى فى دخول الحمام واتهمت الدولة المصرية بعمل تخريبى فى كالون حمام العميل، أن تقوم هذه المنظمات ولو لمرة واحدة فى تاريخها بعمل يثبت آدمية أعضائها بحل نفسها فى أرجاء العالم بعد عجزها عن وقف قتل الأطفال على الهواء مباشرة..(لم يحدث!)
 

(2)

نعم إعلان المواقف مهم لخلق ضغط شعبى على من يديرون الحملة البربرية، لكن فى النهاية لن يوقف العدوان سوى خطوات عملية على الأرض.. فقبل سنوات لم تنجح المظاهرات المليونية فى شوارع لندن ومدريد فى منع غزو العراق واحتلاله! فى الأسبوعين الماضيين، وعلى الأرض، لم تقم دولة بأى خطوات عملية قوية سوى مصر! لنا أن نتخيل لو لم تتخذ مصر موقفها فى الساعات الأولى بالإصرار على فتح المعبر للمساعدات الإنسانية، ولو أنها خضعت لكل تلك الضغوط الرهيبة بالسماح لرعايا الدم الأزرق بالخروج، لو حدث هذا ماذا كان سيحدث فى المنطقة؟! لم يستطع العالم مواجهة الحملة الاستعمارية، ولم يستطيعوا إدخال علبة دواء إلا بإصرار مصر على ذلك!

مصر قامت باتخاذ موقف هو الأقوى والذى فاجأ قادة الاستعمار المعاصر..توافدوا على القاهرة واحدًا تلو الآخر لمواصلة الضغط والترهيب والترغيب..لكنهم فشلوا لأنهم باختصار لا يعرفون المصريين حق المعرفة! فوجئوا وصُدموا وبلعوا صدمتهم إلى حين! هو موقفٌ نعلم جيدا أننا كمصريين سندفع ثمنه، لكننا لا نأبه بهذا الثمن حين يتعلق الأمر بالسيادة الوطنية والكرامة، التى نسى معناها كثيرون فى هذه المنطقة!

فيما سبق من خطوات يتضح أن العالم بعيد جدًا عن مشهد إعطاء الأوامر للقتلة بوقف القتل، لأنه لم يتحقق من هذه الخطوات سوى خطوتين قامت بهما مصر!

لذلك فإننى أوجه حديثى لمواطنى كل الدول - التى لم تقم بما كان يتوجب عليها القيام به - أن يتجهوا بخطابهم لحكومات دولهم، وأن يمتنعوا عن ذكر اسم مصر فى أى جملة مفيدة يشتم منها مطالبتها بأى شىء! لأن مصر قامت بما لم تقم به حكومات بلادهم! وأن يتوقفوا عن محاولة تشويه أي رموز مصرية أو مواقف مصرية، لأن مصر فقط هى من وقعت باسمها فى سجل الشرف فى مواجهة هذا الغزو البربرى، بينما اختفى الجميع ولم تكن لديهم الشجاعة حتى على تلبية دعوة مصر! خافوا من مجرد الحضور! فبعضهم أعلن عن خضوعه وركوعه الكامل ولم يحضر، بينما البعض الآخر وبعد أن تقمص مسوح الرجال وأعلن عن عزمه التواجد، تم توبيخه وأمره بعدم الذهاب، فتوسل فى إرسال موظفٍ ينوب عنه حفظًا لعروش تهتز تحت....!

لذلك فعلى مواطنى أى دولة عربية أو مسلمة أن يحتفظ بلسانه فى فمه إذا ذُكرت مصر، وأن يتأدب ويخضع للحقيقة الكبرى التى أصبح كل الكون يعرفها، وهى أن مصر كانت الدولة الشريفة الوحيدة فى المشهد العربى الإسلامى فيما يتعلق بما هو أكثر من الكلام!

(3)

هناك شخصٌ يحمل صفة (متحدث باسم الإعلام الحكومى فى غزة)، أى ممثل حماس إعلاميًا ويقوم بمداخلات وتصريحات هنا وهناك..أود أن أرسل له رسالة واضحة بأن يلزم حدود الأدب فى أى تصريحات تتعلق بمصر! ولو لم يكن ناضجًا بما يكفى للقيام بهذه المهمة، فعلى من وضعوه أن يستبدلوه بمن هو أكثر نضجًا أو أن يعلموه، وعلى بعض الإعلاميين المصريين - إن لم يكونوا قادرين على الرد عليه أو على غيره – أن يمتنعوا عن عمل مثل تلك المداخلات. بالأمس استمعت مصادفة لهذا الشخص يتحدث مع الإعلامى أحمد موسى فيما يتعلق بدخول المساعدات - التى خاضت مصر معركة شرسة لإدخالها لغزة - ومما قاله إن هذه المساعدات غير كافية وظل يعبر عن احتياجات القطاع التى يعلمها الجميع حتى وصل إلى قوله..يجب أن تكون مصر صاحبة اليد العليا أو الطولى فى إقرار ما يدخل ولا يجب أن تكون إسرائيل هى صاحبة هذه اليد...إلخ.

تصريح فى منتهى التطاول والمغالطة والتعريض بموقف مصر..العالم كله يعرف أنه لولا يد مصر العليا لما دخلت شاحنة واحدة للقطاع قبل إتمام الكيان لجريمته! ولولا يد مصر وقرارها لتم تفريغ القطاع من الأجانب ولأصبحت الجريمة أسهل بكثير للكيان! وأن مصر فرضت كلمتها بشكل واضح وصريح وأن كل من يزايد عليها لم تتوقف قنوات تعاونه السرى مع من يقتلون أهل القطاع!
ومن أول يوم لدخول أول شحنة صرح نفس الشخص بأن هذه المعونات إن لم تكن كافية فلا حاجة لنا بها! تصريحات فى منتهى عدم المسئولية وعدم إدراك المشهد السياسى أو إدراكه لكنه يتحرك وفق ما لا نعلمه مما يعلمه قادة حركته!

على الإعلام المصرى أن يحتفظ بتلك الشعرة الرقيقة الفاصلة بين شيئين، الأول مساندة مصر للقضية عبر أكثر من قرن من الزمان، والثانى الاستدراج البطىء لخطاب يختصر طريق الخلاص فى دولة واحدة هى مصر، بينما يمتلئ الكون بالدول المسلمة والعربية! فى هذا المشهد الحالى قامت مصر بالفعل بأقوى وأهم خطوات المواجهة. الخطوة الأولى التى يمكن للجميع أن يسير خلفها ويتخذ من الخطوات ما يتفق معه.. لكن للأسف وكالعادة كانت مواقف الجميع متدنية لأقصى حد.. وتم وضع مصر فى المواجهة.. مصر لا تخشى مواجهات عادلة تتفق مع مبادئها..لكن ليس عدلًا أن يتم التعريض بها بأى شكل وتحت أى مسمى، بينما هى الوحيدة التى وقفت فى المواجهة!

سؤال لبعض المصريين الذين - ومنذ الأيام الأولى - قاموا بوضع علم فلسطين..لماذا لم نراكم تضعون علم مصر حين واجهت مصر نفس الحملة منذ سنوات قليلة..وهل قاموا هناك بوضع علم مصر حين تم انتهاك أرضها وقتل جنودها وضباطها؟! 

لا يمكن لأى إنسان طبيعى على هذا الكوكب ألا يعتصر الألم قلبه ومشاعره حين يرى طفلًا واحدًا يتألم.. فما بالنا بمجازر قتل الأطفال..هذه قصة منتهية لا مزايدة عليها..لكن لا لخلط الأوراق..أنا شخصيًا سأدين قتل أى طفل مهما تكن ملته أو دينه أو جنسيته أو هوية أهله..
لكن قصة الأوطان مختلفة تمامًا..المعاملة بالمثل يجب أن تكون قاعدة فى ضمير أى مصرى يعرف قدر بلاده أو حتى يدرك أسس الانتماء..هل قاموا هناك بوضع أو حمل أعلام مصر فى عام 2011م وحتى 2013م؟! 
السؤال الأخير لكل المصريين: لو حدث لا قدر الله أن سقطت مصر..هل هناك فى هذه المنطقة البائسة من العالم مَن سيقوم بخوض حرب للدفاع عن عنها وعنا؟! لو سقطت مصر لا قدر الله هل هناك من سيخوض معركة لكى يمنحنا كوب ماء؟!

فتشوا عن مواقف هذه الدول فى قصة السد الإثيوبى لتعرفوا الإجابة، ولكى تعرفوا أن مصر وحدها هى قدس أقداسكم وشرفكم وحياتكم وحياة أبنائكم.