رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى جميع مساجد مصر.. "الدفاع عن الأوطان والأرض والعرض" خطبة الجمعة المقبلة

وزارة الأوقاف
وزارة الأوقاف

حددت وزارة الأوقاف، موضوع خطبة الجمعة المقبلة تحت عنوان «الدفاع عن الأوطان والأرض والعرض» في جميع مساجد الجمهورية بكافة المحافظات.

جاءت خطبة الجمعة تحت عنوان «الدفاع عن الأوطان والأرض والعرض» في ظل حالة الاحتشاد الشعبي من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية ورفض التهجير لأهالي قطاع غزة، وذلك يأتي بالتزامن مع عدد من الوقفات الاحتجاجية الرافضة للتهجير  وتفويض الرئيس عبدالفتاح السيسي بالدفاع عن الأمن القومي المصرية.

وجاءت نص الخطبة كما يلي..

الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}، وأَشهدُ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأََشهدُ أنَّ سيدَنا ونبيَّنا مُحَمَّدًا عَبدُه ورسوله، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وصحبِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ، وبعد:
فإن الدفاع عن الأوطان والأرض والعرض واجب شرعي وضرورة وطنية، وهو دليل نُبل النفس، وعلو الهمة، فالوطنية الحقيقية فداء، وتضحية، واعتزاز بالوطن والأرض والعرض، ولله درُّ القائل: 
بِـــــلادٌ مـــاتَ فِتيَتُهـــا لِتَحيـــا       ***          وَزالـــوا دونَ قَــومِهِمُ لِيَبقـــوا
وَقَفتُــــمْ بَينَ مَـــوتٍ أَو حَيـــاةٍ      ***         فَإِن رُمتُمْ نَعيمَ الدَهـرِ فَاشْقَوا
وَلِلأَوطــانِ في دَمِ كُلِّ حُــــــرٍّ      ***         يَدٌ سَلَفَـــت وَدَيـنٌ مُستَحــــقُّ
وقد بشر نبينا (صلى الله عليه وسلم) حُرَّاس الأوطان المدافعين عن الأرض والعرض  بالأجر العظيم، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ، أَوْ دُونَ دَمِهِ، أَوْ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَـمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا الَّذِي مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللهِ؛ فَإِنَّهُ يُنْمَى لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ)، ويقول (صلوات ربي وسلامه عليه): (أَلا أُنبِئكُم بِلَيْلَةٍ أَفْضَلُ مِن لَيْلَةِ القدرِ؟ حَارِسٌ يَحْرُسُ فِي أَرْضِ خَوْفٍ لَعَلَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ)، ويقول (عليه الصلاة والسلام): (عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ، عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله)، والعين هنا مراد بها الجسد كله، غير أنه (صلى الله عليه وسلم) عبَّر بالعين كونها تحرس وتراقب.
كما ضرب نبينا (صلوات ربي وسلامه عليه) أعظمَ الأمثلةِ في الدفاعِ عن الأوطانِ، وحماية الأرض والعرض، فكان (عليه الصلاة والسلام) يتصدرُ المواقفَ دفاعًا عن أهله ووطنهِ، فعَنْ أَنَسٍ (رضي الله عنه)، قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ لَيْلَةً، فَخَرَجُوا نَحْوَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) وَقَدْ اسْتَبْرَأَ الخَبَرَ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ، وَفِي عُنُقِهِ السَّيْفُ، وَهُوَ يَقُولُ: (لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا)، ويقول سيدنا علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): "كنا إذا احمرَّ البأسُ ولقى القومُ القومَ اتَّقَيْنَا برسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه".
وحماية الأوطان ضرورة لحماية الأعراض، فالوطنُ يحمي الدينَ والأرضَ والعرضَ، وقد عظَّم الإسلام شأن الأعراض، وأولاها عنايةً خاصةً، فحرَّم الاعتداء عليها أو النيل منها بأي وجه من الوُجُوه، وجعل الحفاظ عليها والدفاع عنها واجبا دينيًّا ومقصدًا شرعيًّا، فشرع من أجل صيانتها الحدود، ونهى عن كل ما ينال من كرامة الإنسان، إذ لا يقبل حُرٌّ أن يُستباح عِرضُه أو يُسلَب وطنَه وأرضَه. 
***
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين.
لا شك أن الدفاع عن الأوطان وافتداءها بالنفس والنفيس، مع الحفاظ عليها وعدم السماح لأحد أن ينال منها، أو يفسد فيها، أو يعبث بأمنها، أو يُسهم في بث الفرقة والخلاف، أو الأكاذيب والشائعات فريضة شرعية وضرورة وطنية ؛ فالواجب على كل وطني أن ينهض بوطنه في كافة المجالات، بما يقتضي توحيد الجهود، ونبذ الخلافات؛ والحرص على المصلحة العامة، وتقديمها على المصلحة الخاصة، امتثالًا لقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جميعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}، وقوله جلَّ شأنُه: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
فما أحوجنا في هذه الأيام أن نشعر بقدر أوطاننا، وأن نتيقظ لكل محاولة للنيل منها، حيث يقول الحق سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ}، مع تأكيدنا أن أمر الأوطان العام يقدره أولو الأمر، وليس آحاد الناس، فقيادة الدول والعبور بها إلى بر الأمان يحتاج إلى تراكم خبرات وتوفر معلومات تمكن ولي الأمر من اتخاذ القرار المناسب في التوقيت المناسب.
نسأل الله العلي العظيم يحفظ مصرنا من كل سوء ومكروه وأن يهيئ لنا من أمرنا رشدا
اللهم احفظ أوطاننا وارفع رايتها في العالمين