رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر في قمة العشرين.. خبراء وسياسيون: مشاركة السيسي تحجز لنا مكانًا في «مجلس إدارة العالم»

عبدالفتاح السيسى
عبدالفتاح السيسى فى قمة مجموعة دول العشرين

ثمّن خبراء وسياسيون مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قمة مجموعة دول العشرين فى الهند، بدعوة من رئيس الوزراء الهندى، ناريندرا مودى، الذى تترأس بلاده القمة هذا العام.

وقال الخبراء والسياسيون، فى حديثهم مع «الدستور»، إن الدعوة التى تلقتها مصر تأتى انعكاسًا لدورها المحورى وثقلها فى المنطقة، خاصة أنها تأتى بعد انضمامها إلى تكتل «بريكس»، الذى يضم الصين وروسيا والهند، إلى جانب عدة دول أخرى لها ثقلها الاقتصادى والسياسى.

وقال أحمد السيد، الباحث فى المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن القمة الثامنة عشرة لمجموعة دول العشرين تُعقد وسط تحديات سياسية واقتصادية كبيرة، حتى بالنسبة للاقتصادات العالمية الكبرى، مثل تزايد معدلات التضخم، والمخاطر المحتملة للركود، فى ظل استمرار التوترات السياسية بسبب الحرب فى أوكرانيا، والعلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا.

وأضاف «السيد»: «مهمة الهند كرئيسة لقمة دول العشرين هذا العام ستكون صعبة، لأنه يتعين عليها توحيد المواقف والتوصل إلى حلول مشتركة للتحديات العالمية الكبرى».

وواصل: «يبقى التوقع بأن تنجح الهند فى قيادة نقاشات مثمرة أمرًا بالغ الأهمية، إذ قد تسهم فى تخفيف حدة بعض التحديات الاقتصادية والسياسية العالمية، رغم الصعوبات المحيطة بهذه القمة، ولعل أبرزها غياب الزعيمين الروسى فلاديمير بوتين والصينى شى جين بينج عن حضور القمة».

ونبّه إلى أن أهمية «مجموعة العشرين» تكمن فى دورها فى تعزيز الاستقرار الاقتصادى والمالى العالمى، ومكافحة التحديات الكبرى مثل التغير المناخى والفقر والتنمية المستدامة، كما يتضمن جدول أعمالها ملفات مثل النمو الاقتصادى والتشغيل والتجارة والاستثمار والتعليم والصحة والأمن الغذائى والتنمية المستدامة، وتؤثر بشكل كبير على السياسات الاقتصادية العالمية، كما تعتبر منصة مهمة للتعاون الدولى فى مجالات متعددة، وتمثل فرصة لإيصال صوت دول «الجنوب العالمى».

وعن مشاركة مصر فى القمة، قال الباحث السياسى: «من المتوقع أن يحضر محادثات القمة هذا العام زعماء جنوب إفريقيا، التى هى عضو بالفعل، ومصر، ونيجيريا، وجزر القمر التى تترأس الاتحاد الإفريقى، وهناك تخمينات تدور حول وجود توجه أوروبى لدعم منح الاتحاد الإفريقى عضوية دائمة فى المجموعة».

وأضاف: «حضور مصر قمة مجموعة العشرين، بعد أقل من أسبوعين على حصولها على عضوية دائمة فى مجموعة (بريكس)، يؤكد أهميتها الكبيرة فى المنطقة العربية والقارة الإفريقية».

وواصل: «يمكن لمصر الاستفادة من هذه القمة فى عدد من الأمور، منها إيصال صوت دول الجنوب العالمى وطرح مشكلاته أمام قادة العالم، خاصة أن مجموعة العشرين تمثل أكثر من ٨٠٪ من الاقتصاد العالمى، ما يجعلها منتدى مهمًا للتنسيق بين الاقتصادات الكبرى، ويمكن لمصر التوصل لاتفاقيات مع تلك الدول تعزز خططها الاقتصادية، وتسهم فى زيادة الاستثمارات الأجنبية».

وأكمل: «يمكن أن تستغل مصر القمة لدراسة ملف الديون، والضغط مع دول الجنوب لتعزيز أهداف التنمية المستدامة، وضمان توجيه التمويل العالمى لمشروعات تنموية فى البلدان النامية».

ورأى أن غياب الرئيسين الروسى والصينى عن القمة سيعطى مساحة أكبر للدول النامية للمناقشات الثنائية مع الدول الغربية، ويمكن لمصر استغلال ذلك الأمر فى تعزيز علاقاتها مع بقية دول العالم، والتوصل لمجموعة من الاتفاقيات فى جميع المجالات.

واختتم: «من شأن حصول الاتحاد الإفريقى على العضوية الدائمة أن يمنح دول القارة القدرة على التأثير الفعال فى القرارات المهمة، بما فى ذلك مكافحة ظاهرة الاحتباس الحرارى، التى تنتج بشكل رئيسى عن الانبعاثات الكربونية من دول مجموعة العشرين».

ووصف الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلاقات الدولية، مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قمة مجموعة دول العشرين بالهند بأنها فى غاية الأهمية لعدة اعتبارات، أولها يتعلق بالدور الذى تلعبه القاهرة فى هذا التوقيت.

وشرح «فهمى»: «مصر تتحرك فى مساحة رحبة وكبيرة وواسعة فى المشاركات الدولية، سواء فى (بريكس) أو اجتماعات (شنغهاى) أو (آسيان)، بالإضافة إلى التجمعات الاقتصادية، إلى جانب قرب مشاركتها من خلال الرئيس السيسى فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة».

وأضاف أستاذ العلاقات الدولية لـ«الدستور»: «الهند التى تستضيف قمة مجموعة دول العشرين لها علاقات جيدة مع العديد من دول العالم، وعلى رأسها مصر، لذا وجّه رئيس وزرائها دعوة إلى مصر للمشاركة فى القمة».

وواصل: «الهند كانت حريصة على دعم انضمام مصر إلى (بريكس)، كما أنها حريصة على مشاركتها فى قمة العشرين، لتعطى زخمًا كبيرًا للحدث، باعتبارها أكبر دولة عربية مشاركة».

وشدد على أن هذه المشاركة تسهم فى التسويق للاقتصاد المصرى، وتؤكد أن مصر موجودة فى قلب خريطة التفاعلات الدولية والإقليمية، وتطرح رؤى ومقاربات للتعاملات الاقتصادية حول العالم فى هذا التوقيت، وتحدث نوعًا من التوازن فى علاقتها.

وأوضح أن «مصر تقيم علاقات جيدة مع القوى الكبرى الرئيسية فى مجموعتى «السبع» و«العشرين»، بجانب دخولها (بريكس)، وفى تقديرى هذا الأمر مهم ويؤكد أن الدبلوماسية الرئاسية تتحرك فى مساحات كبيرة، فى إطار من التوازنات المختلفة، الهدف الرئيسى منها حجز مصر موقعًا متقدمًا فيما يجرى من ترتيبات سياسية واقتصادية تعبّر عنها مجموعة العشرين، بالإضافة إلى دورها السياسى الدولى».

وواصل حديثه حول استفادة مصر من تلك المشاركة، قائلًا: «مصر ستستفيد من حضورها وسط القادة والدول الكبرى فى العالم، أو (مجلس إدارة العالم) إن صح التعبير، وتستفيد بالترويج لوضعها الاقتصادى، مع تأكيد نموذجها السياسى فى الإقليم، باعتبارها نموذجًا أمنيًا وسياسيًا مستقرًا، وبالتالى ستكون لديها الإمكانية لحجز مكان فى هذا الحيز».

وتابع: «هناك مكاسب سياسية واقتصادية كبيرة، إلى جانب التسويق للاقتصاد الوطنى، وتأكيد جدارة التحول السياسى فى مصر الجديدة، كما أن مشاركة مصر فى قمة العشرين تتجاوز الدلالات الرمزية إلى حجز دور فى الشراكات الاقتصادية والتكتلات الدولية التى تتشكل الآن».