رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قصة اللقاء الأول والأخير بين سيد درويش و«الصبي أم كلثوم» في رأس البر

سيد درويش
سيد درويش

 رغم حياة سيد درويش القصيرة، إلا أن خلوده الفني عبر الزمن تحقق، لأنه الفنان الذى عاش حياة الشعب وحولها إلى أنغام وأحلام، فنجح كما لم ينجح سواه حتى يومنا هذا.

غني لكل طوائف الجماهير البسيطة، وبدأ معه عصر جديد رسم خلاله ملامح الموسيقى العربية لأول مرة، بعيداً عن الألحان المستوردة، خاصة التركية التى كانت تسيطر على عالم الغناء والألحان.. فهل بقي جديد يمكن أن يضاف عن سيرة «فنان الشعب» فى ذكراه المئوية؟

تعالوا نقلب فى أوراقنا القديمة ونتذكر معها أكثر من حكاية مجهولة، نستعيد معها ذكري الفنان خالد الذكر: سيد درويش، بداية من لقائه الأول والأخير مع كوكب الشرق أم كلثوم.

فنان الشعب وكوكب الشرق

ما الذى يمكن أن تتخيله حضرتك وحضرتها لو اجتمع صوت أم كلثوم مع ألحان سيد درويش وأشعار أحمد شوقي؟.... لكن ما لا يدرك كله لا يُترك كله، فقد التقت أم كلثوم فعلا بسيد درويش وهى لاتزال صبية صغيرة ترتدى العقال، حتى أن من يراها كان يظنها «صبي».

فوجئ سيد درويش بها تغنى من ألحانه «والله تستاهل يا قلبي»، ولم يكن هذا اللقاء مدبراً، بل كان صدفة جمعتهما فى مصيف رأس البر سنة 1923، هى جاءت لتحيى ليلة لأحد أعيان الدقهلية لنزلاء الفندق في رأس البر، وهو جاء ليريح أعصابه بعد أزمة حلت بفرقته الخاصة، ونزل بالصدفة فى نفس الفندق.

وحسب معلوماتي فإن أحداً من مؤرخي أم كلثوم لم يأت بذكر لهذا اللقاء، بل إن أم كلثوم نفسها لا تذكره، ربما لأنه كان لقاءً عابراً لم يجر خلاله أى حديث، وربما لم تكن أم كلثوم تعرف صورة سيد درويش – لغياب وسائل الاتصال-

فبمجرد أن قبلها وربت على رأسها إعجابا بصوتها وأدائها، انطلقت كأي صبية صغيرة دون أن تدع له فرصة ليكلمها أو يعرفها بنفسه، وإن كانت أم كلثوم قد تمنت أن تغنى لسيد درويش، واختارت لحن «سالمة يا سلامة»، وطلبت بالفعل من الشاعر الغنائي عبدالوهاب محمد أن يكتب لها كلمات جديدة تتماشى مع هذا اللحن الذى وقع عليه اختيارها، ولكن المشروع لم يكتمل.

ولم ينقطع إعجابها بألحان سيد درويش، واعتزازها الكبير بعبقريته، إلى درجة أنها كانت تطلب فى جلساتها الخاصة من رياض السنباطي أن يغنى لها بعض أغاني سيد درويش.

وربما لو كان العمر قد امتد بسيد درويش لأشجانا بألحانه على صوت أم كلثوم، خاصة أنه قد أعجب بها، حين سمعها لأول مرة فى لقائهما الوحيد، ولعلها المرة الأولى التى سنعرف فيها رأى «فنان الشعب» سيد درويش فى «كوكب الشرق» أم كلثوم، والذى لم نكن سنعرف عنه شيئا لولا محمد على حماد، وهو صديق آخر من المقربين إليه، وكان الشاهد الوحيد على هذا الحدث النادر بين عملاقي الفن، والذى يكشف فيه لأول مرة أن أم كلثوم كانت مخطوبة، وأن خطيبها هذا كان موجودا معها فى صحبة والدها وأخيها.

يحكى محمد على حماد عن ظروف هذا اللقاء الفريد قائلاً:

فى صيف سنة 1923 كنت أجتاز محنة نفسية شديدة، إثر وفاة أمى بشكل مفاجيء، ولم تكن قد تجاوزت الخامسة والثلاثين إلا قليلاً، وكانت لى أماً وأباً وأخاً، بل كانت دنيانا كلها عطفاً وحناناً، وكان سيد درويش يمر هو الآخر بأزمة نفسية عاتية إثر حل فرقته الخاصة التى قدم فيها رائعتيه «شهر زاد» و«الباروكة»، وأعاد درته الخالدة «العشرة الطيبة»، ثم عاد أخيرا للفرق الغنائية وبدأ يضع ألحان أوبريت «الانتخابات» لفرقة على الكسار.

واجتمع الحزينان.. وقررنا أن نمضى بضعة أيام فى مصيف «رأس البر»، وكان فى ذلك الوقت أشبه ما يكون بقرى الريف المصرى الجميل بهدوئه وقلة رواده، وما يمتاز به من جو ساحر لطيف يناسب الأعصاب المرهقة المشدودة.

تخيرنا فندقا متواضعا، كان يمتاز بالنظافة والأكل الجيد مع الأجر القليل المناسب للنزيلين الكريمين المفلسين! وذات مساء ونحن نتناول طعام العشاء، لاحظنا جمعاً من أصحاب العمائم، لم يكن عددهم يزيد على 3 أو 4 يتناولون عشاءهم على مائدة قريبة، ولكن لفت الأنظار «صغير» كان يجلس معهم يلبس العقال فوق بالطو لا يكاد يبين له لون من القدم.

لكن لفت الأنظار نشاط «الصغير» وحركته الدائبة وتطلعاته هنا وهناك، بعينين يبدو من خلالهما حب الاستطلاع والرغبة الملحة فى المعرفة وتتبع ما يجرى فى ردهة الفندق بإلحاح غريب، وكان التنافر يبدو شديداً واضحاً بين وقار هذه العمائم، وحركة «الصغير» النشطة الدائبة - ولم يكن هذا «الصغير» سوى أم كلثوم–

سأل سيد درويش صاحب الفندق - وكان قد اعتاد أن يتناول عشاءه معنا تحية منه لنزيله الكريم سيد درويش -: «من هؤلاء.. وما قصة هذا (الصغير) الذى معهم؟»، فقال الرجل: إن «هذه» أم كلثوم، وهؤلاء أبوها وأخوها وخطيبها، فسأل «سيد»: «ومن تكون أم كلثوم هذه؟» - ولم يخف دهشته من أن يكون «هذا» الطفل هو «هذه» الفتاة!

قال الرجل: إنها مغنية ريفية من قرية قريبة من بلدة «السنبلاوين»، وأن أحد نزلاء الفندق من أعيان الدقهلية يعطف عليها، وقد استقدمها هى وبطانتها حيث نزلوا جميعا فى ضيافته بالفندق، وستغنى الليلة فى صالة الفندق لنزلائه، ولمن يشاء من نزلاء رأس البر، والدخول بخمسة قروش، وحصيلة الدخل لها ولمن معها، أما نفقات الإقامة فقد تكفل بها وجيه الدقهلية حسبة لوجه الفن، ورغبة منه فى مساعدتها وأهلها الفقراء.. وضحك «سيد» وهو يقول: «الموسيقى ورانا ورانا حتى فى هذا المهجر.. نسهر ونسمع وأمرنا لله».

وسهرنا وسمعنا.. سمعنا عجبا.. بدأت السهرة - وكانوا قد أعدوا لـ«السييطة» دكة  عالية بعض الشئ كالتى يجلس عليها الفقهاء فى المآتم لتلاوة آي الذكر الحكيم،  وبدأت «الوصلة الأولى» بأن أنشد «هذا الطفل»، أنشودتها المأثورة:

«مولاى كتبت رحمة الناس عليك فضلا وكرما، فالمرجع والمآل إليك عربا وعجما»، ثم فجأة إذا بها تغنى: «والله تستاهل يا قلبي»، وهى - كما هو معروف - من أشهر أغاني سيد درويش (فى ذلك الزمان) ومن أحلاها وأعذبها، وكانت أكثر من مفاجأة لـ«سيد درويش» ولي.

تجمع سيد درويش كله فى أذنيه، وتحفزت حواسه جميعا للريفية الصغيرة، وأنصت ملء كيانه كله، وبدا عليه ما كنا نلمسه منه عندما تنتابه نوبات الوجد والتصوف.

 لزمت الصمت، والسمع وفى منتصف الأغنية تقريباً صمتت الصغيرة وتعالى التصفيق من كل مكان، والحاضرون يستعيدونها فأعادت، وعند نفس المقطع عادت للتوقف، وعدنا للتصفيق وطلب الإعادة، فأعادت.. وعند نفس المقطع توقفت وصمتنا مرغمين لنعطيها فرصة لتتم باقى الأغنية ولكن طال صمتها ثم بدأت أغنية أخرى، وكان واضحا تماما أنها لا تحفظ من أغنية سيد درويش إلا ما غنت، وهو لا يتجاوز النصف الأول من هذا اللحن.

ونظرت إلى سيد درويش، ولم يفتنى أن ألاحظ أنه فى قمة الوجد والصوفية، ساهماً صامتاً، عيناه مشدودتان ناحية الصغيرة، يحملق فيها بنظرة عجيبة كأنه يرى شيئاً عجباً، لا عهد له به من قبل، هذا الشئ الذى يشدك لأول مرة ويملأ كيانك كله، ووجدانك كله، فأنت قد امتلأت به حتى الثمالة.. إن صح التعبير.

وانتهت السهرة، وبدأت الصغيرة تنزل من فوق «الدكة» قفزا إلى الأرض، بينما تتحرك «البطانة» فى وقار واحتشام.. وفجأة وجدت سيد درويش يتجه إليها، إلى الصغيرة إلى أم كلثوم، ويرفعها بين يديه ويقبلها، ثم يربت على رأسها فى حنان واضح، والصغيرة مستسلمة فى رضا لهذا العملاق، الذى يبدو وكأنه سيأكلها ويلتهمها، ثم فجأة تقفز من بين يديه وتمضى جارية إلى غرفتها، ونظرات الموسيقار الكبير تلاحقها حتى اختفت

جذبني سيد درويش برفق وأخذ يتمشى فى هدوء على شاطئ البحر، ولا يزال صامتا، وأمضى بجواره صامتا أنا أيضا، فقد اعتدنا – نحن خاصة أصدقاءه – على مثل هذه الحالات، وتعلمنا أن نلتزم الصمت حتى يبدأ هو الكلام وأخيرا تكلم سيد درويش وقال وكأنه يتحدث إلى نفسه: «هذه الفتاة سيكون لها شأن كبير فى يوم من الأيام.. إن صوتها جميل طروب، وأداءها طيب بل ممتاز، ولكن ليس هذا هو الذى أثار إعجابى وتقديرى لها، إنها تعيش النغم بكل وجدانها وبكل كيانها، إنها لا تغنى اللحن، هى تعيشه وتحياه.. فى أدائها شئ لست أدرى ما هو ولا كيف أعبر عنه لقد عشت فى صوتها اللحظات النفسية التى عشتها وأنا أضع اللحن، كان هذا اللحن آخر لحن أضع موسيقاه فى رواية (راحت عليك)، ولحظة بدأت أمسك كلمات اللحن وأهم بوضع موسيقاه، جاءنى نبأ وفاة أختى فى الإسكندرية، وكانت أعز أخواتى وأحبهن إلى قلبى، فعشت فى الألم الموجع المرير، وبدا فى موسيقى هذا اللحن صدى هذا الحزن العميق الذى كنت أعيشه، فخرجت الموسيقى كأنها دموع وآهات.. ومن يسمع تسجيلى لهذا اللحن فى الاسطوانة التى سجلته فيها لن يخفى عليه أننى كنت أبكى وأنا أسجله، فقد عشت أثناء التسجيل نفس اللحظة المريرة التى عشتها عند التلحين.. والليلة عشت هذه اللحظة مرة أخرى وأنا أسمع أم كلثوم.. هذه الفتاة سيكون لها فى يوم من الأيام شأن كبير».

وعدنا إلى القاهرة، ثم سافر الموسيقار الكبير إلى الإسكندرية ليستعد لاستقبال الزعيم الخالد سعد زغلول عند عودته من منفاه، ولكنه توفى فى منتصف شهر سبتمبر من نفس العام 1923، ولم تمهله الأيام حتى يرى نبوءته وقد تحققت، وقد أصبحت الريفية الصغيرة معجزة جيل وقمة عصر كامل يمتد حوالى نصف قرن من الزمن..

ولعل الاثنين قد تلاقيا فى عليين، ولعل سيد درويش يذكر لها حدث «رأس البر»، فقد كانت أمنيته يومها أن يضع لها لحناً... فسلام على سيد درويش وعلى أم كلثوم فى الخالدين.

الخديوي عباس تجاهل طلبه لدراسة الموسيقى بالخارج

نقولا الملا صاحب محل صائغ قرب ميدان المنشية في الإسكندرية، كان من أقرب أصدقاء سيد درويش، وأكثرهم ملازمة له فى مختلف مراحل حياته، يحكي عنه هذه الحكاية فيقول:

فى سنة 1911 تقريباً أرسلت الحكومة المصرية جورج أبيض فى بعثة لدراسة التمثيل فى باريس، وكان سيد درويش لا يزال فى مقتبل حياته الفنية، يغني فى بعض مقاهي الإسكندرية، لكنه كان مع ذلك على قدر كبير من الطموح.

قال لي  حينما سمع بهذا الخبر: تمثيل إيه وبتاع إيه؟! أنا اللي عايز أسافر أوروبا عشان أدرس الموسيقي على أصولها، وشرفك لازم أخلى الخديو يبعتني فى بعثة غصباً عنه!

سألته: بس هتعمل إيه؟

فأجابني: بعدين هتعرف.

وقد عرفت فيما بعد أنه أرسل إلى الخديو عباس حلمي يطالبه بإرساله فى بعثة، وأرفق طلبه بأغنية ألفها ولحنها خصيصا لهذه المناسبة، بحيث تكون الحروف الأولي من سطورها اسم عباس حلمي خديو مصر، وأذكر منها:

عواطفك أشهر من نار.. بس اشمعني جافتني يا قلبك

أنت اللطف وليه أحتار.. سيد الكل أنا طوع أمرك

لكن الخديو لم يستجب لرجائه، واكتفى بأن أرسل له 10 جنيها مكافأة له على تأليف الأغنية، وأراد سيد أن يعيدها إلى السراي، لولا أنني منعته خوفاً عليه.

لحن «بلادي» فى ساعتين بحضور شقيق مصطفى كامل

لنشيد «بلادي بلادي» المشهور، وهو من تلحين سيد درويش، قصة لا يعرفها الكثيرون، فحينما بدأ نجم سيد درويش فى الصعود، أجرتُ له مسرح «الكونكورد»، ومكانه الآن سينما تحمل نفس الاسم، لمدة 3 ليال.

فى الليلة الأخيرة علمت أن الأستاذ حسني كامل، شقيق الزعيم الوطني الراحل مصطفى كامل، موجود في الإسكندرية، فدعوته لحضور الحفل والاستماع إلى سيد درويش.

قبل موعد رفع الستار بنحو ساعتين، أخبرت سيد درويش بذلك، وكان مصطفى كامل قد توفى منذ فترة قصيرة، وذكرى كفاحه ونضاله كانت لا تزال حية فى الأذهان، وسر لهذا الخبر سرورا كبيراً.

وبعد أن رفع الستار فوجئت به ينشد نشيد «بلادي بلادي» لأول مرة، وسط حماسة الجماهير... كيف ومتى لحنه؟ وكيف استطاع التخت أن يحفظه بهذه السرعة؟!

ظلت الجماهير تستعيد النشيد وتردده معه أكثر من 15 مرة، فقد كانت الجماهير تحب سيد درويش وتسعد بتجاوبه معها، وتعبيره عن كل ما يجول فى صدرها، وكان هو يبادلها هذا الحب بصورة لم أشهدها عند فنان آخر.

وأذكر – والحديث لازال لصديقه نقولا الملا – حينما أسس فرقته المسرحية، فتح أبواب المسرح مجانا فى ليلة الافتتاح، وكان فى كل ليلة يؤلف لحنا لكل طائفة من طوائف الشعب، حتى أنه قال لي ذات يوم: الجماعة «المكوجية» قالولي معملتلهمش لحن، لازم أعمل لهم لحن.

«البنت حلوة بتختشي... والأم لابسه شفتشي!»

كان سيد درويش كله عبارة عن عين وأذن، وكانت عيناه وأذناه تعي بسرعة عجيبة أشياء لا يراها أحد من الحاضرين..

أذكر أني ذهبت معه لإحياء زفاف، فلاحظ أن العروس جميلة وحيية، وترتدي ملابس محتشمة، بينما أمها كانت مُسرفة فى زينتها، ولم نفطن نحن إليه إلا وقدم مقطوعة جديدة ألفها ولحنها بمطلع ساخر يقول فيه:

«أها أها يا أها.. الأم بتغير من بنتها.. البنت حلوة بتختشي والأم لابسه شفتشي.. أها أها يا أها!!».

نوى تلحين القرآن.. وصديقه القبطي: «كدت أسلم من عذوبة قراءته»

يكشف نقولا الملا عن سر مجهول فى حياة سيد درويش، وهو أنه كان ينوي تلحين القرآن.... يحكي عن ذلك فيقول:
كثيراً ما كان يتحدث إليّ سيد درويش عن رغبته فى تلحين القرآن، فلم يكن يرضي عن المقرئين الذين كانوا يقرأون قراءات ثابتة يختارون فيها آيات العذاب والعقاب والوعيد، وغير ذلك من المعاني التى تناولها القرآن متوعداً فيها الكفار، لا يمل المقرئون من تلاوتها ولا يحيدون عنها فى قراءاتهم، وهو ما أزعجه.
وأذكر أننا سهرنا معه سهرة مع القرآن لا تنسي، وكدت مع قراءته أن أسلم، فقد جلس على الدكة ليلتها لا ليغني كما كان يفعل فى لياليه، ولكن ليرتل القرآن ترتيلا عجيبا لم أسمعه من غيره من قبل، وظل يرتل ما يقرب من 10 ساعات.
ولا أستطيع أن أصف مدى الإعجاب الذى استولى علينا جميعا نحن أصدقاؤه ومحبوه فى تلك الليلة، حتى قال له بعض أصدقائه أن يكف عن الغناء والتلحين، ويتفرغ لترتيل القرآن، بهذا التعبير والإحساس الذى لم نشعر به من قبل فى ترتيل مقرئي ذلك العصر.