رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في يومها العالمي.. متى تصبح الترجمة خيانة ؟

اليوم العالمي للترجمة
اليوم العالمي للترجمة

يحتفل العالم باليوم العالمي للترجمة، والذي أقرته منظمة الأمم المتحدة للاحتفاء والإشادة بدور المترجم  في التقريب بين الشعوب، والترجمة كجسر يربط ويعزز ما بين الثقافات واللغات وناطقيها.

وتقول الأسطورة  أن ألسنة البشر وقبل أن تختلف وتتوزع بين اللغات المختلفة، كانوا يتحدثون بلسان واحد، إلا أن الملك “النمروذ”، ودعوته للبشر بأن يألهونه كان من نتيجتها أن تفرقت ألسنتهم واختلفت إلي عشرات اللغات، فتعذر عليهم التواصل حتى جاء المترجمين.

إلا أن قضية خيانة المترجم دوما ما تثار، وحول هذه القضية استطلعت الــ “الدستور” آراء عدد من المترجمين وكيف يرون هذه القضية.

خيانة المترجم مشروعة

بداية يقول الكاتب المترجم “أحمد عبد اللطيف”: المترجم يخون ليوفي، أو هذا ما أظنه، وهي خيانة مشروعة يكون هدفها الحفاظ على المعنى أو إنقاذ الأسلوب أو منح جمالية النص في لغته الجديدة نفس الجمالية في اللغة الأصل.

 أي خيانة خارج هذه الأهداف، مثل حذف ما يمس التابوهات أو التخلي عن أسلوب الكاتب أو إضافة ما لم يكتبه الكاتب، هي بالنسبة لي انحطاط أخلاقي لا يليق بمترجم.

يخون المترجم حين يغير الفكرة

بينما يرى المترجم السوري “معاوية عبد المجيد”، أن المترجم يخون حين يغيّر الفكرة تغييرًا جذريًا. فإذا قال البطل لحبيبته: أنا أحبك، و ترجمها المترجم: أنا أكرهك، فهذه خيانة موصوفة.

 أما باقي ما تبقّى فتلك نسمّيها خيارات المترجم، وقد يصيب في بعضها ويخيب في بعضها الآخر، إلا أنّها خيارات مفتوحة وغير منتهية.

ليس وارد على الإطلاق أن يخون المترجم

من جانبه يذهب المترجم دكتور "خالد البلتاجي"، إلي أنه: ليس وارد على الإطلاق أن يخون المترجم، ولفظ الخيانة غير مناسب حتى لو أخطأ المترجم. فالترجمة هي نقل نص من مَعِين ثقافي أقصد اللغة الأجنبية إلى مَعِين ثقافي مختلف وهي اللغة الأم. فالنص كتب بلغته الأصلية لمتلقي له ثقافة معينه يخاطبه الأديب من خلالها، وبالتالي عند نقل النص إلى ثقافة أخرى بمدلولات مختلفة لمفرداتها اللغوية ومتلقي مختلف بثقافة مختلفة يحدث التحدي الكبير. تترك هذه العناصر تأثيرها على النص المترجم.


فالخيانة هنا غير واردة، يكفي المترجم أن يقف متحديّا كل هذه الاختلافات، ويجاهد نفسه كي لا يترك بصمته هو نفسه على النص لينقل رسالة النص الأصلي كما هي وبنفس التأثير من خلال لغة أخرى ولقارئ مختلف. ولا يمكن أن نطلق على أي تقصير في هذه العملية المعقدة على أنه خيانة لأنه من المستحيل عمل صورة طبق الأصل من النص الأصلي، لا أعني اللغة بل الرسالة التي تحملها اللغة. لأن هذا معناه أن أقوم بشرح النص المترجم للقارئ في هوامش وتعليقات أو دراسات ومقدمات ألخ. وحتى هذا لو حدث فلن يمنع أي نقصان قد يحدث.

يخون المترجم عندما يترجم كتابا لا يحبه

من جانبه يري المترجم “محمد عبد النبي”: أن المترجم يخون عندما يترجم كتابًا لا يحبه بدرجةٍ كافية لمجرد أكل العيش، وهي خيانة مشروعة٬ عندما يتكاسل عن البحث والتدقيق كلما واجهته معضلة صغيرة في فهم تعبيرٍ ما أو اكتشاف المقابل الدقيق.

 عندما يتقاعس في مراحل المراجعة والتحرير ويتركها بالكامل لآخرين قد يكونوا أكفاء لكنهم ليسوا منتجي هذا العمل وبالتالي سوف ينقصهم بعض الأشياء الضرورية للتعامل مع النص٬ عندما يستعين بترجمة قديمة لنَص سبقت ترجمته ويعيد تدويرها وينشرها باسمه. وإجمالًا، وبعيدًا عن المغزى الفني وراء عبارة المترجم الخائن، أرى أن خيانة المترجم لمبادئ المهنة الأساسية مسألة أخلاقية صرفة، ثم تأتي بعد ذلك المسائل الفنية التي قد نظل مختلفين حولها إلى الأبد، ولا بأس في هذا.

يخون المترجم حين يتدخل في متن العمل

وبدوره يري المترجم “الحسين خضيري”: يخون المترجم حين يتدخل في متن العمل الأدبي بأن يُغير فيه٬
فعليه الالتزام بأفكار النص الأصلي لكنه حرٌّ فحسب في اختيارِ لغته الخاصّة التي تُبرزُ بصمته لكن لا تحول بين النص الأصلي وبزوغه بفكره وكيانه في اللغة المترجم إليها كما أراد له المؤلف.

يخون المترجم عندما يدس رأيه بين السطور

بينما يذهب المترجم الشاب “مينا ناجي” إلي أن: يخون المترجم عندما يُترجم حسب معتقداته الثقافية أو الدينية، وليس حسبما يكتب المؤلف، ويخون أيضًا عندما يدس برأيه بين السطور دون أن يشعر القارئ. الترجمة عملية شاقة وتحتاج إلى درجة من التوحّد مع مؤلف العمل لفهم مقاصده ونقلها كما هي دون أي تدخل صريح من المترجم.