رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الدواء موجود".. القصة الكاملة حول أزمة أدوية الغدة الدرقية وحلها

أرشيفية
أرشيفية

اعتادت "م.ن" على تناول حبات من أقراص دواء الغدة يوميًا بانتظام، بعد سنوات من حيرة الأطباء في تشخيص المرض الذي تعانيه حتى شخصت أخيرًا بأنها مريضة "غدة درقية" تعاني من كسلها الزائد الذي يتسبب لها في زيادة كبيرة ومستمرة في وزنها.

 

شعور بتكسير بالجسم تعب مستمر ورغبة دائمة في النوم، وعودة إلى زيادة الوزن، تلك هي الأعراض التي ظهرت مجددًا على "م.ن" عقب أزمة نقص أدوية الغدة " مش حاسة بنفسي خالص وبنتي كانت في الثانوية العامة، وقعت منها في الشارع وأنا بوصلها وكنت حاسة ببرودة في عز الحر".

 

يعيش مرضى قصور الغدة الدرقية أزمة كبيرة حاليًا نتيجة ما يشهده علاج مرضهم من نقص شديد بالأسواق، وما يترتب على ذلك من أعراض مرضية مؤلمة تؤرقهم وتجعلهم لا يطيقون تحمل عدم تناول العلاج خاصة مع استمرار نقصه عدة أيام.

 

على عكس "م.ن" تعاني "أ.ك" من نشاط زائد بالغدة، جعلها تتعرض لنقصان شديد في الوزن وخمول قبل التعرف على ماهية مرضها، وبعد التشخيص السليم لها، واكتشاف إصابتها بالغدة، ومن ثم انتظامها في تناول الدواء تحسنت حالتها فاستطاعت أن تعود مرة أخرى لعملها بعد أن توقفت عنه لفترة نتيجة التعب الذي سببه لها المرض قبل اكتشافه.

 

"م.ن" هي الآن مهددة بالتوقف مرة أخرى عن العمل نتيجة ما تشعر به بسبب نقص دواء الغدة، الذي جعل الأعراض تعاود الظهور عليها مرة أخرى وتعيقها عن الحياة بصورة طبيعية" مش لاقية الدواء ومش قادرة استحمل، وموصية كل معارفي يدوروا لي عليه بس لغاية دلوقتي مش لاقية".

طلب إحاطة

في السياق قدم هشام حسين أمين سر لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب، طلب إحاطة إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، للتوجيه لوزير الصحة، وفي مضمونه، أكد على ضرورة تواجد دواء التروكسين للمرضى، موضحًا أنه غير متواجد في الصيدليات مما تسبب في شكاوى المواطنين، مطالبا بضرورة إعلان الحكومة خططها لمواجهة المشكلة إما بالاستيراد أو توفير المحلي المناسب للمريض.

 

لم تتوقف أزمة دواء الغدة على العلاج الرئيسي دواء التروكسين 100 و50 ملجم، المصري منه والمستورد، ولكن شمل الأمر كذلك البدائل التي باتت هي الأخرى تشهد النقص والندرة ذاتهما في الصيدليات، مما ينتج عن ذلك قضاء المريض ساعات طويلة من البحث حول الصيدليات على علبة الدواء أو حتى البديل ولكن دون جدوى.

 

من  أبرز بدائل "التروكسين" المحلية بالمادة الفعالة هما-4Thyro50.100MCG(MUP)

hyroXin50.100MCG(up pharma)”

 

أزمة نقص أدوية الغدة الدرقية وبدائلهما فتح بابًا أمام مستغلي تلك الأزمة من تجار السوق السوداء الذين يتجارون بصحة المرضى ولا يجدون في ذلك معابًا.

تجار السوق السوداء يبيعون العلبة بـ600 جنيه

السوشيال ميديا كان بابًا لهؤلاء من مستغلي المرض والمتلاعبون بضعف قدرة المريض على توفير علاجه ومنهم  أصحاب بعض الصيدليات وأشخاصًا مجهولين لحصولهم على الأموال المضاعفة.

 

اخترقت "الدستور" بعض تلك الصفحات التي تعلن عن بيع هذه الأدوية و تتستر تحت عبارة اللي عايز دواء الغدة يكتب "تم" على الخاص، بينما كان غيرها من يعلن على الملأ توافر الدواء التروكسين بمبلغ 600 جنيه على الرغم من أن الدواء سعره في الأصل لم يتعد الـ60 جنيه.

 

كذلك انطلقت صرخات متتالية عبر السوشيال ميديا ومن خلال منشورات على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" أطلقها العديد من المرضى وذوي الحالات المرضية يشكون فيها أزمة أدوية الغدة الدرقية، والتي لم يفوتها فرصة أصحاب بيزنس الأزمات من خلال التعليق على تلك البوستات" بالإعلان عن توافر بعض العبوات وطلب التواصل لبيعها لهما، بينما تعالت أصوات أخرى لحالات أخرى تنضم إلى الشكوى من ذات الأزمة.

 

 في إحصائية حديثة أصدرتها جمعية الاسكندرية لتبين فيها أن نسبة الإصابة بأمراض الغدة الدرقية في تزايد مستمر في مصر وتصل نسبتها إلى 10٪ تقريبا من السكان

 

على أرض الواقع قامت "الدستور" كذلك بجولة حول عدد من الصيدليات للبحث عن أدوية الغدة وبدائلها، تبين من خلالها وبإحدى صيدليات منطقة “الدقي” عدم وجود دواء “التروكسين” على الإطلاق بنوعيه الاثنين "المصري والمستورد"، كما تبين عدم وجود أيًا من البدائل له.

 

الأمر نفسه تكرر في صيدلية بمنطقة حدائق المعادي بالقاهرة، إذ لم يتوافر فيها دواء "التروكسين" نهائيًا، وقال الصيدلي فيها "لم يأت له منذ فترة كبيرة وكان يصرف للمرضى بدائله حتى توقفت هي الأخرى منذ فترة ليست بالكبيرة، وتابع "جاتلي علبة من أسبوع وخلصت".

 

وكانت المفاجأة حين تم التواصل مع واحدة من سلاسل الصيدليات الكبرى التي أكدت عدم وجود كلًا من التروكسين وبدائله على الإطلاق، واقترحت الطبيبة الصيدلانية البحث في صيدلية الإسعاف على الدواء.

 

علبة واحدة من بديل دواء "التروكسين" تم العثور عليها أخيرًا في إحدى الصيدليات  بمبلغ 60 جنيه، وهو الأمر الذي يعكس حجم أزمة الأدوية التي يشهدها مريض الغدة.

رئيس شعبة الأدوية: الدواء متوفر بصيدلية الإسعاف وعدد من الصيدليات والطلب الزائد هو السبب

تعليقُا على تلك الأزمة أوضح الدكتور علي عوف رئيس شعبة الأدوية أن دواء التروكسين نفذ من السوق المصري في شهر 5 الماضي، موضحًا أن سبب انتهاؤه هو زيادة استخدامه في مصر عن الحصة السنوية المتفق عليها سنويًا مع الشركة المنتجة مشيرًا إلى أن خطة الاستيراد هي خطة سنوية، وفي مثل هذه الحالات ليس للشركة المنتجة علاقة بتصدير كمية إضافية من الدواء في حال نفذت الكمية لدى الدولة المصدر إليها كما هو الحال في مصر حاليًا.

 

تابع عوف أن هيئة الدواء لم تقف مغلولة الأيدي بل تصرفت سريعًا ووفرت ثلاث بدائل للدواء لهم نفس المفعول منهم اثنين محليو الصنع، وواحدًا مستوردًا ،موضحًا أن الهيئة لديها مخزون من بعض هذه الأدوية عام كامل، وأخرى مخزونًا يكفي 4 أشهر.

 

أكد رئيس شعبة الأدوية على أن الهيئة وفرت الدواء بصيدلية الإسعاف وبأسعاره الطبيعية دون أي زيادة مؤكدًا أن أي مريض يحتاج الدواء يتوجه إلى الصيدلية والحصول عليه على الفور جازمًا بوجوده دون أدنى شك.

 

وأشار عوف إلى أنه يجب على المواطنين كذلك عدم الانجراف للتعامل مع تجار السوق السوداء لأنهم يستغلون الموقف ويبييعون الدواء إما مهربًا وبأسعار مبالغ فيها بصورة كبيرة، أو يبيعونه مغشوشًا ويؤدي إلى أضرار لا يحمد عقباها مشيرًا إلى أنه في حال شكوى المو .

 هيئة الدواء للمواطن: في حال نقص دواء الاتصال بالخط الساخن في الهيئة «15301» 

من جانبها أكدت هيئة الدواء المصرية بالفعل على أن المثائل المحلية لدواء التروكسين متوفرة بالأسواق بشركات التوزيع الكبرى مثل الشركة المصرية والمتحدة وابن سينا وفارما أوفرسيز لتوزيع الأدوية ويمكن طلبه من خلال الصيدليات وهي ( T4 THYRO TAB وTHYROXIN TAB)، معلنة توفر تلك المثائل بصيدلية الإسعاف بالقاهرة والشكاوى بشبرا وإسعاف الإسكندرية.

 

وكانت قد نوهت هيئة الدواء المصرية من قبل على المواطنين أنه في حال بحث مريض على دواء وعدم تمكنه من الحصول عليه وفي حال عدم وجود مثيل له الاتصال على رقم النواقص بهيئة الدواء المصرية وهو «15301»، لتوجيه الحلول اللازمة للمريض.