رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى الجزء الثانى من حواره مع الإعلامى محمد الباز ببرنامج «الشاهد»

المخرج خالد يوسف: خطر الإخوان لم ينته.. ولو لم ينزل الجيش لحمايتنا من بلطجية الجماعة الإرهابية فى 30 يونيو لوقعنا فى مهلكة

الدكتور محمد الباز
الدكتور محمد الباز يحاور خالد يوسف

- 2001 قدم للسينما فيلم «جواز بقرار جمهورى»

- 2008 قدم للسينما فيلم «الريس عمر حرب»

- 2010 عرض له فيلم «كلمنى شكرًا» 

-2011  قدم للسينما فيلم «كف القمر» 

- وزير الداخلية طلبنى ليضمن عدم احتكاك المتظاهرين بالشرطة و«الشاطر» اعتبر ذلك مؤامرة ضدهم

- تصوير الميادين كان فكرتى منذ 25 يناير وصورت 30 ساعة لم يُذع منها إلا 15 دقيقة

- التنظيم شكك فى أعداد المتظاهرين قبل أن أطلب التصوير وفبركة «الشوت» تحتاج عدة ساعات

- اشتريت حقوق «سره الباتع» فى 2009 لاستخدامها كـ«بشارة» من بشارات ثورة يناير 

قال المخرج خالد يوسف إن تشكيك الجماعة الإرهابية ورموزها فى أعداد المتظاهرين ضدها فى ثورة ٣٠ يونيو وحديثها عن فبركة المشاهد بدأ حتى قبل أن يطلب تصوير المظاهرات، التى صور منها أكثر من ٣٠ ساعة على مدار ٣ أيام ولم يُذع منها إلا نحو ١٥ دقيقة، موضحًا أن فكرة تصوير الميادين جاءته أثناء ثورة ٢٥ يناير، وطلب بالفعل تصوير ميدان التحرير لتوثيق التاريخ إلا أن طلبه قوبل بالرفض.

وفى الجزء الثانى من حواره مع برنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الكاتب الصحفى والإعلامى الدكتور محمد الباز، عبر قناة «إكسترا نيوز»، تستكمل «الدستور» نشر شهادة المخرج خالد يوسف حول أحداث ثورة ٣٠ يونيو ضد حكم الرئيس الإخوانى محمد مرسى، ابتداء من تصاعد الاحتجاجات ضد حكمه، وتفاصيل اعتصام المثقفين فى مقر وزارة الثقافة قبيل الثورة بعدة أيام، مرورًا بحملتهم الموجهة ضد مسلسل «سره الباتع»، الذى عرض فى شهر رمضان الماضى، ووصولًا لرؤيته للجماعة وخطرها على مصر وكيفية مواجهته. 

■ هل تصاعدت احتجاجات المثقفين على وزير الثقافة الإخوانى لتطالب برحيل النظام؟ 

- منذ اللحظة الأولى من الاحتجاجات فى مقر وزارة الثقافة أعلنّا نحن الفنانين والمثقفين اعتصامنا حتى يوم ٣٠ يونيو، عندما يخرج الشعب لإسقاط النظام، وأننا سنكون فى الصفوف الأولى.

■ لماذا التقيت مع وزير الداخلية قبل ٣٠ يونيو ٢٠١٣؟

- وزير الداخلية آنذاك، وهو اللواء محمد إبراهيم، طلب اللقاء بالقوى الوطنية وقادة حركة «تمرد»، لكنهم رفضوا، وكان تقديرهم للموقف أن الشرطة ستضرب المتظاهرين فى ٣٠ يونيو، وكان مانشيت الصحف «تمرد ترفض لقاء وزير الداخلية».

ثم كلمنى اللواء علاء محمود، مسئول العلاقات العامة بالوزارة، وكان صديقى، وقال لى: وزير الداخلية لديه حديث مهم لكم، وطلب منى أن أقابله، فرجعت للناس وقلت لهم: يبدو إن فيه كلام لا بد نسمعه، فوافقوا على ذهابى، وذلك اللقاء هو ما اعتبره خيرت الشاطر مؤامرة من الدولة والجيش على الإخوان.

■ ما تفاصيل ما دار بينكم فى اللقاء؟ وكيف استقبل الثوار نتائجه؟

- وزير الداخلية أراد أن يطمئن المتظاهرين بأن الداخلية لن تضربهم، وأنهم سيحمونهم حال حدوث عنف تجاههم، وكانت وجهة نظره أن المتظاهرين تراودهم فكرة أن الشرطة ستضرب، وخشى أن يبدأ المتظاهرون الاحتكاك بالشرطة وتندلع معركة لا داعى لها. وعندما عدت لـ«جبهة الإنقاذ» أخبرتهم بما دار، وسألونى: صدقته؟، فأجبت: صدقته بنسبة مليون فى الـ١٠٠، وأنا رجل أفهم فى الكذب، ورأيته صادقًا للغاية ويريد طمأنة المتظاهرين حتى لا يبادروا بالعنف. ومسيرة المثقفين بدأت تتحرك يوم ٣٠ يونيو من وزارة الثقافة لميدان التحرير، وتحركت مع مجموعة أخرى من ميدان الجلاء، وحينها شاهدت مجموعة ضباط شباب خارجين من نادى ضباط الشرطة فى شيراتون القاهرة، وعندما رأوا المتظاهرين يهتفون بسقوط النظام هتفوا أيضًا يسقط النظام، فحمل المتظاهرون الضباط على أكتافهم.

■ ما تفسيرك لالتحام شباب الشرطة مع الشعب فى ٣٠ يونيو؟ 

- الضباط لم يكونوا فى مهمة رسمية، وذلك الالتحام، رغم استغلال الإخوان له وترديد أكذوبة أن ثورة ٣٠ يونيو من صنع مؤسسات الدولة والجيش، يجب ألا ننكره، والحقيقة أن وجدان مؤسسة الدولة هو ذاته وجدان الشعب المصرى، وطبيعى أن المؤسسات لو عندها وعى أكبر من وعى الشعب- وأنا دائمًا أقول الشعب هو المعلم والقائد- كان يجب أن يكونوا مدركين لخطورة المشروع الإخوانى.

والضباط نزلوا مع الشعب كمواطنين، ولم تكن هناك تعليمات من مؤسسات الدولة بالنزول، بل إن الإخوان كانوا مسيطرين على الوزارات، فالوزراء والمحافظون إخوان، لكن وجدان الشعب المصرى واحد، والكل مع فكرة رحيل الإخوان ومحمد مرسى.

■ كيف ترد على نظرية الإخوان بأن ٣٠ يونيو مؤامرة عليهم؟

- الإخوان ارتضوا بأن تدير القوات المسلحة البلاد فى ١١ فبراير عندما تنحى حسنى مبارك، فالجيش هو من حمى الثورة وانضم لإرادة الشعب المصرى فى مطالبه فى ٢٥ يناير، فلماذا عندما أيد الجيش الإرادة الشعبية فى ٣٠ يونيو أصبح الأمر انقلابًا؟ فحتى الثوار ارتضوا بأن يؤمّن الجيش الثورة فى الـ١٨ يومًا، ولا يوجد أحد من شباب الثورة قاطبة إلا وسؤاله وهاجسه الأكبر كان: هل الجيش سيحمى؟ لأنهم عارفين إن الإخوان بلطجية.

■ ماذا كان سيحدث من وجهة نظرك لو لم يدعم الجيش اختيار الشعب فى هذا الوقت؟

- لو الجيش منزلش كانت هتبقى مهلكة، كان الإخوان سينتظرون حتى يمل الشعب من الاعتصام فى الميادين، ورويدًا كانت جموع الملايين فى الميادين ستقل، ويُجهز بلطجية الإخوان على من يتبقى منهم صامدًا، وهذا ليس تكهنًا، بل هذا ما قاله نجل خيرت الشاطر لأحد الصحفيين، فهو قال نصًا: «سنتركهم فى الميادين حتى رمضان وننزل عليهم رجالتنا يقطعوهم».

■ متى تولدت فكرة تصوير أحداث مظاهرات ٣٠ يونيو؟ ومتى اتهمكم الإخوان بفبركتها؟ 

- فكرة التصوير كانت عندى من ٢٥ يناير ٢٠١١، وكلمت الشئون المعنوية فى ٢٥ يناير وطلبت منهم أن يسمحوا لى أن أصور الميدان بطائرة بغض النظر عن المآلات وعن موقفهم، لأن ما يحدث هو جزء من تاريخ مصر، وسواءً فشلت الثورة أو نجحت فلا بد أن يوثق ذلك، لكنهم رفضوا، وقبل ٣٠ يونيو طلبت نفس الطلب وهذه المرة وافقوا.

والإخوان اتهمونى حتى قبل أن تبدأ الثورة، وتوجد مداخلة تليفزيونية مهمة مع عصام العريان يوم الجمعة ٢٨ يونيو، قال فيها إن الموجودين فى الميادين بضعة آلاف ولا يعبّرون عن شىء وإن وجدتم فى يوم ٣٠ يونيو ملايين فإنه من صنيعة مخرج معروفة توجهاته.

أى أن الإخوان جهزوا سيناريو التشكيك لو نزلت ملايين، وكانت مداخلته هذه قبل أن أطلب من الشئون المعنوية أن أصور المظاهرات.

■ وكيف ترد على اتهامات الفبركة؟

- لقد صورنا الميادين وعرضنا المشاهد بعدها بدقائق، وجميع العاملين فى الإخراج والتصوير والمونتاج يدركون جيدًا أنه لعمل «شوت» بمجاميع مزيفة يحتاج الأمر ساعات وليس دقائق.

■ كيف بدأت التصوير فى ٣٠ يونيو؟ وما أكثر مشهد لفت انتباهك؟

- خرجت يومها ٣ طائرات، جميعها بدأت تصوير ميادين القاهرة، ثم اتجهت الطائرة الأولى إلى الإسكندرية، وخلال الطريق تم عمل مسح تصويرى لكل الدلتا، ثم عادت، والثانية اتجهت جنوبًا للصعيد، والثالثة خرجت من ألماظة لتصور القاهرة واتجهت لمدن القناة، وكنت موجودًا فى الرحلات الثلاث. 

وأكثر مشهد لفت نظرى هو القرى المصرية، فى كل قرى الدلتا، فمن لم يتمكن من سكانها من الخروج للمركز أو العاصمة خرج فى شوارع القرى، وكانت إحدى القرى يقطنها ٥ آلاف مواطن ونزلوا جميعهم، لهذا أقول بكل يقين إن من نزلوا الميادين فى ٣٠ يونيو أكثر من ٣٠ مليونًا، ومن لم ينزل لوّح من بيته بالأعلام.

■ هل صورت كل ميادين مصر؟

- صورت ٣٠ ساعة، خلال ٣ أيام، ولم يُذع منها سوى ١٥ دقيقة، وصورت جميع ربوع مصر فى ذلك اليوم عدا ميدان رابعة، وفهمت أنها تعليمات من القيادة بألا تقترب الطائرة من رابعة حتى لا تُستهدف برشاش، وأعداد المعتصمين الموالين لجماعة الإخوان فى ميدان رابعة العدوية كانت قليلة ولم تزد إلا بعد ٣ يوليو، عندما أعلن عزل محمد مرسى.

وقد استخدمت فى مسلسل «سره الباتع» بعض المشاهد التى صورتها من ميدان التحرير وقصر الاتحادية، ومشاهد من ٤ محافظات، منها بلد حسن طوبار، وبلد محمد كريم، وبلد السلطان حامد.

■ كيف تصف مشهد ٣٠ يونيو كما رأيته؟

- مشهد ٣٠ يونيو حضرت فيه الدولة المصرية، فالدولة ليست النظام، وإنما الشعب والأرض والحكومة، وقد رأيت الدولة المصرية بكل قواها الناعمة، الأزهر والكنيسة، والقوى الخشنة الجيش، ومصر كلها كانت موجودة.

■ كيف حدث التوفيق بين القصة التى تتحدث عن السلطان حامد والاحتلال الفرنسى والاحتلال الإخوانى فى «سره الباتع».. ولماذا كان الاحتلال الفرنسى مشابهًا لاحتلال الإخوان؟

- اشتريت حقوق رواية «سره الباتع» فى ٢٠٠٩ لاستخدامها كبشارة من بشارات الثورة، حيث كنت أقدم فى أفلامى «دكان شحاتة»، و«هى فوضى»، و«حين ميسرة» استشرافًا للثورة، وكنت أرى أن البلد سيشهد حالة من حظر التجوال، وأن هناك دبابات سوف تنزل على الأرض، وذقونًا ستسيطر على الشوارع.

ورؤية «سره الباتع» كانت خروج الإخوان والفرنسيين فى نفس الوقت بإرادة المصريين، وكنت سأقدمها من خلال فيلم وليس مسلسلًا فى عام ٢٠١٢، لكن لم أتمكن من ذلك، لأن العمل كان يحتاج منى للتفرغ، وكنت مشغولًا بتعاقدات أخرى. 

وعندما جاءت الثورة سرعان ما احتل الإخوان البلد، وهنا ازدادت أهمية رواية «سره الباتع» فى ذهنى، وعقدت مقاربة، وهى: لماذا الاحتلال الفرنسى هو الاحتلال الوحيد فى تاريخ المصريين الذى لم يستمر لأكثر من ثلاث سنوات، فى حين أن باقى الاحتلالات من هكسوس ورومان وإنجليز كانت تصل مدتها إلى ٧٠، أو ١٠٠، أو ٢٠٠، أو ٣٠٠ عام؟

وأخذت أقرأ لماذا استمر الاحتلال الفرنسى فى مصر ٣ سنوات فقط، ووضعت يدى على تحليل مفاده أن المصرى يمتلك قرون استشعار، فعندما استشعر المصرى أن الهوية الوطنية مهددة وأن الاحتلال الفرنسى يختلف عن أى احتلال ويريد أن يحول مصر إلى جزء من فرنسا ويغير ملامح الشخصية المصرية ويتدخل فى عادات المصريين وطقوسهم وصفاتهم ومواصفاتهم، فإن المصرى فى هذه الحالة يستنفر ولا يعرف سبب استنفاره. والمقاربة التى عقدتها بين الاحتلال الفرنسى والإخوان وجدت خلالها أن الاحتلال الفرنسى اقترب من الهوية المصرية الوطنية، وحاول أن يغيرها فلفظه المصريون، ومن هنا توصلت إلى أن الإخوان لن يستمروا كثيرًا. 

■ فى رأيك.. كيف ترى مشروع واستراتيجية تنظيم الإخوان؟

- أعرف جيدًا ما الذى يقوم عليه مشروع الإخوان، فالدولة الوطنية المصرية ومكوناتها لا تعنيهم فى شىء، فالإخوان لا يعتنقون فكرة الأوطان، ووطنهم هو دولة الخلافة، وهى فكرة عالمية أو أممية، مثل فكرة الشيوعية، فهم يريدون أن يجعلوا العالم كله تحت سيطرتهم.

■ لماذا لم يكتمل مشروع «سره الباتع» كفيلم سينمائى؟

- كتبت معالجتى كاملة لـ«سره الباتع» فى ٢٠١٢ بعدما وصل الإخوان إلى الحكم، وتحدثت مع نجيب ساويرس، الذى كان قد أنتج لى آخر أفلامى، وطلبت مقابلته فأخبرنى بأنه فى لندن، وسافرت له وشرحت له مشروع «سره الباتع»، وبأنه سيكون فيلمًا للنصر على الإخوان، بحيث يتم تنفيذه، وبعد خروج الإخوان يكون الفيلم جاهزًا ونستشرف فيه ما سيحدث.

كنت أضع تصورى بأن الأحداث ستتم فى الميدان، وينتهى الفيلم بخروج الفرنسيين وخروج الإخوان من الحكم، وقد أُعجب نجيب ساويرس كثيرًا بالفكرة، لكن سرعان ما حدثت له بعض العراقيل التى افتعلها الإخوان وانشغل بها، وكان ذلك سبب عدم التنفيذ.

وعندما عدت لطرح الفكرة من جديد لم أكن أريد البعد عن رؤيتى فى ٢٠١٢، وعملت على تعميق كل خط من الخطوط، واكتشفت أنه من الصعب تنفيذ العمل فى فيلم، خاصة أن هناك عالمين؛ أحدهما من ٢٠١٠ إلى ٢٠١٣، والآخر من ١٧٩٨ إلى ١٨٠١، وكان العالمان والشخوص والخطوط الدرامية أكبر من أن يتحملها فيلم.

وبالتالى، كان القرار بتنفيذ «سره الباتع» كمسلسل بنفس رؤيتى عام ٢٠١٢، حيث يخرج الإخوان ويخرج الفرنسيون، وفى نفس الوقت تخرج المقولة الأساسية للرواية وهى أن تجمّع إرادات المصريين يصنع معجزات.

■ كيف وظفت معرفتك بشخصية الإخوانى بشكل درامى فى «سره الباتع» ؟

- راعيت الصدق فى توصيف الإخوان دراميًا، وكنت أمينًا جدًا وتحدثت عنهم مثلما عرفتهم تمامًا، ودور «معتصم»، الذى جسده الفنان علاء حسنى، قدمته على أنه الإخوانى الصرف الذى أعرفه وعاشرته من الجامعة إلى الميدان، كما نفذت كل مشاهداتى منذ ٢٠١٠ وحتى ٢٠١٣، وخبرتى بهم هى التى جعلتنى أقدم شخصية الإخوانى «معتصم» وجماعته بالشكل الذى أعتقد أنهم عندما شاهدوه قالوا إن خالد يوسف كان يجلس بجوارنا، فقد قلت كل شىء بصدق شديد دون امتلاكى أى درجة من درجات الثأر ناحية الإخوان. 

■ كيف رأيت حالة الهجوم المنظم على المسلسل؟ وما أكثر هجوم أزعجك؟

- صرحت مسبقًا بأننى قدمت «سره الباتع» برؤية معاصرة تاريخية تصنع مقاربة بين الاحتلال الإخوانى وبين الاحتلال الفرنسى، وكان الإخوان مستعدين للهجوم، وجرّوا بعض الناس دون أن يشعروا لموجة هجوم أيضًا حتى يقللوا من مشاهدة العمل.

وأكثر هجوم أزعجنى تمثل فى أولئك الذين يدّعون العلم، «واحد كده يقولك أنا قرأت فى (الجبرتى) بأنه لم يكن هناك سفرة فى ذلك الوقت، ولم يكن يوجد (كاريتة) يجرها حصان»، فى حين أن الصور متواجدة فى كتاب «وصف مصر»، والعربة الحربية صنعها «أحمس» منذ آلاف السنين، فهل ظل المصرى لآلاف السنين لا تأتيه فكرة فى ذهنه بأن العجلة الحربية التى يجرها حصان من الممكن أن يحوّلها إلى عربة كارو؟، كما أن سفرة الطعام كانت موجودة فى أدبيات الأسرة المصرية فى الأسر الثلاثين الفرعونية، أى أنها كانت موجودة منذ ٧ آلاف سنة.

وهناك من هاجمنى من الوسط الفنى أيضًا، وقللوا من الجهد الكبير المبذول فى تصوير «سره الباتع»، لدرجة أنهم استفزونى وجعلونى أسألهم: «تعرفوا إيه بقى عن تاريخ السينما المصرية يتفوق على تصوير المعارك والمجاميع فى (سره الباتع) بخلاف المخرج يوسف شاهين فى (الناصر صلاح الدين)»؟، لكن لم يرد منهم أحد، وصرحوا بأن كلامى كان فيه «تعالٍ»، و«مش أوى كده يا عم خالد». وكان المطلوب إنهم يجاوبونى.. مش إحنا عندنا تاريخ للسينما والمسلسلات.. هاتوا لى هذه المعارك وهذه المجاميع وضعوها بجانب المشاهد فى المسلسل، لكن ردهم كان «خالد يوسف واخد قلم فى نفسه، هو فاكر نفسه مين، خالد يوسف يتطاول على أساتذته»، وأنا لا أتطاول على أحد.. أنا أتحدث عن معارك تاريخية ومجاميع.

■ هل حاول الإخوان التواصل معك عندما سافرت للخارج؟

- نعم، حاول الإخوان التواصل معى كثيرًا، لكن بابى كان مغلقًا، لأنه لو سيحكم مصر الهكسوس سيكون أخف عندى من حكم الإخوان، فالهكسوس أو التتار أو أى محتل آخر يعتبر «محتلًا صريحًا» لن يسكت عليه المصريون، وسيطردونه تحت أى ظرف حتى لو استمر كثيرًا. الوضع مختلف بالنسبة للإخوان كمحتلين، حيث إنهم يعتبرون مواطنين مصريين، واحتلالهم سيكون خطرًا على تغيير الهوية، فلو استمروا أربع أو خمس سنوات ستكون مصر غير مصر، لأنهم كانوا سيعملون على أخونة مفاصل الدولة، ومن ثم تغيير عادات الناس.

إذا كنت مختلفًا مع النظام فهو أمر مشروع فى النهاية ويؤخذ منه ويرد، وقد أكون على صواب أو على خطأ، لكن الذى لا يؤخذ منه ويرد هو أن أذهب وأنضم لأساعد جماعة الإخوان بسبب اختلافى على سياسات مع النظام، ففى هذه الحالة أكون رجلًا أعمى البصر والبصيرة، فأنا أختلف مع النظام، لكن على أرضية الدولة وعلى أرضية مصالح الدولة المصرية، فهى أشياء لا يجب المساس بها، وتنظيم الإخوان معادل موضوعى لهدم الدولة المصرية.

■ هل تعتقد أن خطر جماعة الإخوان انتهى؟ 

- إن خطر جماعة الإخوان لم ينته لأسباب تتعلق بأن المسألة فكرة والفكرة ما زالت باقية، وعندما تتم مواجهة الإخوان أمنيًا، مثلما واجهتهم الدولة أمنيًا وانتصرت عليهم، فما هو مصير أولاد الإخوان وتلاميذهم وكتبهم؟.. المشوار طويل، وحتى نستطيع أن ننتهى من التطرف الدينى بشكل عام فإننا بحاجة إلى عمليات كبيرة جدًا. خطر الإخوان لن ينتهى فى سنة أو سنتين أو عشر سنوات، والمسألة قد تستغرق أجيالًا تتم تربيتها وجدانيًا، بحيث لا يقع أحد منهم فى خانة أن يخرج ويمسك بمدفع ويصبح إرهابيًا، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال دخول الثقافة، وأن نربى أبناءنا لأن يكون لديهم تذوق فنى، من خلال الباليه والمسرح وغيرهما من الفنون، بحيث لا ينبت إخوانى أو إرهابى جديد، وحتى لا ينبت إخوانى أو إرهابى جديد لا بد أن تمتلك الدولة المصرية اجتهادات فكرية تدحض جميع فقه وأفكار وأولويات جماعة الإخوان. وهناك فرض عين على الدولة المصرية بأن تسير فى مشوار مواجهة جماعة الإخوان فكريًا، حيث يقوم الأمن بدوره، وهو فرض عين عليه فى الوقت الراهن، لأن هناك أرواحًا ستزهق إذا لم يقم الأمن بدوره كما يجب. 

لكن دور الأمن ليس كافيًا وحده لأن نكون آمنين من خطر الإخوان فى القادم، فلا بد أن يكتمل هذا المشوار، وعلى الأمن أن يكمل مسيرته، لكن لا بد من إيجاد حركة فكرية وثقافية، ولا بد للقوى الناعمة المصرية أن تتدخل فى هذه المعركة، فسلاح الثقافة والفن من أهم الأسلحة التى لا تقل أهمية عن السلاح الأمنى.

■ هل من الممكن أن يكون هناك عمل سينمائى أو درامى للتصدى للأفكار المتطرفة والإرهاب؟

- بكل تأكيد.. كما أنه قبل ظهور جماعة الإخوان واحتلالها الدولة المصرية فإن كبار السينمائيين، أمثال وحيد حامد ويوسف شاهين وعاطف الطيب، تحدثوا عن مثل هذه الجماعة وأفكارها وحذروا منها، لكنهم ربما لم يكونوا يرون خطر هذه الجماعات بنفس الحجم الذى رأيناه بعد ٢٠١١.