رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر بتصلى على النبى!

الجدل الذى أعقب قرار وزارة الأوقاف بشأن الاجتماع للصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم عقب صلاة الجمعة، ذكرنى بما كان قد أورده فضيلة الإمام الشعراوى، رحمه الله، في كتابه "حكايتي مع هؤلاء".. يقول الشيخ الشعراوى: التقيت بالرئيس بومدين عندما سافرت إلى الجزائر بعد استقلالها كرئيس لبعثة "التعريب الأزهرية"، كان الجزائريون قد انتهوا من بناء أحد السدود، وذهب الرئيس لافتتاحه، وكنت من بين المدعوين لحضور هذا الاحتفال، وقف الرئيس يخطب ويقول إن هذا السد سيحجز كذا متر مكعب من المياه، وبذلك يمكنكم أن تقوموا برى زراعاتكم سواء أمطرت السماء أو لم تمطر! لم تعجبنى العبارة فقلت لعبدالعزيز بوتفليقة وزير الخارجية حينها "يا سى عبدالعزيز" قل للرئيس بومدين إن كلامه خطأ، ليس فقط من الناحية العقائدية التى تلغى المشيئة، ولكن من الناحية العلمية، لأنه إذا لم تمطر السماء فما الذى سيحجزه السد؟! ذهب بوتفليقة وأبلغ الكلام للرئيس فلم يعقب! بعد أسابيع قليلة من كلام بومدين حدث جفاف شديد بالجزائر، فلما حصل الجفاف قالوا نصلى صلاة الاستسقاء! واستقبل الناس الدعوة لصلاة الاستسقاء استقبالين، اعتبرها المتدينون من نسك الدين وأن الله سبحانه وتعالى قد شرعها لوقت الفزع، بينما قابلها الآخرون من أصحاب الثقافات غير الدينية والمعادية للدين بالاستهزاء، وقالوا ساخرين "إعملوا صلاة الاستسقاء بتاعتكم دى وشوفوا هتعمل لكم إيه!" أتى يوم الصلاة وجلسنا في الجامع الكبير ننتظر، ثم جاء بومدين ودخل المسجد وقبل أن يهم بالجلوس قلت لوزير الأوقاف اذهب وقل للرئيس يصلى ركعتين لتحية المسجد "إحنا جايين هنا نشحت من ربنا" بنقول يا رب وبنفزع إليه، فقل له يصلى ركعتين لله! ذهب وزير الأوقاف وأبلغ الرئيس فوقف وصلى ركعتين تحية للمسجد، وبعدها عملنا مراسم صلاة الاستسقاء والفزع إلى الله، صلينا وقعدنا ساكتين، طالت القعدة وطال السكوت فقلت لأحد المشايخ الجالسين بجانبى إحنا قاعدين ليه دلوقتى؟ مش نقوم نروح؟!  فقال لى اسكت إنت مش دارى، دى الدنيا بتمطر بره وبتشتى بغزارة، وراحوا يجيبوا مظلة للرئيس بومدين علشان يخرج بيها، فقلت الحمد لله ربنا سترها معانا!
انتهت حكاية الإمام الشعراوى وبقيت لنا كلمة.. 
منذ أن اقتنيت الكتاب وقرأته سنة ١٩٩٦ وهناك سؤال يدور فى رأسى لم أجد له إجابة، الذين تهكموا على صلاة الاستسقاء لماذا تهكموا؟ وماذا استفادوا؟! وهاأنا اليوم أتساءل.. الذين انتقدوا قرار الأوقاف بشأن الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلّم، لماذا ينتقدون؟ وماذا سيستفيدون؟! يا إخواننا إذا لم يرق لكم القرار فأنتم أحرار، ولن يجبركم أحد على فعل شىء لا تريدون فعله، فقط اتركونا وشأننا ولا تنغصوا حياتنا!
"سيبونا نصلى على النبى، يمكن ربنا يكرمنا". 
حفظ الله بلدنا وأعانكم وأعاننا.