رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قمة العشرين.. خبراء هنود لـ«الدستور»: مشاركة مصر إثبات لثقلها فى الشرق الأوسط وإفريقيا

الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسي

أكد عدد من الخبراء والسياسيين الهنود أهمية مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قمة مجموعة دول العشرين، التى أقيمت على مدار اليومين الماضيين، بعد دعوته للحضور من قبل رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى، وعقب دعوة مصر للانضمام إلى تجمع دول «بريكس» مؤخرًا.

وأوضح الخبراء، خلال حديثهم، لـ«الدستور»، أن الدعوة التى تلقتها مصر من الهند لحضور القمة تأتى انعكاسًا لدورها المحورى وثقلها فى منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية، بالإضافة إلى دورها لدعم أصوات الجنوب العالمى، مشيرين إلى أن ذلك سيعود بالنفع عليها وعلى الدول النامية بشكل عام، لكونها تحمل قضايا وهموم تلك الدول إلى القمة، وتسهم فى دفع الجهود لإيجاد حلول لها.

أكد السفير الهندى السابق لدى القاهرة فيديا بوشان سونى، أن ﻣﺼﺮ ﻗﻮة راﺋﺪة فى إﻓﺮﻳﻘﻴﺎ واﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ، ﻓﻬى ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واﻟﻘﻮة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ واﻟﻤﻮارد اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ اﻟﻨﺎﺑﻀﺔ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة، كما أن ﻟﺪﻳﻬﺎ أوراق اﻻﻋﺘﻤﺎد اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ لإﻳﺠﺎد ﻣﻜﺎن ﺑﻴﻦ أﻧﺼﺎر اﻟﺘﻄﻠﻌﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ، ما يستدعى تقديم ﺻﻮﺗﻬﺎ أﺛﻨﺎء إﺑﺮاز ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﺠﻨﻮب العالمى فى قمة العشرين.

وأوضح أن ﻣﺼﺮ ﺑﻬﺎ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ﻳﺤﺘﺎج إلى اﻻرﺗﻘﺎء، ﻣﺜﻞ اﻟﻬﻨﺪ، ومن اﻟﻤﺤﺘﻢ أن ﺗﺆدى اﻟﻔﻮاﺋﺪ اﻟﻤﺘﺮاﻛﻤﺔ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ قمة العشرين وما يماثلها إلى ﺗﺤﺴﻴﻦ أوضاع اﻷﻋﺪاد اﻟﻤﺘﺰاﻳﺪة ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص.

وقال: «ﺳتساعد القمة فى اﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ فى عدة ﻗﻀﺎﻳﺎ، ﻣن بينها ﺗﻐﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎخ واﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة وخفض اﻧﺒﻌﺎﺛﺎت اﻟﻜﺮﺑﻮن واﻟﺘﺠﺎرة الدولية، إضافة إلى ملفات تمكين المرأة وتمثيلها بالعديد من المناصب، إذ ﺗﺆﻛﺪ اﻟﻬﻨﺪ وضع اﻟﻨﺴﺎء فى اﻟﻤﻨﺎﺻﺐ اﻟﻘﻴﺎدﻳﺔ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ».

وأشار «سونى» إلى أن قرار انضمام اﻻﺗﺤﺎد الإفريقى إلى مجموعة العشرين، يأتى لكونه ﻳﻀﻢ ٥٥ دوﻟﺔ، ﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪد ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ١.٤ ﻣﻠﻴﺎر ﻧﺴﻤﺔ، ما يعنى وجوب ﺗﻤﺜﻴلها فى ﺗﺠﻤﻊ ﻣﻬﻢ، ﻣﺜﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ.

وأضاف: «اﻟﻬﻨﺪ كانت داﺋﻤًﺎ فى ﻃﻠﻴﻌﺔ اﻟﺪول التى ﺗﺘﺒﻨﻰ ﻗﻀﻴﺔ إﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺑﻌﺪ اﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ فى ﻋﺎم ١٩٤٧، فقد ﺣﺎربت ﺿﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر وﺳﺎﻋﺪت ﻋﺪدًا ﻣﺘﺰاﻳﺪًا ﻣﻦ اﻟﺪول الإﻓﺮﻳﻘﻴﺔ فى اﻟﺤﺼﻮل على اﻻﺳﺘﻘﻼل ﻣﻨﺬ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت ﻓﺼﺎﻋﺪًا، وفى اﻟﻜﻔﺎح ﺿﺪ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﻨﺼﺮى، ﻛﺎن اﻟﻀﻐﻂ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻬﻨﺪ ﻫﻮ اﻟﺬى أدى إلى ﺳﻘﻮط اﻟﻤﻌﻘﻞ اﻷﺧﻴﺮ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﻔﺎﺳﺪ فى ﺟﻨﻮب إﻓﺮﻳﻘﻴﺎ».

وتابع: «ﺑﻔﻀﻞ ﻣﺒﺎدرة اﻟﻬﻨﺪ، ﺳﺗﺠﺪ إﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ اﻟﺼﺤﻴﺢ على اﻟﻄﺎوﻟﺔ اﻟﺮﻓﻴﻌﺔ فى ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، وﺳﻮف ﺗتمكن ﻣﻦ إﻳﻼء اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﻮاﺟﺐ ﻟﻠﺘﺤﺪﻳﺎت التى ﺗﻮاﺟﻬﻬﺎ، ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻘﺮون ﻣﻦ اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ واﻻﺳﺘﻌﻤﺎر، والتى ﺗﺴﺒﺒﺖ فى اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺪﻣﺎر ﻟﻠﻔﺮد واﻟﺪول والشعوب اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ».

وذكر السفير الهندى أن ﺗﺴﻠﻴﻂ اﻟﻀﻮء على اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ التى ﺗﺆﺛﺮ على إفريقيا سيؤدى إلى ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻀﻐﻮط على اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺘﻘﺪم، وحمله على اﺗﺨﺎذ إﺟﺮاءات ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻫﺬه اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ، وﻣﻦ اﻟﻤﺆﻛﺪ أن ﻫﺬا ﺳﻴﻮﻓﺮ اﻹﻏﺎﺛﺔ التى ﺗﺸﺘﺪ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺸﺄن ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻣﺜﻞ ﻧﺪرة اﻟﻐﺬاء واﻟﻤﻴﺎه وقضايا اﻟﺼﺤﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، والأهداف اﻟﻤﺤﺪدة ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﺪاﻣﺔ.

وأردف: «ﻟﺬلك، ﺗﻢ اﻗﺘﺮاح ﺧﻄﺔ ﻋﻤﻞ كى ﻳﺴﻌﻰ زﻋﻤﺎء ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ إلى ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ، وتتضمن اﻟﺘﻘﺪم فى أﻧﻤﺎط اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﺪاﻣﺔ، ومعالجة أزﻣﺔ اﻟﻐﺬاء اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﻮﺷﻴﻜﺔ واﻟﺠﻮع فى اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ اﻟﻔﻘﻴﺮة».

وواصل: «ﺗﻮﺻﻠﺖ اﻟﻬﻨﺪ إلى ﺣﻞ راﺋﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺮض (اﻟﺪﺧﻦ) ﻛﻐﺬاء ﺣﺪﻳﺚ وغنى ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ، ومورد محلى فى اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ اﻟﺸﺎﺳﻌﺔ، ورﻛﺰت على ﺗﻌﻤﻴﻢ اﻟﺨﻴﺎرات اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ، وقدمت ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ دول اﻟﺴﺎﺣﻞ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺪﺧﻦ اﻟﺰراﻋﻴﺔ».

واستطرد: «وﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﺪﻫﻮر اﻻﻗﺘﺼﺎد العالمى، اﺳﺘﻐﻠﺖ اﻟﻬﻨﺪ، ﻣﻦ ﺧﻼل رﺋﺎﺳﺘﻬﺎ مجموعة العشرين، اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﺘﻀﺨﻴﻢ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘى ﻳﻌﺎنى ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻔﻘﺮاء واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺎمى أﻣﺎم اﻟﺪول اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ، مع بذل اﻟﺠﻬﻮد لسد اﻟﻔﺠﻮة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻤﺎل اﻟﻌﺎﻟمى واﻟﺠﻨﻮب اﻟﻌﺎﻟمى ﺑﺸﺄن ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻣﺜﻞ ﺗﻐﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎخ، واﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة، وﺣﻘﻮق اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ، واﻧﺒﻌﺎﺛﺎت اﻟﻜﺮﺑﻮن، واﻟﺘﺠﺎرة».

وأكد السفير الهندى السابق لدى مصر أنه ﻳﺘﻌﻴﻦ على اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﺘﻌﺪدة اﻷﻃﺮاف فى اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدى واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ أن ﺗﺘﺤﺮك بما يناسب الزمن الحالى، لافتًا إلى أن اﻟﻬﻨﺪ تدفع ﻣﻦ أﺟﻞ إﻧﺸﺎء ﻧﻈﺎم دولى ﻣﺘﻌﺪد اﻷﻗﻄﺎب، أﻛﺜﺮ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎءﻟﺔ، وأﻛﺜﺮ ﺷﻤﻮﻻً، وﻋﺪﻻً، وإﻧﺼﺎﻓًﺎ، وﻗدرة على ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻫﻤﻮم ﻫﺬا اﻟﻘﺮن، لذا ﻃﺮﺣﺖ ﻗﻀﻴﺔ اﻹﺻﻼﺣﺎت فى ﻋﻤﻞ ﺑﻨﻮك اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﺪدة «MDB» ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻣﺜﻞ ﺳﺪاد اﻟﺪﻳﻮن، واﻟﻤﺘﻮﻗﻊ اﺗﺨﺎذ إﺟﺮاءات ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ حيالها.

من جهته، قال الدكتور بيسواجيت دار، الأستاذ بمركز الدراسات الاقتصادية والتخطيط بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة جواهر لال نهرو الهندية، إن مصر والهند تتمتعان بعلاقات تاريخية قوية للغاية، خاصة أن البلدين كانا معًا صوت الجنوب العالمى من خلال حركة «عدم الانحياز» ومجموعة الـ٧٧، مؤكدًا أن الجهود الهندية فيما يتعلق بقضايا الجنوب العالمى ستظل ناقصة دون مشاركة فاعل رئيسى مثل مصر.

وأضاف: «عملية تحسين آفاق الجنوب فى الاقتصاد العالمى، والتى بدأت خلال الرئاسة الهندية للقمة، من شأنها أن تعود بالنفع على مصر أيضًا، إذ يتقاسم البلدان الاهتمامات التنموية، ومن ثم فإن توحيد هذه البلدان سوف يؤدى إلى إيجاد حلول دائمة لمشكلات التنمية».

وأوضح أن حضور مصر قمة العشرين جاء فى أعقاب انضمامها بداية من يناير المقبل إلى تجمع دول «بريكس»، إثر توسيع المجموعة، التى أبدى أكثر من ٤٠ دولة اهتمامه بالانضمام إليها، وتقدمت ٢٢ دولة بطلبات انضمام بالفعل. 

وتابع: «رغم ذلك، كانت هناك دول مثل الهند حريصة على أن يتم توسع (بريكس) بطريقة تدريجية، وعلى أساس معايير موضوعة جيدًا، حتى لا تتأثر سلامة التجمع، ومصر، لكونها دولة كبيرة تقع على أعتاب إفريقيا والعالم العربى والبحر المتوسط، فإن لها أهمية استراتيجية، وتستحق أن تكون من بين الدول الست التى ستنضم إلى المنظمة اعتبارًا من بداية عام ٢٠٢٤، وأن تصبح من البلاد التى تستضيفها الهند بمجموعة العشرين». 

وأوضح أن قرار ضم الاتحاد الإفريقى لمجموعة العشرين يعد خطوة بالغة الأهمية، ويضفى الطابع الديمقراطى على عمل المجموعة، التى بدأت مدفوعة بجدول أعمال، وليس من المستغرب أنها لم تكن تعبر بشكل فعال عن مخاوف الجنوب.

وتابع «رغم معاناة عدد من البلدان الإفريقية من العجز التنموى فقد تعرقلت الجهود المبذولة لتغيير هذا الوضع بسبب الأعباء المفرطة للديون الخارجية، ومجموعة العشرين اتخذت مبادرة لمعالجة هذه المشكلة فى عام ٢٠٢٠، ولكن حتى بعد مرور ثلاث سنوات لم يحدث ذلك، وكان التقدم فى هذا الملف محدودًا للغاية». 

وأكد الخبير الهندى أن هناك احتمالًا كبيرًا بعدما أصبح الاتحاد الإفريقى عضوًا فى مجموعة العشرين لأن يلعب دورًا محفزًا فى حل أزمة الديون، كما أنه يمكنه المساعدة فى دفع المجموعة إلى توفير التمويل المناخى للبلدان الإفريقية، وذلك بشروط ميسرة.

واستطرد: «يجب على مجموعة العشرين إيجاد حل دائم لمشكلة انعدام الأمن الغذائى المزمنة، وهو أمر يزداد سوءًا بسبب تغير المناخ، ويجب أن تنجح هذه المجموعة من الدول الأكثر نفوذًا فى إقامة نظم غذائية مستدامة، خاصة فى البلدان النامية، ومن خلال الاستثمارات الكافية فى إنتاج وتخزين وتوزيع الغذاء على نطاق واسع، ولا بد من إنشاء بنوك طعام إقليمية حتى لا يذهب أحد إلى فراشه جائعًا».