رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أعضاء القافلة الدعوية: العمل الصالح يعمُّ كل ما يسهم فى عمارة الأرض

أعضاء القافلة الدعوية
أعضاء القافلة الدعوية المشتركة

انطلقت، اليوم الجمعة، قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف إلى  محافظة المنوفية، وتضم عشرة علماء، خمسة من علماء الأزهر الشريف، وخمسة من علماء وزارة الأوقاف، ليتحدثوا جميعًا بصوت واحد حول موضوع: "مفهوم العمل الصالح وفضائل العشر"، وذلك في إطار التعاون المشترك والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والأزهر الشريف.

وأكد علماء الأزهر والأوقاف أن مفهوم العمل الصالح في الإسلام عام واسع، يشمل ما فرضه الله تعالى على عباده من الطاعات والعبادات، كما يشمل طيِّب الأخلاق وجميل القِيَم التي تُسهم في بناء مجتمع مترابط، يسوده التسامح والتآخي والتكافل والتراحم، حيث يقول الحق سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، ويقول سبحانه: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، ويقول (صلى الله عليه وسلم): :إِنَّ أَحبَّكم إليَّ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا، الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ أَبْوَابَ الْخَيْرِ لَكَثِيرَةٌ: التَّسْبِيحُ، وَالتَّحْمِيدُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَالتَّهْلِيلُ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَتُسْمِعُ الْأَصَمَّ، وَتَهْدِي الْأَعْمَى، وَتَدُلُّ الْمُسْتَدِلَّ عَلَى حَاجَتِهِ، وَتَسْعَى بِشِدَّةِ سَاقَيْكَ مَعَ اللَّهْفَانِ الْمُسْتَغِيثِ، وَتَحْمِلُ بِشِدَّةِ ذِرَاعَيْكَ مَعَ الضَّعِيفِ ، فَهَذَا كُلُّهُ صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ".

وأشاروا إلى أن مفهوم العمل الصالح يعمُّ كل ما يسهم في عمارة الأرض، وتنمية الأوطان، ونفع الإنسان، حيث يقول الحق سبحانه: "هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ". 

وأكدوا أن الحق تبارك وتعالى امتنَّ علينا بمواسم للخيرات، يضاعف فيها ثواب العمل الصالح، ويُجزِل فيها لعباده العطاء، ومن أعظم هذه المواسم العشر الأُول من ذي الحجة، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "أفضلُ أيامِ الدنيا أيامُ العشْرِ"، ويقول (عليه الصلاة والسلام): "مَا مِنْ أيَّامٍ العَمَلُ الصَّالحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إلى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأيَّامِ العَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، ولا الجهادُ في سَبِيلِ اللهِ؟ فقال (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم): ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ، إلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ"، ويقول ابن رجب (رحمه الله): "لَمَّا وضع اللهُ سبحانه وتعالى في نفوس عباده المؤمنين حنينًا إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كلُّ أحد قادرًا على مشاهدته كل عام؛ فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره، وجعل موسمَ العشر مشتركًا بين السائرين والقاعدين".

كما أوضحوا أن العشر الأول من ذي الحجة هي الأيام المعلومات التي يستحب فيها الإكثار من ذكر الله تعالى، حيث يقول الحق سبحانه: "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ"، والذكر حياة القلوب وسكينتها وطمأنينتها، يقول سبحانه: "الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"، ويقول تعالى: "وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "فأكثروا فيهنَّ – أي: في أيام العشر- من التهليل والتكبير والتحميد"؛ لذلك كان سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يكبِّر في قبته بِمِنًى في أيام العشر، فيسمعه أهل المسجد فيكبِّرون، ويكبِّر أهل الأسواق حتى ترتج منًى تكبيرًا، كما كان ابن عمر (رضي الله عنهما) يكبِّر بِمِنًى تلك الأيام خلف الصلوات وعلى فراشه، وفي مجلسه وممشاه، وأن من الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة الإكثار من الصيام، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ الله بَاَعَدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ؛ جَعَلَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ"، وكان (صلى الله عليه وسلم) يَصومُ تِسعَ ذي الحجّةِ، ويَومَ عاشوراء، وثلاثةَ أيّام مِن كلّ شهرٍ.

وأنه مما لا شك أن تفقُّد أحوال الفقراء والمساكين واليتامى والمُحتاجين وسد حاجتهم من أحب الأعمال وأفضلها في هذه الأيام المباركة، لا سيما مع قرب عيد الأضحى،  حيث تُدخل الصدقاتُ البشرَ والسرورَ في قلوب الناس، يقول الحق سبحانه: "مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ"، ويقول سبحانه: "وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}، ويقول تعالى: "الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ؛ تَكشِفُ عنه كُربةً، أو تقضِي عنه دَيْنًا، أو تَطرُدُ عنه جوعًا، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ- يعني: مسجدَ المدينةِ- شهرًا".