رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جنازة خالية من الفنانين

في الذكرى 125 لميلاد صالح عبد الحي.. تعرف على سيرة "فارس الطرب"

صالح عبد الحي
صالح عبد الحي

في الذكرى125 لميلاد الفنان الراحل صالح عبد الحي، والذي ولد في مثل هذا اليوم الموافق 16 أغسطس 1898. والذي يعد أحد ابرز اساطين الغناء الأصيل في مصر، وفارس الطرب الأصيل.

وصف عباس محمود العقاد صوت صالح عبد الحي" كالماء العذب، النقي يأخذ من كل إناء لونه ومن كل وعاء شكله".

وأشار الكاتب والناقد الراحل  محمد سعيد إلى ان  « اختصر العقاد بهذه العبارة معالم الصوت الأخاذ لصالح عبدالحي ومدى قدرته الأدائية عندما أشار إلى قدرة الغناء والتمكن من تلوين خامته الصوتية الطبيعية، وإحساسه الثري الذي يبرهن به على الاهتمام بالتعبير من خلال ما يتوافر له من سلامة التصوير، وما له من قدرة على التخيل المدعوم بالفهم والإدراك الذي يجعله يجيد استخدام سبل التعبير والقدرة على تلوين الغناء وفقا للمعاني والمواقف التي يتناولها النص "الغنائي".

يقول صالح عبد الحي: "لا أصدق أنني عشت كل هذه الحياة، يخيل لي أحيانًا أنني أسطورة" هكذا تحدث عن مشواره مع الفن والحياة، وعلى حسب ما ورد في مذكراته والتي نشرت عبر مجلة صباح الخير فقد ولد في 16في أغسطس 1896، في حارة الحلواني بـ حي الحنفي، كان والده قد انفصل عن والدته، تولى رعايته هو خاله، عبدالحي حلمي.

وكان خاله عبد الحي حلمي مطرب معروف وفي تلك تدرب الطفل صالح عبد الحي فيها على حفظ الألحان تفتحت مواهبه عبر ترديده لأغاني خاله بعد ذلك تعلم موازي الإيقاعات «الضروبات» وهي من أهم أسس الفن الموسيقي وذلك من الحاج راشد، والحاج خليل، وعزوز الصهيجي، وكان هؤلاء الهواة يحيون الحفلات.

ويورد الكاتب الصحفي محب جميل عبر كتابه صالح عبد الحي فارس الطرب شهادة جاءت على لسان مطربنا يقول فيها "في بيت خالي الكبير ذقت جميع ألوان العذاب. عندما أعود بذاكرتي إلى هذه الفترة، أتصور نفسي في إحدى غرف التعذيب المليئة بالآلات الرهيبة. في قلعة من قلاع القرون الوسطى. وكان خالي هو أمير القلعة الذي يأمر بتعذيبي. لقد كان ينتقم من أمي في شخصي. لقد حاولت أمي أن تعتمد على أشقائها في معيشتها ولكن سخريتهم منها وقسوتهم عليها جعلتها تتزوج من أحد مدرسي اللغة العربية بالحبانية وتقطع صلتها بهم. فأحنقهم هذا وجعلهم ينفسون من حنقهم في شخصي الضعيف".

انتهت فترات التعذيب بلجوء صالح إلى والدته، وهناك انقطع صالح عن التعليم تمامًا وكان عليه أن يعمل، وقرران يدخل إلى عالم الطرب كونه وريث شرعي لخاله عبد الحي حلمي في جمال الصوت.

ويشير الكاتب الأردني غازي أنعيم إلى ان  " صالح عبد الحي  تتلمذ على يد محمد عمر، عازف القانون الكبير في تخت يوسف المينلاوي وتخت خاله. وبعد دراسته لفنون الغناء التقليدي في تخت يوسف المنيلاوي، بدأ عمله كمغن مبدع لفن الموال وبرع فيه، حتى سيطر على هذا اللون بالوسط الفني واجتذب صوته الرنان جماهير الذواقة والمعجبين، كما زاول جميع أنواع القوالب الموسيقية الغنائية، وتفوق على زملائه عندما انتزع الصدارة منهم وطغت شهرته - كما يخبرنا المؤرخ عبد الحميد زكي - على شهرة كبار منافسيه أمثال: زكي مراد والد ليلى مراد ومنير مراد والشيخ السيد الصفتي وعبد اللطيف البنا.

وكذلك محمد العجوز بعد ذلك انتقل إلى بقية أنواع الفنون وراح ينشد الأغاني الشعبية والقصائد التي وسعت من دائرة جمهوره، خاصة أن الجمهور، من غلاة السميعة.

 وجاء في مذكراته المنشورة بمجلة صباح الخير 1959، أ "لم يكتفِ صالح بالغناء في الأفراح وداخل منازل الوجهاء فقط، بل شارك في المسرح الغنائي عن طريق الانضمام إلى فرقة سلطانة الطرب، منيرة المهدية. فقدم معها رواية "توسكا" من ألحان كامل الخلعي وإخراج عبد العزيز خليل. كما كوَّن فرقة مسرحية خاصة به بعد أن استأجر مسرح "برينتانيا"، وأسند أدوار البطولة إلى الممثلة الناشئة بثينة محمد، وقدمت الفرقة حينها مسرحتي "عيد البشاير" تأليف بديع خيري وتلحين زكريا أحمد، و"برج الغرام" تأليف أحمد زكي السيد وتلحين كامل الخلعي، ليتم عرضهما عام 1930. شارك أيضاً بالغناء فقط في فيلم "عاصفة على الريف" عام 1941 وظهر في فيلم "البؤساء" عام 1944 وهو يغنَّي موال "صبوات" من تأليف بديع خيري وتلحين زكريا أحمد.

وتشير سيرته إلى ان أصبح بعد شهرته في الغناء أغلى مطرب في العشرينات والثلاثينات حيث كان يتقاضى 300 جنيه في اليلة الغنائية، وحين غنى في حضرة الزعيم سعد زغلول تقاضى منه مبلغ 100 جنيه ذهبا.

أشار محب جميل إلى ان وجه عبد الحيّ نهاية حياته ظروفاً قاسيةً وعاش أياماً صعبة وانقطع عن الحياة الفنية، إذ لم يعد يتردد على منزله أحد من الوسط الفني إلا نادراً، كما أنه عانى من شدة المرض حتى فارق الحياة في 3/5/1962 في شقته بمنقطة حدائق القبة. كانت جنازته بسيطة ومحدودة العدد وخلت من الفنانين.