رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الدستور" يحاور أصحاب مشروعات التخرج بـ"فنون المنصورة" (صور)

الطلاب
الطلاب

في عالم مليء بالصراعات والتناقضات، يبحث الإنسان عن معنى لوجوده وهوية لذاته، وخلال رحلة بحثه، يلجأ إلى الفن كلغة عالمية تتجاوز الحدود والخلافات، وفي هذه اللغة، يعبر عن مشاعره وآماله وأحلامه بصدق وجرأة، فيستمع تلقائيًا إلى صوت الآخر ويتفاعل معه بتقدير واحترام.

هكذا فعل طلبة كلية الفنون الجميلة بجامعة المنصورة في مشروعات تخرجهم لعام 2023، التي كانت نافذة على عالمهم الداخلي والخارجي، ومظهرًا لمهارتهم وابتكارهم في استخدام مواد مختلفة لإنتاج أعمال نحتية ولوحات فنية تجسد موضوعات وأفكار متنوعة، وتعكس شخصياتهم وثقافاتهم وتطلعاتهم.

ولاقت هذه المشروعات إشادات واسعة من قبل رواد التواصل الاجتماعي، الذين تفاعلوا معها بتشجيع شديد، حين رأوا فيها تجسيدًا لروح الشباب وطاقته وإبداعه، وشاركوا حولها بآرائهم وانطباعاتهم وتساؤلاتهم، لينضموا إلى حوار حي ومستمر عن دور الفن في المجتمع.

"الدستور" حاورت عدد من الشباب الذين أبدعوا في تصميم هذه الأعمال الفنية بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنصورة، ليحكوا تجاربهم ورؤيتهم وراء إبداعاتهم التي تناولت موضوعات مختلفة بأسلوب جذاب ومميز.

الحمار الصاعد

فارس على محمود، طالب في شعبة النحت الميداني بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنصورة، قدم مشروع تخرجه تحت عنوان "الحمار الصاعد"، وهو عبارة عن منحوتة تجسد فكرة أنه من الصعب إزاحة القادة "المحدودين" الذين وصلوا إلى مناصب لا تليق بهم.

استخدم "فارس" مادة الطين الأسواني والحديد لتشكيل كاريكاتير يصور حمارًا يطير في الهواء دون أي دعامات، موضحًا خلال حديثه مع "الدستور"، أن التحدي الذي واجهه هو تحقيق هذه الفكرة بطريقة فنية نقية دون أي عوامل تشتيت.

وأضاف "فارس" أن هذا المشروع زاد من خبرته في مجال النحت وأهله للعمل في سوق الفن، مشيرًا إلى رسالته التي يريد إيصالها من خلال هذا المشروع، وهي التأكيد على ضرورة إعطاء كل شخص حقه وفرصته في المشاركة في المجالات المختلفة، وعدم حصرها في أيدي نخبة معينة.

وأعرب "فارس" عن خططه المستقبلية التي تتضمن مواصلة الإبداع في مجال النحت، والسعي لإكمال الدراسات العليا في هذا التخصص، كما ذكر بعض إنجازاته التي حققها، مثل حصوله على المركز الأول على مستوى الجمهورية في مهرجان "إبداع"، وجائزة التميز في مهرجان المسرح للعروض الطولية في تنفيذ المنحوتات في العرض.

اِلْتِقاء

في إطار مشروعات التخرج لطلاب شعبة النحت الميداني بكلية الفنون الجميلة، قدمت الطالبة نورين إبراهيم الشناوي، مشروعها المميز "اِلْتِقاء"، وهو تمثال من الطين يصور راقصة وراقصًا في وضعية متناغمة.

وقالت "نورين" في حديثها لـ"الدستور"، إنها أرادت التعبير عن الرقص في صورة جديدة وبأسلوب مختلف، فالرقص يعتبر علاجًا نفسيًا من الدرجة الأولى، ويحتوي على حركات مليئة بالمشاعر بجانب الحركات الإيقاعية.

أضافت أنها ركزت على المشاعر الموجودة في تعابير الوجوه والحالة التي يمر بها الراقصان، وإسناد المرأة رأسها على كتف الرجل كان لخلق مشهد إيقاعي متناغم، كما اعتمدت أيضًا على الأسلوب التجريدي التحليلي في العمل لتؤكد على شكل حركة الخطوط.

أوضحت "نورين" أن أول مرحلة في التمثال هي الكاريكاتير أو الهيكل الإنشائي الذي اتُّخذ بالحديد والسلك المجلفن واستخدمت الطين الأسواني في تنفيذ المشروع بالكامل، منوّهة إلى أن قاعدة التمثال خشب وعرضها 170 سم وطولها 3 أمتار.

واختتمت: "واجهت صعوبات كثيرة في تحقيق هذا المشروع، منها ارتفاع وحجم التمثال الكبير الذي وصل إلى 3 أمتار، ورغم ذلك، فإنها كانت تجربة مفيدة ومختلفة بالنسبة لي، وخرجت منها بمعلومات وخبرات جديدة".

الرحلة

فطيمة عصام الأسمر، طالبة في شعبة النحت الميداني بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنصورة، قدمت مشروع تخرجها باسم "الرحلة"، وهو عبارة عن تمثال لفتاة تقطف تفاحة من شجرة في حديقة، ولكنها تتحول إلى أغصان وجذع شجرة بسبب التفاحة.

تقول "فطيمة" إن فكرة المشروع هي إظهار كيف يمكن للتفاحة أن تكون نقطة تحول في حياة الإنسان، سواء بالإيجاب أو بالسلب، ولكنها اختارت الجانب الإيجابي، وهو التحول إلى حياة الأشجار التي تدل على الازدهار والصلابة.

أضافت: "استخدمت في المشروع مواد مختلفة، منها الحديد والخشب والطين، وواجهت صعوبات كثيرة في التشكيل والتثبيت والحفاظ على رطوبة الطين، ولكن ساعدني في تخطي ذلك، الخبرة التي اكتسبتها من دراستي في الكلية حول كيفية إتقان استخدام كل خامة والإبداع في كل عمل أقدمه، وذلك بفضل دور أساتذتي في تأهيلي لأصبح فنانة موهوبة".

واختتمت فطيمة حديثها مع "الدستور"، مشيرة إلى رسالتها من المشروع، وهي أن لا يدع الإنسان المشكلات أو المواقف تؤثر عليه سلبًا، بل يستفيد منها ليصبح أقوى وأكثر إيجابية، وأعربت أيضًا عن رغبتها في العمل في مجال التصميم بعد التخرج؛ لأنها تحب ابتكار أشياء جديدة ومختلفة.

نزعة

منار ياسر عرفة، شابة في الثالثة والعشرين من عمرها، تتميز بموهبة فنية في النحت البارز والخزفي، أطلقت على مشروع تخرجها بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنصورة، اسم "نزعة"، الذي يعبر عن الصراع الدائم بين الخير والشر داخل الإنسان.

تقول منار: "الإنسان لديه نزعتان متضادتان، إحداهما تدفعه إلى الخير والأخرى تجذبه إلى الشر، وهذا التناقض يظهر في أعمالي الفنية التي تجسد شخصيات مختلفة تحمل في داخلها جانبان متنافران، وأعتقد أن هذه الصراعات تتأثر بالبيئة والظروف التي نعيش فيها".

وتضيف: "كثير من المشاكل والضغوطات التي نواجهها قد تجعل منا كائنات دموية تؤذي كل من حولها، سواء كان ذلك بقصد أو بدون، لكن في نفس الوقت، أؤمن بأن هناك دائمًا خيرًا في نهاية المطاف، وهناك أيضًا شعاع أمل يضيء طريقنا نحو حياة أفضل".
 لتنفيذ مشروعها الفني "نزعة"، استخدمت "منار" مواد وأدوات خاصة بالنحت، منها الطين الأسواني الذي يتميز بلونه الأسود وقوامه الصلب، والدفرات المختلفة التي تساعد على تشكيل ونحت الطين بدقة وإبداع.

تؤكد "منار" أنها استفادت كثيرًا من دراستها في كلية الفنون التطبيقية، ومن توجيهات ونصائح هيئة التدريس، خاصة الدكتور عماد والمهندس محمد محارب والمهندس أحمد سعد والمهندس محمد حبيش، الذين علموها تقنيات وأساليب جديدة في فن النحت، وساعدوها على تطوير مستواها وإخراج أعمال فنية ذات جودة عالية.

وتختم الفتاة العشرينية بالحديث عن خططها المستقبلية، فتقول: "طموحي هو أن أقدم أعمالًا جديدة ومبدعة تعكس شخصيتي ورؤيتي للحياة، وأشعر بالسعادة الكبيرة لحصولي على المركز الأول في شعبة النحت البارز، وهذا يشجعني على الاستمرار في تحقيق أحلامي، وأن أصبح جزء من هيئة التدريس في جامعة المنصورة، وأساهم في تعليم وتدريب الطلاب على فن النحت والخزف".

تمرُد

روان عبد الله البرعي، طالبة في شعبة النحت البارز بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنصورة، تقدمت بمشروع تخرجها المبتكر تحت عنوان "تمرُد"، والذي يعبر عن رغبة الفرد في التحرر من قيود المجتمع والصراع الذي يواجهه من قبل أولئك الذين يحاولون إعادته إلى نمط حياتهم.

تقول "روان": "استخدمت تقنية مزج النحت الميداني والنحت البارز لإظهار فكرتي بشكل فني وجذاب، وهذا أول مشروع من نوعه في كلية الفنون الجميلة بجامعة المنصورة، كما اعتمدت في تنفيذ المشروع على أدوات بسيطة مثل دِفر سلك وسكينة خشب وطين أسواني".

 واجهت الفتاة العشرينية بعض التحديات في التعامل مع النحت الميداني؛ لأنه ليس تخصصها، لكنها تغلبت عليها بالصبر والمثابرة، مؤكدة أنها اكتسبت خبرات كثيرة خلال فترة دراستها بفضل دعم وإرشاد أساتذتها وزملائها.

 روان تطمح إلى مواصلة دراستها العليا والحصول على درجة الماجستير في الفنون الجميلة، كما ترغب في الحصول على انتداب للعمل في كليتها والمشاركة في معارض فنية محلية ودولية.
 

واختمت حديثها: "لا شيء صعب أو مستحيل، ولا شيء يسمى لا أستطيع، فقط يجب أن نجرب ونحاول كثيرًا".

تالتة ثانوي

سمر باسم محمد، طالبة في شعبة النحت البارز بكلية الفنون الجميلة جامعة المنصورة، تقدمت بمشروع تخرج مميز يعكس معاناة الطلاب في زمن الأزمات، أطلقته باسم (تالتة ثانوي)، وهو عبارة عن جدارية كبيرة تصور تعابير وجهية لشخصيات مختلفة تواجه صعوبات نفسية وجسدية بسبب ضغوط الحياة والدراسة.

 "سمر" تقول إنها استخدمت أدوات نحت متنوعة من الدفر إلى الطين الأسواني، وأضافت بعض الخامات الأخرى مثل الفرش والأقمشة لإضفاء ملامس مميزة على عملها، كما استخدمت يديها بشكل مباشر لتشكيل بعض التفاصيل.

 وتضيف أن التحدي الأكبر كان في الوقت والمجهود المطلوبين لإنجاز جدارية ضخمة تصل إلى ثلاثة أمتار في الطول أو العرض، وذلك في فترة زمنية محدودة، مؤكدة أنها استفادت من نصائح وإرشادات أساتذتها ومهندسيها في كلية الفنون، كما حاولت اختيار ما يناسب طريقتها وأسلوبها في التعبير عن فكرتها.

 وعن رسالتها من المشروع، توضح: "إلقاء الضوء على المشكلات التي يعاني منها بعض الأهل والأطفال، وأن أبرز دور الفن كرسالة تصل إلى قلوب الناس، فالنحت البارز هو فن جميل قديم يثير إعجاب الناس دائمًا".

"سمر" تخطط لمستقبلها بأن تستكمل دراستها العليا في مجال الفنون، وتساعد الطلاب الجدد بشكل أكبر؛ لأنها تؤمن بأهمية الأجيال الصاعدة، كما تحلم بدراسة مجالات أخرى مثل التصميم الجرافيكي والرسوم المتحركة، وأن تصنع قصص رسومية بسيطة تستند إلى خيالها.

هجرة

تقول إيمان عبد الجليل رخا، طالبة في قسم النحت البارز بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنصورة، إنها خصصت مشروع تخرجها الذي يحمل عنوان "هجرة"، ليتناول قضية الهجرة غير الشرعية بشكل فني ومعبر.

 في هذا المشروع، استخدمت "إيمان" تقنية النحت البارز على جدارية من الطين بأبعاد 3×2 متر، ووضعت كتلة طينية على خشبة مثبتة بمسامير وسلك، ثم رسمت التصميم الذي تمت الموافقة عليه من قبل أساتذة ومهندسي الكلية.

وتستكمل "إيمان" حديثها مع "الدستور": "استخدمت أدوات مختلفة لإخراج التفاصيل والأشكال المطلوبة، أشهر هذه الأدوات هي الدفرة السلك التي تستخدم لإزالة الطين الزائد، ولكن التحديات التي واجهتني في تنفيذ المشروع هي حجم المساحة التي عملت عليها، فهذه أول مرة أقوم بإنشاء جدارية بهذه الأبعاد، كما كان علي أن أضع في اعتباري التوازن والتناسق بين العناصر المختلفة في التصميم".

وتستطرد: "فكرة المشروع جاءت من رغبتي في تسليط الضوء على معاناة الشباب الذين يختارون الهجرة كحل لمشاكلهم، دون أن يدركوا خطورة هذا القرار على حياتهم وأسرهم، وركزت في عملي على مشهد الوداع، الذي يعبر عن حزن وأسى المغادرين والباقين".

رسمت "إيمان" وجوه نساء يودعن أزواجهن أو أبناءهن أو إخوانهن، وأظهرت في تعابيرهن مزيجًا من الخوف والقلق والحسرة، كما رسمت مركبًا صغيرًا يحمل المهاجرين غير الشرعيين، والذي يرمز إلى خطورة المغامرة التي يخوضونها.

واختتمت: "أردت من خلال هذا المشروع إيصال رسالة إلى كل من يفكر في الهجرة غير الشرعية، أن هذا ليس حلاً لأزماته، بل هو سبب لإضافة المزيد من المآسي إلى حياته، فالهجرة تحتاج إلى تخطيط وإعداد وإجراءات قانونية، وليست مجرد ركوب مركب والسفر إلى الغربة".

مُنذ اليوم الأول

دينا عمرو عبدالسلام، طالبة في قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة جامعة المنصورة، قدمت مشروع تخرجها بعنوان (مُنذ اليوم الأول)، وهو عبارة عن سلسلة من اللوحات الزيتية التي تستكشف علاقة الأخوات التوأم والحب النقي والارتباط القوي بينهم.

استخدمت "دينا" في تنفيذ المشروع "توال" مقاس ١٨٠*٢٧٠، وهو السطح الذي ترسم عليه التصميم، ويتألف من إطار خشبي يثبت عليه قطعة من القماش، لإظهار تفاصيل وجوه وأجساد التوأم في مشاهد مختلفة من حياتهم.

تقول "دينا" إنها لم تواجه صعوبات كبيرة في إنجاز مشروعها، كما استفادت من دعم زملائها في القسم وتوجيهات أساتذتها في الكلية.

واختتمت الفتاة العشرينية حديثها، مؤكدة أن دراستها في كلية الفنون الجميلة ساهمت في تطوير مستواها التعليمي وشخصيتها أيضًا، وأن خططها للمستقبل هي المشاركة في معارض فنية كبرى وتعليم وإفادة المهتمين بالفن.