رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر.. وصفقة القرن

كنا نعتقد ان فكرة صفقة القرن قد اسدلت عليها ستائر النسيان، عندما خفت الحديث عنها، ولم نعد نسمع أي تصريحات. 
بدأت الفكرة منذ وقت مبكر، عندما بدأت تفاصيل مشروع هيرتزل لتوطين اليهود في وطن، وقد اقترح سيناء، وردت في مذكراته المعروفة باسم " يوميات هيرتزل" التي ترجمها الكاتب الصحفي كامل زهيري في كتابه المهم " النيل في خطر"، كما ذكرها المفكر المصري جمال حمدان في كتابه سيناء في الاستراتيجية والسياسة والجغرافيا". كما أشار إليه الكاتب محمد حسنين هيكل في كتابه" المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل".
وخلال مباحثات السلام بين مصر وامريكا وإسرائيل وامريكا في كامب ديفيد 1977. جاء ذكر المشروع، ولكن الرئيس السادات رفض أي مساومة، ولم يقبل إلا برجوع سيناء كاملة. 
وعندما ماطلت إسرائيل بسبب مشكلة طابا الحدودية، رفض الرئيس مبارك أن يتنازل عنها، وفضل اعرض القضية على المحكمة الدولية التي حكمت لمصر. 
وطل حلمهم في قطعة من سيناء حتى عام 2000م أعلن جيورا آيلاند، رئيس قسم التخطيط في جيش الاحتلال ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، خطته التي تنص على توسيع رقعة قطاع غزة الفلسطيني، من خلال اقتطاع جزء من سيناء وضمها للقطاع. ووفقا لخطة “جيورا”، التي تقضي أنه من المفترض أن تتنازل مصر عن مناطق من سيناء لقطاع غزة، وتكون مساحة تلك المناطق المتنازل عنها 720 كيلومترًا، وحددها بأن تكون مستطيلًا ضلعه الأول يمتد على طول 24 كيلومترًا على طول شاطئ البحر المتوسط من رفح غربًا حتى العريش، وبعرض 20 كيلومترًا داخل سيناء. وقد تم عرض المشروع على الرئيسالرئيس المصري حسني مبارك وقتها، ولكنه رفضه رفضا قاطعا. 
وظلت الخطة كامنة في العقل الأمريكي والإسرائيلي إلى أن أعلن عنها الرئيس الأمريكي ترامب في يناير 2020، في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في واشنطن أن صياغة سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين مهمة صعبة ومعقدة، وأن خطته للسلام مختلفة تماما عن الخطط السابقة "ورؤيته توفر فرصة للطرفين ضمن حل الدولتين، وأنه سيعمل على تحقيق اتصال جغرافي بين أراضي الدولة الفلسطينية.
وما أعلنه الرئيس الأمريكي ترامب ليس جديدا ولكنه مشروع تفكر فيه إسرائيل منذ أمد طويل، فقد ظهرت نوايا العدو الإسرائيلي تتضح منذ أن نشر شيمون بيريز رئس وزراء إسرائيل الأسبق كتاب شيمون بيريز “الشرق الأوسط الجديد" في عام1996، تنبع أهمية وخطورة هذا الكتاب من التطبيق العملي لما جاء في بنوده فيما بعد، وهو ما بدا من خلال سلوك العدو ومفاوضاته مع الفلسطينيين بمساعدة أمريكا. والذي يبدو بأنه ليس مجرد كتاب يحمل قضايا نظرية على الورق.، وإنما خطة عمل يتم تطبيقها على مراحل. 
وهو المشروع الذي سبق ان لوحوا به للإخوان المسلمين عندما حكموا مصر (2012- 2013)، ضمن خطة أمريكا في دعم وجود الإخوان في الحكم، وهو ما بدا خلال قيام حاكم قطر السابق من زيارة سيناء ورفح ونويبع، وعرض شراء مساحات كبير من الأراضي على الحدود مع غزة، بأسماء مصريين حصلوا على الجنسية من خلال بطاقات مسروقة، بعد سرقة ماكينات اصدار البطاقات المصرية التابعة للأحوال المدنية في رفح، لولا يقظة أجهزة الأمن المصرية والقوات المسلحة، التي منعت بيع أي أراضي الحدود.

وبعد إعلان ترامب أفكاره، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، إن مصر تقدّر الجهود الأمريكية المتواصلة من أجل التوصل إلى سلام شامل وعادل للقضية الفلسطينية، بما يُسهم في دعم الاستقرار والأمن بالشرق الأوسط، وينهي الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

وأضافت في بيان أن مصر ترى أهمية النظر لمبادرة الإدارة الأمريكية من منطلق أهمية التوصُل لتسوية القضية الفلسطينية بما يعيد للشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة من خلال إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفقًا للشرعية الدولية ومقرراتها.

منذ بداية عملية العسكرية التي شنتها المقاومة الفلسطينية "طوفان الأقصى في 6 أكتوبر 2023. وبداية الرد الإسرائيلي العنيف على قطاع غزة، وما ألقته الطائرات الإسرائيلية من منشورات تقول" يا سكان غزة اهربوا إلى مصر وأنقذوا حياتكم وحياة أسركم، حماس اختارت التضحية بكم وبمنازلكم كرمًا لإيران".

وما يهمنا التركيز عليه، هو رفض القيادة السياسية المصرية رفضا باتا، لما اظهرته النوايا الإسرائيلية من محاولات تهجير أبناء غزة إلى الجنوب حيث الحدود المصرية، وهو موقف مبدئي وثابت، مهما حدث. 

وفي كلمة الرئيس في المؤتمر الصحفي يوم الأربعاء 18 أكتوبر 2023، مع المستشار الألماني أولاف شولتس، والذي حذر فيها من مغبة تدهور الأوضاع داخل قطاع غزة مؤكدا أن مصر ترفض ما يحدث من تصفية للقضية الفلسطينية وقد اعرب الرئيس عن تعازيه في ضحايا مستشفى المعمداني.

كما أعلن فيه أن إن مصر ترفض تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، مشيرا إلى أن مصر لم تغلق معبر رفح منذ بداية الأزمة لكن القصف الإسرائيلي حال دون تشغيله.

ودعا السيسي إلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وقال إن "استمرار العمليات العسكرية سيكون له تداعيات على المنطقة ويمكن أن تخرج عن السيطرة".